قلل عبد اللطيف المكّي النائب والقيادي في حركة «النهضة» التونسية من أهمية المبادرة التي طرحها الرئيس التونسي حول المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، مشيرا إلى أنها لا تشكل أولوية بالنسبة للتونسيين. كما أكد أنها تختلف إلى حد كبير مع مسألة منع تعدد الزوجات التي اقترحها الرئيس السابق الحبيب بورقيبة وتم تضمينها في قانون الأحوال الشخصية بعد مواقفة علماء الدين، مشيرا إلى أن مسألة الميراث فيها نص ديني واضح بخلاف موضوع «تعدد الزواجات» الذي قال إنه لا يُعتبر فرضا دينيا ويشكل بالمقابل ظاهرة «مؤلمة» للمجتمع وثمة اتجاه إسلامي لمنعه. ومن جهة أخرى، انتقد قرار بورقيبة منع الحجاب في تونس، مشيرا إلى أنه «قرار ظالم وغير إنساني وغير أخلاقي وغير قانوني وغير حقوقي. وقد تجاوزه المجتمع التونسي الآن». وأكد من جهة أخرى أن حركة «النهضة» ستشارك في الانتخابات الرئاسية عام 2019 عبر ترشيح شخصيات من الحركة أو بعض حلفائها أو من يتفق مع برنامجها، نافيا وجود أي خلافات بينه وبين رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي. وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي دعا، خلال خطابه بمناسبة العيد الوطني للمرأة، إلى المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات وخاصة في الميراث، مؤكدا أن هذا الأمر لا يتعارض مع الدين، وقال المكي في حوار خاص مع «القدس العربي»: «الحركة لم تصدر موقف رسمي بشأن المبادرة بانتظار ما ستقوله لجنة التفكير التي شكلها للنظر في هذه المبادرة، وفي حال كان ثمة ما يستدعي للتعليق على قرار اللجنة فسنقوم بذلك. بقي أن نقول أن الدستور التونسي ينصّ على ضرورة الانسجام بين القوانين التونسية والمبادىء الإسلامية الثابتة، سواء كانت أخلاقا أم قوانين، ومسألة الميراث فيها نص شرعي واضح ولم توجد أي فتوى أو مدرسة دينية تقول بأن تلك الآية (الخاصة بأحكام الميراث) غير واضحة أو غير قطعية الدلالة، وعموما هذه ليست قضيتنا كحركة النهضة فنحن لنا اولويات تنموية وسياسية وأمنية ولا نرى أيضا أن هذا الأمر (المساواة في الميراث) يشكل اولوية للشعب التونسي وخاصة أنه لم يطالب به أحد من قبل». وأضاف «لا أدري إن كان الرئيس – بطرحه لهذه المبادرة – يرغب بالتخلص من الضغط المسلّط عليه من طرف أوساط معينة، أم أن لديه رغبة شخصية في إقرار هذا الأمر، وعموما هذا سيتضح من خلال السرعة التي ستتم بها أشغال اللجنة. وعموما كان هناك مبادرة مشابهة تقدم بها أحد النواب ولم تتم المصادقة عليها في البرلمان، لأن المؤسسة الدينية والأحزاب السياسية قالت موقفها (رفضتها)، كما أن ثمة أوساط اجتماعية اليوم اعتبرت أن مبادرة الرئيس لا تمثل ألوية وثمة أوساط دينية أكدت وجود نص ديني واضح لا يمثل إزعاجا للمجتمع التونسي المنسجم معه، ولكن من ناحية ديمقراطية ومبدأية لا يمكن أن نمنع أحدا من التفكير». ويذهب بعض المراقبين إلى المقارنة بين مبادرة السبسي للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وقرار الرئيس السابق الحبيب بوقيبة منع تعدد الزوجات الذي تم تضمينه في قانون «الأحوال الشخصية»، فضلا عن قرار بورقيبة «منع الحجاب» في تونس. وقال المكي «هناك فرق كبير بين المسألتين، فما وقع في مجلة (قانون) الأحوال الشخصية هو نتيجة اجتهاد من علماء الدين التونسيين ورئيس الجمهورية أنذاك الحبيب بورقيبة، وهذا الاجتهاد وقع في وجهة صحيحة لأن منع تعدد الزوجات يهدف للقضاء على ظاهرة اجتماعية مؤلمة جدا بالنسبة للنساء والأُسر والأطفال، والإسلام يشجّع على ذلك لأن الآية القرآنية المتعلقة بهذا الأمر وردت كمجرد رُخصة مقيدة بشروط أي أنها ليست فرضا ولا سنة ولا شيئا مستحقا، وبالتالي المواجهة الدينية هي باتجاه منع تعدد الزوجات». وأضاف «بالتالي فهناك فرق بالاجتهاد في مسائل غامضة أو ليس فيها نص أو ليست متماشية مع مقاصد الدين الإسلامي، وتلك المتعلقة بنص ديني موجود وواضح». وتابع « أما فيما يتعلق بمنع الحجاب فهو قرار ظالم وغير إنساني وغير أخلاقي وغير قانوني وغير حقوقي، وعموما هذا الأمر انتهى الآن وتجاوزه المجتمع التونسي». وفيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية، قال المكي «نحن كحركة معنيون بالمشاركة في هذه الانتخابات ويهمنا إلى ماذا ستؤل إليه، وسيكون لدينا مرشحون من أبناء الحركة أو أحد حلفائنا أو أي شخص آخر نتفق معه في البرامج». ومن جهة أخرى، نفى المكي ما تحدثته عنه بعض وسائل الإعلام حول وجود «خلافات» بينه وبين رئيس حركة «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي مؤكدا أنه مجرد «أكاذيب لسنا معنيون بها». وحول حديثه عن احتكار القرار من قبل رئيس الحركة، قال المكي «النظام الرئاسي الذي تسير به الحركة يجعل صلاحيات اتخاذ القرار في غالبيتها لدى رئيس الحركة، أنا لم أتحدث عن شخصيات بل عن منصب الرئيس في القانون الأساسي للحركة». وتثير حملة مكافحة الفساد التي يقودها رئيس الحكومة يوسف الشاهد جدلا كبيرا في البلاد، فثمة من يشيد بها على اعتبار أنه ستساهم بمكافحة آفة كبيرة تساهم في استنزاف اقتصاد البلاد، ومن يرى أنها ما زال «انتقائية» ولم تحقق النتائج المرجوة منها حتى الآن. وقال المكي «نحن من أكثر من طالب بهذا الحملة ومن دافع عليها ومن يساندها دون أي شروط، بل بالعكس نحن نريد أن نقوّيها ولذلك نقدم كل مرة بعض الملاحظات من أجل تدارك عدد منالنقائص في هذه الحملة، ونرجو أن تفضي لنتائج إيجابية لصالح البلاد». وأشار، في السياق، إلى أن الغنوشي قدم «نصيحة» لرئيس الحكومة دعاه فيها إلى التركيز على العمل الحكومي (وعدم الانشغال بالترشح الانتخابات المقبلة)، مضيفا «نحن لا نستطيع أن نحدد من يترشح للانتخابات الرئاسية أو التشريعة من عدمه فهذا حق دستوري وسياسي وقانوني». وكانت دعوة الغنوشي للشاهد بالتعهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2019، أثارت جدلا كبيرا في البلاد، حيث اعتبر البعض أن الغنوشي يرغب بالترشح لهذا المنصب ويحاول «إزاحة» الشاهد من طريقه، وهو ما نفته الحركة لاحقا، وأشارت إلى أن الأمر يدخل في باب إسداء «النصح» لرئيس الحكومة، مؤكدة التزامها بالدعم المستمر للحكومة لتجاوز المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.(القدس العربي(