- مشروع قرار من أعضاء من مجلس الشيوخ لدعم تونس - مذكرة تفاهم مع "بوينغ" لإنجاز مركز صيانة بالنفيضة واشنطن - الصباح من مبعوثنا: حافظ الغريبي انتهت زيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى واشنطن في ساعة متأخرة من الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس بعد أن تواصلت على امتداد أكثر من ثمانين ساعة كانت له خلالها جملة من اللقاءات بكبار مسؤولي الإدارة الأمريكية وأعضاء من الكونغرس ورجال أعمال أمريكان ووسائل إعلام كبرى على غرار قناة "السي ان ان" و"سي بي ان نيوز" وصحيفة "الواشنطن بوست" وقناة العربية.. وقد وضع رئيس الحكومة لنفسه استراتيجية واضحة يهدف من خلالها إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية كانت "الصباح" قد كشفتها في تغطية سابقة.. فماذا تحقق منها ؟ قبل الحديث عن الأهداف لابد من توضيح طبيعة تعاطي الإدارة الأمريكية الجديدة مع الخارج والتي تقوم على خدمة المصلحة الامريكية بالأساس وفق شعار "أمريكا اولا" وهي محكومة بعقلية رجل الاعمال الباحث عن الربح لذلك بدأت إدارة ترامب مراجعة شاملة للعلاقات الدولية قوامها التخفيض من النفقات والتركيز على مصالحها الاستراتجية وهو ما يفسر خفض الدعم الذي استثنى فقط اسرائيل ومصر والأردن. ففي هذا الظرف الخاص جاءت زيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد وبعد سلسلة مفاوضات كان قد أجراها وزراء المالية والاستثمار والدفاع مع صندوق النقد الدولي ومع البنتاغون ليحققوا تقنيا خطوات استوجب ان يلعب بعدها السياسي دوره. تسويق لموديل جديد الشاهد اذا جاء ليسوّق لموديل ديمقراطي جديد كان عليه ان يقنع به الادارة الأمريكية ولوبيات الضغط، موديل كانت الادارة الامريكية السابقة قد استثمرت فيه وأعطى أكله بالمرور من ديمقراطية ناشئة الى ديمقراطية شابة جمعت حولها حكومة وحدة وطنية لكنها تشكو تهديدات عدة قلصت من مخاطر بعضها ولا يزال خطر بعضها الاخر قائما ويسوّق كذلك الى ان الدعم الامريكي الذي كان وراء مضاعفة الميزانية العسكرية ساهم في تأمين تونس لحدودها وفِي صد تمدد تنظيم "داعش" خلال ملحمة بن قردان الشهيرة التي كسرت شوكة امتداد تنظيم ارهابي خطير وغيرت المعادلات في الحرب ضد الارهاب في المنطقة.. وبالتالي فانه من غير المعقول الحط من هذا الدعم في ميزانية 2018 بل عليها ان تواصل دعمها لان تطهير معاقل الارهاب هو في النهاية حماية لأمن العالم وللأمن الامريكي كذلك. رسالة أبلغها رئيس الحكومة عند لقائه وزير الدفاع الامريكي الذي قال بصريح العبارة "اتفهم ان تونس هي استثناء في المنطقة توجب دعمه". لوبي مجلس الشيوخ على الخط دعم أكده مشروع القرار الذي أعده عشرة أعضاء من مجلس الشيوخ الامريكي بعد لقاء اثنين منهما مع الشاهد ومشروع قرار يدعو للحفاظ على مستوى مساعدات كاف لإتمام الانتقال الديمقراطي مباركين كل الخطوات التي قطعتها تونس في مجالات مكافحة الفساد ودحر الارهاب، موقف أكده السيناتور الامريكي المثير للجدل جون ماكين الذي قال في اختتام محاضرة القاها الشاهد في مؤسسة كارنيغي ان قرار التخفيض في الدعم لتونس لن يمر وانه يدعم تونس وسيفعل ما في وسعه لانجاح التجربة الديمقراطية النموذجية في تونس. لكن وان تحقق الدعم فان الكابوس الاقتصادي والمالي والاجتماعي لا يزال يخيم على البلاد ويتهددها بانتكاسة محتملة ان لم تنجح الحكومة في تجاوز معضلة المالية العمومية وتقلص من البطالة وخصوصا المتخرجين من الجامعات لذلك ارتكزت استراتيجية الشاهد في زيارته للولايات المتحدةالامريكية حول ثلاثة أهداف اساسية. مؤشرات إيجابية لضمان القروض التونسية أولها استحثاثه الطرف الامريكي على مرافقة الديمقراطية الشابة في مشوار البناء سيما وان للولايات المتحدةالامريكية صوتها المرجح داخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اذ تمتلك في الاول 17 ٪ من راس ماله وفِي الثاني 20٪ .. وفي الان نفسه دعوتها لمواصلة توفير ضمانات لقروض جديدة تخول لتونس الاقتراض من السوق المالية العالمية بفوائض تفاضلية مماثلة لتلك التي توفرت لها في قرض ال500 مليون دولار وبالتوازي دعوتها لمراجعة موقفها من تخفيض الدعم المباشر المبرمج لسنة 2018. فبالنسبة للنقطة الأخيرة يبدو ان الشاهد حظي بدعم مشجع من كل الأطراف بما فيها البنتاغون والبيت الأبيض اما فيما يخص ضمان القروض فان وزير الخزينة الامريكي كان متفهما جدا لطبيعة الظرف الخاص الذي تمر به تونس ودورها في مواجهة الارهاب بحكم انها بلد ديمقراطي ومن ذلك المنطلق تعهد بمواصلة دعم تونس اذ قال بصريح العبارة حول الحفاظ على حصة تونس"لم لا.. سنتابع ذلك" وهو نفس الموقف الذي استنتجه رئيس الحكومة بعد لقائه نائب الرئيس الامريكي وصهر ترامب بوصفه مستشار الرئيس، ولئن لم يصدر موقف رسمي في ذلك فان مصادر من الوفد المرافق للشاهد أكدت ان كل المؤشرات تدل على ان مطالب تونس ستتحقق.. سيما وان وفدا من صندوق النقد الدولي سيتحول في زيارة أولية خلال أوت فِي مهمة تدقيق تليها زيارة ثانية في أكتوبر للتأكد من تنفيذ ما تمت التوصية به قبل صرف القسط الثاني من القرض علما ان تونس تقدمت أشواطا مهمة في الإصلاحات التي سيكون ما تبقى منها محل أنظار مجلس النواب خلال الأسابيع القادمة. ثاني الأهداف التي اولاها الشاهد اهتماما في لقاءاته هي استحثاث الولاياتالمتحدة على الاستثمار في تونسفالولاياتالمتحدةالامريكية هي اول مستثمر عالمي وتونس تأهلت تشريعيا لفتح الأبواب أمامه من خلال وضع قانون جديد للاستثمار ومن خلال توفير المناخ لذلك عبر محاربة الفساد ومن خلال توفر استقرار سياسي تعزز بدخول البلد مصاف الدول الديمقراطية الشابة. وهو موقف نجح في تمريره خلال لقاءاته الرسمية بل بالعكس فقد نوه كل من التقاهم بالجهود المبذولة في مكافحة الفساد بعد النجاح في مكافحة الارهاب، وتعتبر مرافقة وفد من المستثمرين التونسيين الشاهد وإمضاء احدهم وهو انيس الرياحي مذكرة تفاهم مع "بوينغ" لبعث مركز صيانة قرب مطار النفيضة والذي سيشغل 400 مهندس دفعة واحدة أولى لبنات الاستثمار الامريكي في تونس، ويبدو ان لقاء رئيس الحكومة بالمستثمرين الأمريكان في الغرفة التجارية الامريكية سيكون له تأثير مباشر سيما وان إمضاء مذكرة "بوينغ" تمت داخل الغرفة. ..ونصيب تونس من السوق الأمريكية ثالث الأهداف التي ركز عليها الشاهد خلال زيارته واشنطن هو فسح المجال للبضائع التونسية كي تحظى بمعاملة خاصة وبإعفاء جمركي سيما وان حصة التمور كانت محدودة في حين كانت السوق الامريكية في حاجة لنصيب اوفر بعد ان قل المحصول هناك.. فالولاياتالمتحدةالامريكية بحكم انها اكبر سوق استهلاك في العالم من خلال مقدرة سكانها الشرائية ومن خلال قدرتها على فتح أبواب أسواق أمريكا اللاتينية وكندا يجب ان تكون بوابة لتونس وان الاتفاق التفاضلي العام الذي يسمح بدخول اكثر من مائة منتج دون تسديد اي اداء يجب ان تتسع قائمته مع ادخال منتجات النسيج ضمنها بما يوفر انتعاشا لقطاع يعاني ويرفع كذلك سقف القيود أكثر على غرار فسح المجال عند توفر الطلب لتصدير اعلى من الحد الأقصى المسموح به.. مطلب نقله الشاهد لوزير التجارة ولرجال الاعمال الأمريكان فكان موضوع اهتمام قد يفضي الى نتائج إيجابية بعد درسه تقنيا مع الأطراف المعنية وبعد إقحام مستثمرين أمريكان في الدورة الاقتصادية التونسية. ختاما يمكن القول ان الشاهد لم يخف سروره بنجاح الزيارة الاولى من نوعها له والتي كانت أولى ثمراتها إقناع الادارة الامريكية بان تونس تجاوزت أزمة الانتقال الديمقراطي وانها في حاجة الى مرافقة وفق مبدإ الربح المشترك سيما وأنها ارتقت الى مرتبة الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدةالامريكية وهذه المرتبة التفاضلية يجب ان تفتح أبوابا جديدة لشريك لن يكلف الكثير لكن مردوده وفير.