لا تحتاج النساء في تونس للبحث عن طبيب يقوم بعمليات إجهاض في الخفاء على غرار الدول العربية التي تمنعه ولا تبيحه إلا بشروط. حيث يكفي للمرأة التونسية التوجه لمستشفى عمومي أو مركز للرعاية الصحية بمنطقتها أو مصحة خاصة لإسقاط جنينها دون الخوف من الملاحقة القانونية. هذه المسألة معلومة لدى القاصي والداني، ولكن لا يمكن في تونس الخوض في مثل هذه المواضيع المحرّمة والتي تُعدّ من "التابوهات"، فلا وجود لتفاصيل تُذكر حول حالات الإجهاض خاصة المتعلقة بالأمهات العازبات والتي أجهضت خارج إطار الزواج أو غيرها من الحالات. امتناع الجهات المسؤولة والمعنية عن الخوض في تفاصيل الإحصائيات يأتي تحت راية الحفاظ على المعطيات الشخصية للنساء من جهة وأيضا المحافظة على الثقة المتبادلة بينهنّ وبين الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ومراكزه الصحية. حجب المعلومات وقد يكون هذا التعاطي مع المعطيات والإحصائيات تعاطيا محمودا ومقبولا، ولكن يبقى السؤال المطروح كيف للمجتمع المدني أو الإعلام أو أي جهة من الجهات التي ترغب في دراسة الظاهرة أن تشتغل دون توفر معطيات رسمية معلنة من قبل سلطة الإشراف، لأنه في نهاية المطاف العديد من المواضيع والظواهر قد تجاوزتها الأحداث بالرغم من الموروث والمعتقدات الاجتماعية والتقاليد.. فصرنا نتداول بصفة يومية أخبار عن الاغتصاب وعن الإنجاب خارج إطار الزواج، ونقرأ بصفة متواترة عن العثور عن رضع بمجاري المياه الصحية ومصبات النفايات والحاويات وغيرها من الأماكن المشبوهة، وبالتالي الامتناع عن إبراز المعطيات قد لا يُجدي نفعا في مجتمع يتطور يوما يعد يوم. في شهر ماي 2017، أعلن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري أن عدد حالات الإجهاض في تونس بلغت 17 ألف حالة إجهاض سنويًا في القطاع الصحي فقط، 13 ألف منها تتمّ بمراكز الصحة العمومية. وعن أسباب الإجهاض تحدّثت ل"الصباح الأسبوعي" الدكتورة حياة اللباسي رئيس مصلحة الإشراف بإدارة الخدمات الطبيّة بالديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، حيث أكّدت أنه من ابرز الأسباب قائلة "التعرّض للاغتصاب في المقام الأوّل، ثم الحمل خارج إطار الزواج يُعدّ السبب الثاني وأعني هنا الحمل الذي يحصل لدى فتاة غير متزوجة وأيضا يمكن أن تكون لدى المرأة المتزوجة ولكن حملت من غير زوجها أي خارج الإطار القانوني للزواج". أسباب الإجهاض وأضافت اللباسي أنّ "الحالات الأخرى التي يقع فيها الإجهاض هو الحمل غير المرغوب فيه أو غير المبرمج حيث تضطر المرأة الحامل إلى الإجهاض". وقالت الدكتورة حياة اللباسي " في تونس الإجهاض مقنن والذي أصبح بطريقة طبية وصحية ووقائية، وبالتالي نجحنا في تقليص نسبة وفيات الأمهات التي بلغت على 100 ألف ولادة حية نسجل في تونس 44.7 حالة وفاة. وتعتبر هذه النسبة غير مرتفعة مقارنة بدول الجوار". من جهة ثانية أوضحت محدثتنا أنّه "لا وجود لحالات وفيات أثناء الإجهاض لكن في المقابل هناك مضاعفات يتم متابعتها منذ البداية حيث يسبق عملية الإجهاض حملة تحسيسية وتوعية للحوامل في كلّ الحالات سواء كانت المتزوجة أو المغتصبة أو العازبة حيث لا يفرق فريق العمل بينهنّ مع المحافظة التامة على معطياتهنّ الشخصية". وقالت إنّ "نسبة الإقبال اليومية لا يمكن حصرها ولكن في المقابل يمكن استنتاج أن الاقبال على المراكز الصحية داخل المناطق والأحياء الشعبية تشهد اكتظاظا وإقبالا لا نظير لهما على غرار على سبيل الذكر لا الحصر مركز الرعاية الصحية بدوار هيشر". طرق الإجهاض بيّنت الدكتور حياة اللباسي ل"الصباح الأسبوعي" أنّ "الإجهاض يتمّ بطريقتين وهما الإجهاض الجراحي ويجرى تحت تخدير موضعي أو كامل من طرف طبيب حسب القواعد الجراحية المضبوطة وبعد فحص طبي وتحاليل مخبريّة" أما الطريقة الثانية "فتتمثل في الإجهاض الدوائي وتُعدّ الاكثر سلامة ونجاعة حيث أن 80 % من عمليات الإجهاض المنجزة بمراكز الصحة الإنجابية للديوان تتمّ دوائيا". إيمان عبد اللطيف جريدة الصباح الاسبوعي بتاريخ 4 سبتمبر 2017