احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس على امتداد ثلاثة أيام فعاليات ملتقى فلسفي تحت عنوان : "فلسفات المشترك وسياساته" ، وهو من تنظيم قسم الفلسفة ، وشارك فيه باحثون من تونس والوطن العربي والعالم ، وتنوعت محاوره التى شملت السياسة والأخلاق والفنون وغيرها ، كما تتعدد فيه الإحالات إلى المتون الفلسفية ، حيث نجد مداخلات تستحضر الفلسفة الإغريقية وأخرى الفلسفة العربية فضلا عن الفلسفات الحديثة والمعاصرة ، وقد التقت "الصباح نيوز" منسق هذا الملتقى الدكتور فريد العليبي وكان لها معه الحوار التالي : *ماهو الهدف من الملتقى الدولي لفلسفات المشترك وسياساته؟ يستهدف الملتقى التفكير في إشكالية فلسفية أضحت تمارس حضورا متعاظما خلال السنوات الأخيرة بوجه خاص، في صلة بالتحولات التى يشهدها عالمنا وما يرافقها من صراعات وأزمات ، وما تتركه وراءها من جراحات وانكسارات على النحو الذي يُمكن من تبين المقاربات المختلفة لتلك الإشكالية والوقوف على المفاهيم الفلسفية المرتبطة بها ، بما يسمح بطرح أسئلة حول مضامينها وتلمس أجوبة ممكنة تخص حلها ، ففي الوقت الذى تغرق فيه البشرية في النزاعات ويهددها التوحش متلبسا تارة شكل المقدس الديني وطورا ثوب العولمة القاتلة التى تسحق البشر افرادا وطبقات وشعوبا وأمما ، يحسن البحث عن مشترك عام وكونى قد يمثل سبيلا لتجاوز ذلك، ومن هنا فإن رهان الملتقى هو نحت ملامح مشترك إنساني يساعد على تدبير جماعي للمعضلات التى تواجه البشرية قاطبة . *لماذا لم تخرج مثل هذه التظاهرات عن أسوار الجامعات؟ يندرج الملتقى ضمن التقاليد الأكاديمية المعمول بها في الجامعات وهى تقاليد تفرض النظر في الإشكاليات موضوع النظر من زاوية الاختصاص العلمي على النحو الذي يعسر معه اتساع الفضاءات غير الأكاديمية لتناول تلك الإشكاليات ولكن ذلك لا يعنى عدم الاهتمام بما يقع خارج أسوار الجامعات ، ففي المقهى الفلسفي على سبيل المثال يتم تناول إشكاليات فلسفية عامة ويشارك في ذلك المختصون وغير المختصين على حد السواء. *لماذا يوجد شبه غياب للتظاهرات الفلسفية في الساحة الثقافية وحتى بالجامعات؟ الملتقيات والندوات والمؤتمرات الفلسفية كثيرة ولكنها لا تحظى بالتغطية الإعلامية غالبا، لذلك تمر أحيانا في صمت ، وتعود أسباب ذلك إلى عدم انتباه أصحابها أحيانا إلى أهمية تغطيتها إعلاميا أو اعتقادهم أن الفلسفة شأن خاص لا تدركه إلا القلة من الأرستقراطية العالمة، كما أن بعض وسائل الإعلام لا ترى جدوى في تغطيتها طالما لا تثير أخبارها فضول القراء والمستمعين ، غير أن بعض تلك التظاهرات تنجح رغم كل شئ في إيصال صوتها إلى المعنيين بها ويحدث أن يكون لها وقعها ،واليوم هناك إعلاميون لا يجدون حرجا في تغطية تلك الأنشطة والتعريف بها ، كما إن هناك من بين المنشغلين بالشأن الفلسفي من يجد في الإعلام وسيلة لنقل الفكرة الفلسفية لأوسع الناس وهذا الاتجاه يمكن أن يتطور ، وصولا إلى "شعبية " الفلسفة و"ديمقراطية المعرفة "