تسبّب النقص المسجل في مياه الري للموسم الفلاحي الحالي في تراجع كبير للمساحات المزروعة بمشاتل التبغ بأنواعه المختلفةفي ولاية جندوبة وذلك بمعدل 50 بالمائة تقريبا أي من 44.1 هك من التبغ نوع الخفيف أو ما يعبّر عنه محليا ب"البورلي " للموسم المنقضي 2016/2015إلى 22.53 هك للموسم الحالي 2017/2016 ومن 184.7 هكتارا إلى 77.33 هكتارا للتبغ الشرقي المعروف محليا "بالعربي" وهو الأكثر انتشارا وفقما أكّده هيثم بوكراعين رئيس مركز جندوبة التابع للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد. ولئن حافظ عدد المزراعين للتبغ نوع الخفيف "البورلي "على استقراره (54 مزارعا) للموسمين 2016 و2017 مقابل تراجع المساحات التي خصصت له إلى نحوالنصف تقريبا فقد سجل النوع الثاني" الشرقي" إلى جانب المساحة المخصصة له تراجعا كبيرا من حيث عدد المزراعين وذلك من 254 مزارعا للموسم المنقضيإلى 165 مزارعا للموسم الجاري. ويتطلب هكتار واحد من التبغ بنوعيه الخفيف"البوريلي" و"الشرقي" الذي تنطلق زراعته في منتصف ماي وعملية جنيه في شهري اوت وسبتمبر من كل سنة نحو8000 متر مكعب من الماء حسب تقديرات عمار البلحي رئيس دائرة الانتاج النباتي بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية في جندوبة وفي الظروف العادية يناهزمعدّل إنتاج الهكتار نحو 2.5 طن بالنسبة للخفيف و1.5 طن بالنسبة للشرقي. وتعدّ كلّ من عمادتي " المنقوش" و"الروماني" من معتمدية بوسالم وبشكل أقل " العزيمة" من معتمدية جندوبة من أكثر المناطق المعروفة بانتاج مادة التبغ حيث تنتج مجتمعة أكثر من 70 بالمائة من الإنتاج السنوي الجملي في الجهة. ويتمثّل تأثير نقص المياه في موت المشاتل العائمة في الأحواض المائية بالمنابت واحتراق أوراقها قبل أن تبلغ مرحلة النضج فضلا على التأثير على تصنيف التبغعند عملية البيع التي تتم حصرا لفائدة هياكل الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد. واستتباعا لتراجع المساحة، فقد تضرّر عدد من الفلاحين خاصة وان مشاتلهم لم تستطع أن تواصل نموّها الطبيعي المعهود وباتت مهددة بأمطار الخريف وتراجعنسبة الإشعاع الشمسي المغذّي الأساسي لتجفيفها بسبب تأخر نضجها وهو ما يترتّب عنه تراجع آلي متوقع في معدل إنتاج الهكتار وفق ما يؤكده كل من عبد اللهوعمر ومنصف ومحمد ومنجي وحسن وغيرهم من مزارعي التبغ بنوعيه بالجهة. إلى ذلك سجلت كافة مراكز الولاية تراجعا في عدد العاملين بالقطاع باعتباره من القطاعات المشغّلة لعدد هام من اليد العاملة في جهة تعدّ فيها معدلات البطالةمن أعلى المعدلات في البلاد (20.1 بالمائة) حسب المدير الجهوية للتكوين المهني والتشغيل عادل الزيتوني باعتبار وأن مادة التبغ تعتمد بالأساس العمل اليدويالبحت بداية بعملية البذر إلى تثبيت المشاتل وريّها وإزالة الأعشاب الطفيلية ومداواتها مرورا بعملية تركيز المجففات بالنسبة للبورلي وصولا إلى عملية الجني وخياطةأوراقها والبيع. وجمع مركز جندوبة خلال الموسم الفلاحي السابق وهو المركز الأكبر سواء من حيث المساحات المغروسة أو من حيث عدد المزارعين مقارنة ببقية المراكز الأربعةفي الجهة نحو 178.736 طنا بالنسبة للنوع الشرقي و80.420 طنا بالنسبة لنوع البورلي. ويبيع مزراعو التبغ الكيلوغرام الواحد الخام من نوع "البوريلي" الجيّد الذي يتصدر لائحة التصنيف ب 3140 مليما والكلغ الخام من التبغ الشرقي الجيد المعروفبصنف 1 ب 2703 مليما. ويشار إلى أن الأمر العليّ المؤرخ في 5 أفريل 1922 المتعلق بتنظيم زراعة التبغ بالبلاد التونسية يمنع بيعه لغير الدولة ويتضمن حزمة من العقوبات الجزائيةوالمالية لكل من يبيعه لغير الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد التي تأسّست سنة 1891 والتي تتولى تصنيعه في تونس والقيروان وتصدر جزءا منه إلى الخارج. يذكر أن ولاية جندوبة تعدُّ خمسة مراكز مخصصة للتبغ فإلى جانب مركز جندوبة يوجد مركز غار الدماء ومركز فرنانة ومركز عين دراهم ومركز طبرقة والى جانبولاية جندوبة تزرع مادة التبغ بولايات باجة وبنزرت والوطن القبلي وقفصة وقابس. وتشير الدراسات المختصة إلى أن حاجة تونس سنويا من التبغ الذي انتشرت زراعته بمناطق الشمال الغربي والوطن القبلي منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشرتناهز 7000 طن وأن إنتاجها لا يتجاوز 1300 طن في أحسن الحالات.(وات)