أجمع المتدخلون في ندوة "مكافحة الفساد :حملة انتقائية أو إرادة حقيقية؟" لمركز دراسة الإسلام والديمقراطية على أن هذه الحملة خيار سياسي لحكومة الوحدة الوطنية والأحزاب الممضية على وثيقة قرطاج وتتطلب المزيد من التشريعات للمضي فيها ودعمها . وأكدوا خلال الندوة التي انتظمت اليوم الاربعاء بمدينة العلوم ضرورة مواصلتها بالنظر إلى أنّ القرارات التي تم اتخاذها مجرّد خطوة في طريق لا تزال طويلة. وفي هذا الصدد قال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب انه لا يمكن الحد من الفساد بصفة كبيرة دون تفكيك هذه المنظومة التي شجعت عدد كبير من التونسيين على ممارسة هذا الإجرام إضافة إلى فرض إصلاحات إدارية للإبتعاد عن الإشكاليات التي تعطل المرفق الإداري وتبرر للفساد مؤكدا في هذا الإطار وجود إصلاحات كبيرة منتظرة في قطاعات حساسة في الديوانة عبر تركيز لجان للحوكمة على مستوى الوزارات وعلى المنشات والمؤسسات العمومية. كما شدد على وجود إشكاليات تتعلق بتحسين المنظومة التشريعية رغم تحقيق بعض المكاسب في ما يتعلق بمكافحة الفساد لكن الهيئة تشعر ببعض الخشية بالنظر إلى أنّ جملة من القوانين التي عرضتها الحكومة على البرلمان كانت دون المأمول والمستوى قائلا إن طريق مكافحة الفساد طويلة وحرب تتطلب إمكانيات وإرادة سياسية حاسمة وبين أن النقلة نحو مكافحة الفساد والإقرار بوجود هذه الظاهرة وضرورة مكافحتها كان سنة 2016 عبر تدعيمها بحكومة الوحدة الوطنية التي كانت مكافحة الفساد من ضمن أولوياتها بعد مكافحة الإرهاب مبينا أن حكومات ما بعد الثورة وخاصة من سنة 2013 إلى سنة 2015 قد تعاملت مع الملف بنوع من التراخي ولم تكن لها الإرادة السياسية لمعالجته. وبعد ان انتقد تعطيل المكاسب المتعلقة بالإصلاحات التشريعية الخاصة بملف مكافحة الفساد تطرق الطبيب إلى غياب النصوص التطبيقية الخاصة بإحداث قطب قضائي مالي لمكافحة الفساد الذي تم المصادقة على قانونه الأساسي سنة 2016. واضاف ان هذه النصوص ستمكن من إحداث الجهاز الفني للقطب الذي سيعاضد قوى التحقق والنيابة مبرزا ان هذا القطب هو ضرورة لمكافحة الفساد ويتطلب دعما لوجستيا وبشريا للقيام بمهامه. من جانبه اكد النائب بالبرلمان عن حركة النهضة نور الدين البحيري إنّ البرلمان مؤتمن على حماية مصالح الشعب وتطبيق ما جاء في الدستور بخصوص وضع الهيئات المتعلقة بمكافحة الفساد مشددا على ضرورة الوعي بخطورة الفساد والتصدي له إضافة إلى ضرورة التحري جيدا في كل ما يمكنه المس من مصداقية وهيبة أي مؤسسة من مؤسسات الدولة القضائية منها أو التشريعية أو التنفيذية . وقال إن الفصل 96 من المجلة الجزائية جاء في ظروف معينة لكن شروطه عطلت بعد الثورة تتبع قضايا فساد مضيفا في الآن نفسه أنّ إحداث هيئة تقصي الحقائق وهيئة مكافحة الفساد ووزارة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة وإحداث قطب قضائي مالي مختص في القضايا المالية مكاسب لكن المسألة تتطلب المزيد ودليل ذلك الإجراءات التي اتخذها رئيس الحكومة كانت في إطار إجراءات استثنائية. ولفت إلى أنّ الحملة ليست انتقائية وإنما تعبر عن خيار سياسي للحكومة وللأحزاب الممضية على وثيقة قرطاج مشيرا في الآن نفسه إلى أنه لا بدّ من الوعي ومن الإرادة المجتمعية والسياسية من خلال الصرامة في تطبيق القانون بالنظر إلى أن الفساد خطر حقيقي يهدد البلاد. وبينت القاضية بمحكمة المحاسبات فضيلة القرقوري أن مقاومة الفساد تتطلب تحديد مفاهيمه ومتطلباته مبنة في هذا الجانب وجود قاسم مشترك في التعريفات الوطنية والدولية تنص على أنه يتمثل في استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة للحصول على منفعة شخصية. وقالت إن مكافحة الفساد تتطلب مقاومة أركانه المتمثلة أساسا في الفرص التي تتاح للمتصرفين في المال العام والحافز الذي لا يقتصر فقط على الخصاصة والمبررات التي يتم تقديمها. وفي هذا الصدد أكدت ضرورة أن تكون لكافة هياكل الرقابة والتعديل الأهلية القانونية لرصد الفساد موضحة ان مكافحة الفساد لا تقف عند رصده وإنما تتطلب آليات فعالة للمتابعة والمساءلة .(وات)