أعلن الفرع الجهوي للمحامين بتونس خلال جلسة عامة له الجمعة الفارط أنه كون عدة فرق عمل على مستوى تونس الكبرى لمقاومة ظاهرة استجلاب الحرفاء (السمسرة) التي استفحلت في القطاع وأضرت بالمحامين وخاصة المحامين الشبّان. وقد أوضح في تصريح ل"الصباح نيوز" في هذا الصدد الأستاذ الطاهر يحيى أحد اعضاء الفرع الجهوي للمحامين بتونس وأيضا عضو بفريق العمل الذي أعلن عنه الفرع لمقاومة ظاهرة ظاهرة استجلاب الحرفاء (السمسرة) في قطاع المحاماة عن طريق العديد من المتداخلين من كتبة محاكم وأعوان أمن سواء بالمحاكم أو مراكز الشرطة أو المرور أو من المستشفيات أو من مساعدين القضاء والإدارات المتداخلة ( الأشخاص الذين يعملون بتلك الإدارات) وخاصة من قبل أعوان المراكز الأمنية سواء مراكز شرطة المرور أو مراكز الحرس بكامل الجمهورية الذين منح للباحث الإبتدائي أن يطلب من ذي الشبهة تكليف محام لإنابته أمامه خاصة التنقيح المدخل على مجلة الإجراءات الجزائية في سنة 2016 الذي نص لأول مرة في تونس من أي متهم لديه الحق في انابة محام امام الباحث والحضور معه سواء كان متضررا أو متهما. وأضاف أن القانون ينص أنه في القضايا ذات الصبغة الجنائية والتي تتجاوز العقوبة فيها خمس سنوات فإن ذي الشبهة الحق في التنسيق مع الفرع الجهوي للمحامين لتسخير محام له لكن للأسف وفق قوله فأن ذلك لا يتم تطبيقه لأن الدولة ليس لها منظومة لخلاص المحامي المسخر من الفرع وثانيا فأن الباحث هو الذي يقرر وبالتنسيق مع بعض المحامين الذين يتعامل معهم خارج اطار القانون وباستعمال اسلوب السمسرة. وتابع في سياق متّصل مبينا أن العديد من المتداخلين سواء كانوا اعوان أمن أو كتّاب محاكم أو موظفون في الإدارات أو مساعدي القضاء يتولون تغيير وجهة الحريف للحصول على نسبة من الأجرة وهو ما يشكل خطر كبير على مصداقية المحاماة وعلى الحق في العمل وفي الرزق وفي التساوي في الفرص المتاحة للعمل بين المحامين لأن بعض المحامين غايتهم تحقيق الربح المادي لا خدمة مصلحة الحريف. وأكد محدثنا أنه رغم وجود نص تشريعي قديم يرتب عقوبة سجنية ردعية على كل من يتولى استجلاب الحرفاء حيلة منه ولكنه يكاد يكون مهجورا لأنه رغم تواجد العديد من القضايا المثارة من قبل المحامين أو الإدارات أو المواطنين الا أن النيابة العمومية بأغلب المحاكم لا تتصرف بالصرامة اللازمة في تفعيل القانون واحالة كل من تورط على القضاء لمقاضاته ليكون عبرة لغيره ويرتدع. وقال الطاهر يحيى أن هنالك بعض الإدارات العمومية غير صارمة في تصديها لكل موظف يتدخل في مجال القضاء عن طريق استجلابه الحرفاء للمحامين بطريقة غير قانونية على غرار وزارتي الداخلية والصحة اللذان تعلمان جيدا وتصلهما عشرات التقارير حول الأعوان المورطين في السمسرة مع المحامين ولكنهما لا تقومان بما يلزم لمعاقبة كل من تثبت ادانته اداريا في التداخل في مسالة القضاء واستجلاب الحرفاء لمحامين دون اخرين. وقال أيضا أن النظام السابق كان متورط في السمسرة ولا يقاومها بل أن الدولة تحتكر تكليف بعض المحامين الموالين "التجمعيين" دون غيرهم لانابة الدولة والمؤسسات العمومية من بنوك وادارات... كذلك رئاسة الجمهورية في عهد المخلوع كانت لديها أيضا قائمة في المحامين الموالين غير المعارضين لإنابة قضايا الدولة. ولكن للأسف تواصل بعد الثورة هذا الأسلوب وفق قوله بطرق ملتوية اذ أن العديد من الإدارات وهياكل الدولة وصل بها الأمر الى تمييز محامين معينين على بقية المحامين في تكليفهم بانابة قضايا الدولة والمؤسسات العمومية والدواوين التي هي من المفروض أن توزع على المحامين توزيعا عادلا باعتبار أن ذلك المال العام الذي يتقاضاه المحامي من الدولة هو مال المجموعة الوطنية. وتابع بأنه رغم صدور امر يفرض على الدولة ومؤسساتها العمومية ضرورة فتح باب النيابة لكل المحامين حسب شروط جاء بها الأمر المذكور. لكن تنفيذ هذا الأمر لم يتم على الوجه الأكمل وطبق القانون الى حد الساعة. وحول الأسباب التي دفعت بالفرع الجهوي للمحامين الى التحرك وتكوين فرع عمل للتصدي لهذه الظاهرة رغم أنها مستفحلة قبل وبعد الثورة فرد محدثنا بأنه أمام تشكيات عديد المحامين وملاحظة الفرع ومعاينته لإستئثار عدد معين من المحامين بعدد وافر من القضايا بطرق غير قانونية وباستعمال السمسرة فإن الفرع عزم على مقاومة هذه الظاهرة والسعي الى الحد من آثارها الوخيمة على دخل المحامي وعلى مدخراته المالية وعلى سمعة المحاماة وقيمها الثابتة وعلى قواعد الإنصاف والمساواة وحرية العمل، وعلى المرسوم المنظم لمهنة المحاماة وكذلك النظام الداخلي للمهنة الذان يحجران على المحامي استجلاب الحرفاء بطرق غير قانونية وملتوية. دفع بالفرع الى التحرك رغم أنه كان بالمرصاد منذ سنوات لهذه الظاهرة. واشار محدثنا أن مرسوم 2011 المنظم للمهنة المحاماة ينص على أن كل عمل يقوم به المحامي فيه استجلاب الحرفاء وتداخل في توزيع القضايا يترتب عليه فتح ابحاث في حق المحامي المورط ومعاينة وتجميع كل الإثباتات واحالته ان ثبت تورطه في السمسرة على مجلس التأديب وذلك بعد استيفاء الأبحاث والمعاينات اللازمة وتكون الإحالة من قبل رئيس الفرع الجهوي للمحامين. وقد تم بالفعل احالة العديد من المحامين المورطين في السمسرة على مجلس التأديب خاصة ممن استأثروا بقضايا حوادث المرور وثبتت في حقهم تهمة السمسرة لإتخاذ القرار اللازم الذي يكون من التوبيخ الى العزل حسب خطورة الجريمة وهي صلاحيات مجلس التأديب الذي يترأسه عميد المحامين. وكشف عضو الفرع الجهوي للمحامين بتونس أنه أمام تفشي الظاهرة وتشكيات المحامين الى الفرع الجهوي فقد اتخذ الفرع جملة من القرارات منها القيام بجرد ومعاينة واحصاء عدد القضايا لبعض من المحامين خاصة في قضايا الحق العام وقضايا التعويض في حوادث الطرقات من المحاكم المتعهدة بالقضايا المذكورة ومعاينة عددها ومصادرها ومسالكها واجراء معاينات ميدانية على مكاتب المحامين ورفع شكايات الى الإدرات المتداخلة في هذه المسألة وكل ذلك بالتنسيق مع رؤساء المحاكم ووكلاء الجمهورية لدى مختلف المحاكم، واستصدار أذون على عرائض وتنفيذه بالتعاون مع شركات التأمين، لمعرفة عدد القضايا لبعض المحامين في خصوص حوادث الطرقات مع شركات التأمين، واسثمار المعطيات الواردة بالشكايات في خصوص الطرق والوسائل المشبوهة لإنابة المحامي لحريفه، واعتماد كل ذلك في مساءلة كل محام يثبت تورطه في السمسرة واحالته على مجلس التأديب بالهيئة الوطنية للمحامين. واكد انه تم تخصيص مجموعة من فرق العمل لدى كل محكمة شارك فيها جميع أعضاء الفرع الجهوي للمحامين بتونس لإيقاف نزيف السمسرة التي أثقلت كاهل العديد من المحامين خاصة الشبّان. وأشار أن السمسرة شملت قضايا الحق العام، الديوانة، العقارية، العرفية، الإرهاب، قضايا الطلاق والنفقة، والجبائية. واعتبر أن الظهور الإعلامي المكثف لبعض المحامين الذين ينوبون في قضايا الإرهاب ساهم بطريقة غير مباشرة في توجيه بعض القضايا ذات الصبغة الإرهابية الى محامين معينين. وختم بأن الفرع الجهوي للمحامين بتونس أعضاء ورئيسا مصرّين على مقاومة ظاهرة السمسرة والحد من آثارها وتبعاتها على دخل المحامين بصفة عامة والمحامي الشاب بصفة خاصة وأن الفرع واعضاءه لن يكتفون بالإحالة على مجلس التأديب وإنما بالإحالة على عدم المباشرة لكل محام تثبت ادانته وتورطّه، مضيفا وأن مجلس الفرع الجهوي للمحامين بتونس ينتظر من مجلس التأديب أن يكون على مستوى المرحلة وأن يكون حازما في تسليط العقاب الرادع على كل من تثبت عليه التهمة.