رامي محفوظ : مدير قسم الشباب بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية وصلنا مقال من مدير قسم الشباب بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية رامي محفوظ تطرق فيه الى انحراف الشباب التونسي في الاوساط الحضرية والريفية ، مقترحا بعض الحلول لمعالجة هذه الظاهرة التي ازدادت استفحالات في المجتمع التونسي بعد 14 جانفي 2011 . وفي ما يلي نص المقال: مثل سلوك الشباب في علاقة بالانحراف موضوع دراسات عديدة نذكر منها دراسة 2003 الصادرة عن المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية وتواصل طرح المسألة بين خبراء المعهد نظرا لاستفحالها خاصة بعد 14 جانفي 2011. وبصفة عامة لا يعتبر الانحراف كما يشاع ظاهرة متأصلة في الأحياء الشعبية وأحزمة الفقر حول المدن. حيث اثبتت الدراسات انتشارظاهرة الانحراف في جميع الاوساط الحضرية والريفية وبين مختلف الفئات الاجتماعية، إلا أن ذلك يلغي وجود تباينا في دوافع الانحراف وأشكاله والحلول المقترحة. وقد انتهت الدراسة حول الانحراف في الأوساط الفقيرة التي تتميز بضعف المؤشرات البشرية بها حيث تنتشر البطالة والعمل الهش والانقطاع المدرسي ويتجلى الانحراف في هذه الأوساط بظاهرة العنف بأشكاله (الموجه ضد الذات كالتدخين، الخمر، المخدرات، الانتحار، والموجّه ضد الآخر لفظي ومادي وضد المؤسسات كالمدارس، مراكز الأمن، ...). وتعزى أسباب الانحراف الى ضعف قيمي يدفع الشبان إلى التمرد ويتجلى ذلك في الخطاب والخروج عن الأسرة والبحث عن موارد مالية سهلة عن طريق السرقة والدعارة والتهريب... كما تفسر ظاهرة الانحراف بانتشار الفقر وعجز الأسرة عن الاستجابة لحاجيات الأبناء واتجاه الأسر نحو التفكك (الطلاق). كما سجلت لدى عائلات المستجوبين من الشبان المنحرفين نسب مفزعة حيث 61% من الأسر دخل أحد أفرادها إلى السجن و20،69% أمهاتهم احترفن البغاء وأدت هذه الوضعية إلى ظهور حالة من العداء للمجتمع أدت إلى هروبهم نحو نوع جديد من التدين الذي مثل مخرجا ومثل ذلك 100% من المستجوبين كما يعاني هؤلاء الشبان من اكتئاب وضعف ايمانهم بالنجاح مما أدى إلى انتشار المخدرات والجريمة والهجرة السرية والاخفاق المدرسي. أمّا في الأوساط التي تعتبر مترفة ماديا فيتخذ الانحراف أشكالا أخرى رصدتها الدراسة ولا يوجد أثر للانحراف في هذه الأوساط عدليا بحكم النفوذ الذي تتمتع به أسرهم ويتجلى الانحراف في التمرد على الفضاء المدرسي، سياقة السيارات بدون رخصة، الخمر والمخدرات. وتفسر هذه الظاهرة بالضعف القيمي الأخلاقي وغياب الأبوين وتعويض الغياب بالاستجابة للرغبات المالية المشطة للأبناء التي تسهل الولوج إلى عالم الانحراف. إلا أن ذلك لم يمنع هذه الفئة من ان تسجل نجاحا في المدرسة وفي مسارهم المهني رغم انتشار ظاهرة الانتحار بينهم والاقبال على المخدرات والكحول والتطرف الديني في بعض الحالات. في مواجهة هذه الظواهر توصلت الدراسات إلى المقترحات التالية لعل أهمها مواكبة المنظومة الأمنية لهذه الجرائم المستحدثة (الحرقة، المخدرات، العصابات،الجرائم الالكترونية...) وإعادة الاعتبار لدور المدرسة في بناء شخصية الطفل وحمايته وبناء منظومة قيمية في مواجهة انسحاب الأسرة وتخليها عن دورها التربوي التنشيئي سواءا في الأوساط الفقيرة أو الغنية. ويتخذ الانحراف في أوساط الشباب أبعادا أكبر وأكثر خطورة مع ظهور العصابات المنظمة والبغاء والتطرف والهجرة السرية والإرهاب. مما يدفع إلى ضرورة تطوير آليات التعامل مع هذه الظاهرة من خلال إحداث مراصد وتطوير آداء الهياكل ذات الشأن مثل مندوب حماية الطفولة والاخصائي النفساني المدرسي