يوم 6 أفريل من كل سنة هو لإحياء ذكرى وفاة الزعيم الحبيب بورقيبة. ولأنه الآن وهو في قبره عرضة لحملة حاقدة، أدعو جميع من يحبه ويحب تونس ويدافع عن الدولة الوطنية العصرية للتحول بكثافة يوم 6 أفريل المقبل لضريح بورقيبة في المنستير وقراءة الفاتحة والترحم عليه. لنتحول هناك أفراد وجمعيات وأحزاب، فقط كتونسيين وتونسيات. وليكن ذلك أحسن رد على محاولات الاستحواذ الإيديولوجي الحاقد. ورسالة للماضي والحاضر والمستقبل. بهذه الكلمات التي دونها على موقعه الرسمي على شبكات التواصل الاجتماعي منذ أكثر من أسبوع حشد الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق أنصاره والتونسيين ليهبوا لنصرة الزعيم الحبيب بورقيبة مما أعتبره حملة حاقدة ضده. ولا يعد مرزوق الوحيد الذي يحشد هذه الأيام لذكرى الزعيم بورقيبة فالكثير من الأحزاب والسياسيين يحذون حذوه، ودأبت منذ ما بعد ثورة الحرية والكرامة عديد الأحزاب والجمعيات على رفع شعار الدفاع عن بورقيبة وفكره وارثه ضد مخططات تشويهية لبورقيبة و محاولات للتراجع عن خيارات الدولة الوطنية العصرية والحديثة ومكاسب دولة الاستقلال التي ساهم بورقيبة رفقة عدد من الشخصيات الوطنية في ترسيخها والدفاع عنها. بدوره عبر حزب المبادرة ، أمس في بيان له بمناسبة ذكرى الحبيب بورقيبة عن شجبه الشديد للحملة الممنهجة التي تستهدف الزعيم الراحل،الحبيب بورقيبة ونضالاته . من جهة أخرى أكد الحزب الذي عبر عن افتخاره بمرجعيته البورقيبية، وعلى حاجة تونس اليوم إلى الاستلهام من الفكر البورقيبي النير ومن سيرة بورقيبة الذي كرس دعائم الوحدة الوطنية. تأجيج حملات التوظيف ولعل ما ساهم في مزيد تأجيج موجة التوظيف السياسي للدفاع عن الإرث البورقيبي ما صدر مؤخرا عن هيئة الحقيقة والكرامة بمناسبة جلسة استماع بمناسبة عيد الاستقلال حيث قدمت الهيئة شهادات اعتبرها البعض تحمل مغالطات وفيها الكثير من التحامل على الفترة البورقيبية كما أحدثت جدلا كبيرا حول الغايات من دعوة رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين لإعادة كتابة التاريخ. وقد أصدرت أمس المؤسسة البورقيبية للحوار من أجل التنمية والديمقراطية بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة بيانا عبرت فيه بالخصوص عن بالغ استنكارها للمنحى الخطير الذي انتهجته هيئة الحقيقة والكرامة، لتشويه نضالات الزعيم الراحل وتعمدها تحريف المسار التاريخي ، حسب المؤسسة التي دعت الهيئة إلى التحلي بروح المسؤولية والتزام الحياد، بما يجنب البلاد تنامي الضغائن والأحقاد وتأجيج النعرات الجهوية. في المقابل تتمسك هيئة الحقيقة والكرامة بأن ما دعت إليه من إعادة كتابة التاريخ هي عملية تعديل للتاريخ خاصة في مجال التدريس باعتبار أن التاريخ المعاصر ظل لسنوات محكوم حسب رأيه بالنظرة الأحادية الرسمية للسلطة البورقيبية وبعدها لسلطة بن علي وكشف أن الهيئة تحصلت على أكثر من 7 ألاف وثيقة بخصوص فترة الصراع اليوسفي البورقيبي وفقا لما صرح به أمس عادل المعيزي عضو هيئة الحقيقة والكرامة. هذه الجدلية المطروحة اليوم جعلت ذكرى الزعيم بورقيبة تبدو بين فكي توظيف مزدوج بقيادة شقين، شق يتهم بأنه يريد النبش في زوايا مظلمة من تاريخ بورقيبة لتشويه خصومه السياسيين وشق آخر ينظر إلى دفاعه عن بورقيبة لا من باب الانتصار الخالص لشخص الزعيم لكن لغايات سياسية وللحشد الانتخابي تزامنا مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية. المنادين بتأليه بورقيبة ليسوا في مستوى الدفاع عنه في تعليقه على مسألة التوظيف للإرث البورقيبي المتواصلة قال عبد الجليل التميمي ل الصباح أن التوظيف السياسي باسم بورقيبة لا يخدم الحقيقة التاريخية فلا أحد ينكر كاريزما وانجازات بورقيبة في علاقة بالأحوال الشخصية والتعليم والصحة التي أصبحت حقائق ثابتة اليوم في سجل الراحل لكن الذي يؤلم أن هؤلاء المنادين بتأليه بورقيبة ليسوا في مستوى الدفاع عن بورقيبة.. وهؤلاء السياسيون جهلة لم يعرفوه أيام الشدة عندما كان في سجنه في المنستير. ويضيف عبد الجليل التميمي أنه كمؤرخ عرف كيف يفصل بين رجل الدولة وبانى البلاد وبين الرجل المتغطرس الذي لا يعتد إلا برأيه وغيب كل القيادات الوطنية في البلاد وحارب كل من لا يوافقه. وبشأن ما صدر عن هيئة الحقيقة والكرامة وما اعتبر تعديا على تاريخ بورقيبة صرح التميمي أنه يقول لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة التي تربطني معها صداقة، نحن المرخون من يستطيعون القيام بإعادة كتابة التاريخ ويكفى من المزايدات . وأكد التميمي أن هيئة الحقيقة والكرامة ليست المرجعية الحقيقية في هذه الفترة. في المقابل يضيف التميمي أن كل البورقيبين غيبوا مساوئ بورقيبة الذي كانت له مواقف غير مشرفة مع عدد من المناضلين الوطنيين من بينهم المنجي سليم حيث كان الحس النرجسي لبورقيبة يتفوق على الحس الوطني أحيانا ، كما لم يوفق بورقيبة في الانسحاب من الحياة السياسية في الوقت المناسب. ويعتبر عبد الجليل التميمي أن من مخاطر التوظيف السياسي للإرث البورقيبي هو الكذب على التاريخ وتدليس الحقائق، مما يزج بالشعب التونسي في براثين هذا التزييف الممنهج والغبي للتاريخ ويفوت الفرصة على الأجيال القادمة للاستفادة من التاريخ الحقيقي للبلاد ولرموزها بعيدا عن التشويه والتوظيف. منى اليحياوي جريدة الصباح بتاريخ 6 افريل 2017