غزة.. استشهاد الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    استراحة صيفية    على إيقاع «عزك دايم يا قرطاج» ..نجوى كرم تهزّ ركح قرطاج    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    في مهرجان مدنين الدولي...«مدنين، حكاية أخرى»    أمريكا وفرنسا تحت وطأة حر غير مسبوق.. أرقام صادمة وتحذيرات عاجلة    كرة السلة: سفيان الجريبي رئيسا جديدا للجامعة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    بعد المهاجرين.. ترامب يشُنّ حربا على المشردين    كسرى.. وفاة رجل واصابة زوجته وابنته اثر اصطدام سيارة بجرار فلاحي    سابقة خطيرة في قطر على مستوى الأمن الداخلي للدولة    قبلي: حملة ميدانية لإزالة الانتصاب الفوضوي واحتلال الأرصفة    للطلبة الراغبين في تعديل اختياراتهم الجامعية: دورة إعادة التوجيه تبدأ غدًا    المزيو: لم أخذل المحاماة وقدنا السفينة لبر الأمان    منوبة: اليوم انطلاق الدورة 35 من المهرجان الصيفي ببرج العامري    قفصة: تواصل فعاليات مهرجان الفستق الثقافي بالقطار في دورته 29    انتخاب رؤوف الصيود رئيسا للجامعة التونسية للريشة بالطائرة    الالعاب العالمية (كرة اليد الشاطئية) : المنتخب التونسي ينهزم في الدور ربع النهائي امام نظيره البرتغالي 2-1    ذهاب الدور التمهيدي الاول لكأس الاتحاد الافريقي: النجم الساحلي يلاقي الاهلي مدني السوداني بملعب شهداء بنينة ببنغازي بليبيا    ودّع القهوة... وجرّب هذه المشروبات التي تعزز صحتك وتمنحك طاقة طبيعية    قريبا في البرلمان: مشروع قانون لتشديد الرقابة على السائقين تحت تأثير الكحول    عاجل: زلزال بقوة 6.1 درجة يهز تركيا    إنتخابات جامعة كرة السلة.. قائمة سفيان الجريبي تفوز    بين المتلوي وتوزر..اصابة 4 اشخاص في حادث مرور    وادي مليز: بين عرض للفروسية لفرسان خمير وسهرة الفن الشعبي.. تواصل فعاليات مهرجان شمتو    السيطرة على حريق جبل الفراشيش بسليانة دون خسائر بشرية    الإدارة العامة للأداءات تعلن عن آخر أجل لإيداع التصريح الشهري بالنسبة لهؤلاء..    عاجل: وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تفتح باب الترشح ل 9 خطط ...آخر أجل وكيفية التسجيل    عاجل/ قتلى في هجوم على مركز شرطة بايران..    قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمعهد عبد العزيز بلخوجة بقليبية    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك توجه رسالة هامة لوزارة التربية..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ بعد الاعتداء عليه بالة حادة: وفاة الكلب "روكي"..    عاجل: إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين بسبب ارتفاع الحرارة    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى السعودية    انتهاء موسم الحصاد بهذه الولاية بتجميع أكثر من 267 ألف قنطار من الحبوب..    تونس: حجز 172 طناً من المواد وحملات رقابية مكثفة تُسفر عن 9 قرارات غلق في النصف الأول من 2025    ولاية كاليفورنيا ترفض طلب ترامب من جامعتها دفع مليار دولار وتعتبره ابتزازا سياسيا    عاجل: التسجيل الإلكتروني لأداء فريضة الحج يبدأ قريبًا    إطلاق الدورة الأولى لمسابقة "Cactus INNOV " لاختيار أفضل الابتكارات في تثمين التين الشوكي    اختناق 621 شخصا في العراق إثر تسرب غاز الكلور من محطة لتصفية المياه    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: تنزانيا تهزم مدغشقر وتتأهل إلى ربع النهائي بالعلامة الكاملة    عاجل: النصر السعودي يتعاقد مع نجم برشلونة...التفاصيل    دواء معروف يستعمله الملايين يرفع خطر فشل القلب.. شنوة السر الخطير؟    اليوم.. 4 لقاءات تتصدرها قمة الاتحاد المنستيري والملعب التونسي    اليوم: غلق وقتي للطريق نحو باجة بسبب تقدم أشغال توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة    تقصّ شعرك مبلول ولا شايح: شنوّة الأفضل ليك؟    رفع 8000 متر مكعب من الفضلات ب133 شاطئا    شنوّة أعراض فيروس ''تشيكونغونيا'' الخطيرة؟    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    اكتشاف جديد    تونس الكبرى تسيطر على سوق التخفيضات.. تفاصيل الأرقام والمخالفات    الليلة: سماء قليلة السحب على كامل البلاد مع ظهور ضباب محلي    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحدّثت عن الجدل القائم حول المساواة في الإرث.. الناطقة باسم رئاسة الجمهورية تؤكّد: ميثاق قرطاج ما زال قائما
نشر في الصباح نيوز يوم 03 - 12 - 2017

نشرت صحيفة "القدس العربي" حوارا مع الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش
وفي ما يلي نص الحوار:
○ كيف تقيمين وضع المرأة في تونس اليوم بعد القرار الرئاسي المساواة في الإرث مع كل ما أثاره من جدل في البلاد والعالم العربي؟ وما هي توقعاتك خاصة أنك كنت ضاغطة من أجل استصدار قرار يحمي حقوق المرأة فيما يتعلق الإرث؟
أعتقد ان هذا القرار هو نتيجة لمخاض كبير متواصل في البلاد منذ الاستقلال وتشكيل اللبنات الأولى لدولة المؤسسات، ولعل من المهم ان أذكر هنا ان الواقع الاجتماعي يمكن ان يحدد مسارا كاملا لدى الفرد. فانا أنتمي لوسط عائلي فلاحي وهذا ما جعلني أتعايش مبكرا مع كل المشاكل التي تعانيها المرأة في هذا الوسط. حيث ان المرأة تشقى وتتعب وهي التي تلعب الدور الرئيسي في تربية أسرتها وفي زرع الأرض وغالبا ما يؤول إرث هذه الأرض إلى الأولاد الذكور. كانت الوالدة تحثنا على التعليم والقراءة وتقول لي «لا شيء ينفع المرأة إلا التعليم». فقد ساهمت في تفتح وعيي مبكرا بأهمية العلم، كما ان شريحة واسعة من الشعب التونسي في تلك الفترة المبكرة من عهد الاستقلال كانت تستمع إلى توصيات الرئيس بورقيبة عبر الراديو، هذه الآلة الصغيرة هي التي فتحت أعينهم على التطور الاجتماعي، فكان بورقيبة يمرر سياساته عبر نصائح يوجهها لشعبه بصفته الأب الروحي والزعيم والقائد وليس فقط الرئيس. واستطاع ان يرسخ الوعي بأهمية التحكم في الإنجاب وأيضا أهمية التعليم، وهذا كله انعكس على تربية جيل كامل وأنا منه.
في مرحلة الشباب كنا معارضين للسلطة في إطار البحث عن الذات وذلك عبر رفض ما هو موجود، ولكن مع تقدم العمر والنضج اكتشفنا أهمية كل هذه الخيارات التي وفرها بورقيبة. لذلك أعتبر أنني نتيجة خيارات دولة الاستقلال من حيث تعميم التعليم على كل الشرائح بعد ان كان محتكرا على من يمتلك المال والامكانيات. فالدولة وفرت التعليم المجاني والإجباري للجميع، لأهل القرى والمدن على حد سواء وللنساء والرجال على السواء أيضا.
○ يعني هل يمكن القول ان كل هذه الظروف والبيئة التي شكلت وعيك الأول بقضايا المرأة هي التي جعلتك تختارين طريق الدفاع عنها سواء في عملك في رحاب المحاماة أو في معترك السياسة وصولا لكونك مستشارة في رئاسة الجمهورية؟
بالطبع فتحت عيني على كل مشاكل المرأة في محيط ريفي حيث كانت المرأة غير مستقلة ماديا وغير متحررة. والنساء في تلك البيئة كن يضطررن للخضوع إلى الرجل لأنهن غير متعلمات، هذا كله أكسبني وعيا بأهمية التعليم. لقد مررت لي أمي الأفكار المتعلقة بضرورة التعليم من أجل تحرر المرأة وعدم خضوعها مبكرا، وبأن استقلالية المرأة تأتي من دخلها المستقل، وهذا ربما أكسبني الايمان بدور المرأة وتحررها واستقلاليتها وانه لا يجب ان تكون مواطنا خاضعا، ووالدتي ليست إلا واحدة من مئات آلاف النساء المشتركات في المعاناة في مجتمعاتنا الريفية آنذاك.
أما مسألة الإرث، التي فتحت باب الجدل على مصراعيه، ففيها انتصار لحق النساء الريفيات قبل النساء في الأوساط الثرية. لان هناك تقليدا في كثير من الأرياف التونسية ان المرأة لا ترث والدها رغم انها هي التي زرعت وتعبت على الأرض، وهذا سيئ جدا لأن العنف المعنوي أقوى من المادي أو الجسدي، وهذا يتعلق بقضية التمييز ضد المرأة.
○ أثارت قضية المساواة في الإرث جدلا واسعا فيما يتعلق بالعلاقة بين الحداثة والدين فما مدى أهمية قيام مراجعات فقهية للنصوص الدينية؟
الدولة مسؤولة عن مواطنيها ومسألة الإرث بالنسبة للنساء ليست مسألة نص ديني فقط. الإرث لا يطرح إشكالا لدى الشرائح الغنية لان المرأة تجد ما ترث في تلك الحالات بحكم ان الثروة كبيرة، لكنه يطرح في الحالات الفقيرة لان المرأة الفلاحة بشكل عام أو العاملة البسيطة تجد نفسها في نهاية المطاف لا تمتلك شيئا وعرضة لكل أنواع المخاطر. وقد مرت علينا حالات عديدة في المحاماة لقضايا من هذا النوع ولمسنا حجم المعاناة والتمييز ضد المرأة. وأرى ان تعلق البعض بالأحكام الدينية الجاهزة له علاقة بخلفية الشخص وأيضا بأنانيته وعدم تحمله للمسؤولية ولهفته على الجانب المادي بقطع النظر عن أهمية تحقيق العدالة، كما أن مسألة المساواة في الإرث تمس أيضا السلم القيمي، وهنا تتأكد أهمية مراجعة القاعدة المتعلقة بالإرث. فحتى في الدين هناك قراءات أخرى أكثر انفتاحا ضمن ما يسمى بالقراءات «المقاصدية» أي ما المقصود من الآية في الزمن الذي انزلت فيه؟ وبناء عليه اعتقد ان الإسلام أكبر وأوسع من محدودية فكر البعض.
○ اذن هل يمكن تمرير القانون مع كل العوائق ومنها معارضة الزيتونة؟
الزيتونة هي مؤسسة جامعية في تونس وليست دينية، دار الإفتاء هي المؤسسة الرسمية في العلاقة بالجانب الديني. هناك مجموعة من داخل الزيتونة أعلنت معارضتها وأخرى تعاملت بكل رحابة صدر وايجابية مع الحريات الفردية والمساواة في الإرث. وهؤلاء مقتنعون انه يجب تطوير القوانين في هذا السياق لتصبح المساواة في الإرث واقعا، وتاريخيا نجد ان علماء الزيتونة كانوا أكثر اعتدالا من غيرهم من العلماء، والإسلام لديهم منفتح على واقعه ومجتمعه ويتماشى مع التطور وهنا نذكر الصداق القيرواني كمثال على هذا الانفتاح. وفيما يتعلق بالجانب القانوني، نجد ان هناك مساواة بين المرأة والرجل فيما يتعلق بالنواحي الجزائية فلماذا لا تمارس هذه المساواة أيضا في الإرث؟
○ هناك من يعتبر ان هذه القرارات تحمل في خلفيتها «جوانب دعاية انتخابية مبكرة» للرئيس قائد السبسي الراغب في استمالة النساء مجددا للتصويت له إذا قرر إعادة الترشح فماذا تقولون؟
أولا الرئيس لم يطرح قانونا خارجا عن المجتمع التونسي، بل هناك حاجة ملحة وظرفا تاريخيا هاما يجعله يطلق خطابه التاريخي في 13 أوت أي يوم عيد المرأة في تونس. وهنا أذكر ان الرئيس هو من جيل بورقيبة، أي من الذين وضعوا مدونة الأحوال الشخصية. في ذلك الوقت أراد بورقيبة ورفاقه السير باتجاه إقرار المساواة في الإرث وعدم التمييز ضد المرأة، لكن التوازنات القائمة حينها لم تكن تسمح. وهو أيضا مواكب للتغيرات الحاصلة في المجتمع ولتقدم المرأة واستحواذها على مواقع متقدمة على الرجل في شتى المجالات.
وبحكم التطور فان اقرار المساواة في الإرث هو استكمال للمرحلة الجديدة من تحقيق المساواة بعد تحقيق التناصف السياسي الذي أعطى جرعة كبيرة فتحت الفضاء السياسي أمام النساء.
○ هل ما زالت سياسة التوافق في تونس قائمة وهل ما زال ميثاق قرطاج قائما خاصة بعد تهديد بعض الأحزاب بالانسحاب منه؟
الرئيس، وفي إطار النظام السياسي الجديد الذي قام على توزيع السلطة يعتبر أن المرحلة دقيقة تتطلب التوافق. هي مرحلة إعادة تشكيل للخريطة وللعملية السياسية، وتسيير البلاد وفق النظام السياسي الجديد بمؤسساته ووفق المرحلة الجديدة بعد الثورة وبعد الانتخابات التي حصلت بعد المرحلة الانتقالية، بالتالي المرحلة هشة نوعا ما باعتبار ان عملية إعادة التشكل لم تستقر بعد، كلها في طور التطور والترسيخ بالتالي هناك نوع من الهشاشة في الحياة السياسية، وقواعد المنافسة السياسية ليست في زمن عادي، أي استقرار ديمقراطي ووضوح في القوى واللعبة السياسية والمؤسسات الضامنة دستوريا لعملية التداول وحماية المكتسبات بقطع النظر عن القوى السياسية التي تتداول على البلاد كما في أوروبا أي الديمقراطيات العريقة التي لا يهم أن يصعد فيها اليمين أو اليسار.
هناك أشياء لا تخضع لمراجعة، وتبقى من الأعمدة التي تقوم عليها الدول وتتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والعلاقة بين المؤسسات وغيرها. مثلا في فرنسا نجد هناك ديناميكية في العملية السياسية تذوب فيها الخلافات بين اليمين واليسار. عندما يصعد اليمين المتطرف مثلا هناك تقارب يحصل ما بين القوى السياسية لمواجهة أي خطر، نحن ما زلنا بعيدين عن ذلك، نحن بصدد صناعة الثوابت وصناعة المرتكزات. وبالتالي تتطلب المرحلة أن تبحث الأطراف السياسية عما يجمعها أكثر مما يفرقها والبحث عن التجميع نحو المشترك هو الذي يجعلنا نبحث عن توافقات. ويمكن ان تكون هذه التوافقات حتى مع الأحزاب التي هي أشد منافسة لنا وفي واقع الحال حركة النهضة. هذه التوافقات إذن هدفها خلق التوازنات وإعادة تشكيل المجتمع السياسي في تونس وفي هذا الإطار تأتي وثيقة قرطاج، أي تجميع أكثر ما يمكن من الأطراف السياسية والاجتماعية. وتجعل هذه التوافقات الأحزاب والمنظمات تقوم بدورها في خلق السلم الاجتماعي والتحكم بعملية الاحتجاجات والتحركات الاجتماعية. وتضم وثيقة قرطاج أحزابا ولئن لم تكن ممثلة في مجلس النواب لكنها تاريخيا كانت من القوى الفاعلة ولها وزنها ولها مساهمتها في صناعة الحياة السياسية في البلاد منذ الاستعمار إلى يومنا هذا ولها رصيدها التاريخي ورمزيتها.
إذن وثيقة قرطاج كانت في إطار هذا التوجه أي خلق إطار، والتجميع حول المشترك الأدنى المتوفر للمضي في عملية البناء وتركيز المؤسسات والسير نحو استقرار الحياة السياسية بشكل يسمح فيها بالتداول في مرحلة متقدمة. أي يتم الحفاظ على المكتسبات ولا تخضع كل مرة إلى مراجعة مثل مرحلة التأسيس. العملية السياسية لا يمكن دائما ان نخوضها من مبدأ المنافسة للتفرد بالنتيجة، ففي مراحل تاريخية مثل التي نعيشها اليوم نخوضها بذهنية التأسيس للمستقبل، بشكل يضمن للجميع الحقوق داخل وخارج السلطة.
○ وماذا بشأن اتفاق النهضة والنداء مع الاتحاد الوطني الحر والذي أقلق الشركاء؟
الاتحاد الوطني الحر كان موجودا في وثيقة قرطاج. فالأحزاب آمنت بها كإطار سياسي للتنسيق لصالح الجميع بقطع النظر عن التوازنات الفعلية، الحزب الجمهوري خرج من الحكومة ولكنه ظل متمسكا بوثيقة قرطاج وهذا دليل على ايمانه بأهمية الأدنى المتوفر من أجل استقرار البلد، ومن أجل توفر أرضية تجمع للمضي نحو بناء المرتكزات المؤسساتية والقواعد السياسية لإدارة الحياة السياسية والشأن العام. وأعتقد ان الرئيس نجح في ذلك لأنه كان وراء خلق هذا الإطار الجامع من أجل استقرار البلاد، ومنذ انتخابات 2014 إلى الآن تحسن الوضع أمنيا واقتصاديا. عموما هناك تطور.
○ لكن الاقتصاد التونسي يعاني صعوبات يعرفها القاصي والداني؟
المعضلة حاليا بالنسبة لتونس هي الموازنة العمومية والحكومة منكبة عليها من خلال مشروع الميزانية. ندرك جيدا ان أصعب سنة ستكون 2018 ونحن مطالبون بقدر كبير من التضحية. فإذا تجاوزنا هذه السنة وأعدنا تقليص النفقات نستطيع الانطلاق إلى أشياء أخرى، والأرقام فيما يتعلق بتطور الاستثمار الخاص تشير إلى الزيادة في أعداد المستثمرين الأجانب أو المحليين. تقول هذه الأرقام أن البنوك الخاصة طورت في السنوات الاخيرة أرقام معاملاتها بينما البنوك العامة تشهد انهيارا في معاملاتها. ففي القطاع الخاص هناك أقل ما يمكن من التعقيدات الإدارية، وفي القطاع العام هناك مشكلة الإدارة والبيروقراطية الإدارية. الموظفون في القطاع العمومي خائفون يخشون محاسبة القضاء إن هم أخطأوا حتى عن غير قصد في ظل هذا المناخ الثوري.
○ وماذا عن تراجع سعر صرف الدينار التونسي؟
السبب في انخفاض الدينار هو أن هناك قطاعات إنتاج موجهة للتصدير تعطلت مثل الفوسفات، كما أن السياحة التي كانت تجلب العملة الصعبة ضربت بسبب العمليات الإرهابية في 2015 والآن تعافت، وإنتاج البترول معطل بسبب الإضرابات، ولدينا مشكلة كبرى الآن تتمثل في أننا نستورد أشياء من المفروض أننا نصدرها. قيمة العملة مرتبطة بعدم التوازن في الواردات والصادرات، الأمر الذي يخلق ضغطا لا يمكن الخروج منه إلا بعودة القطاعات التصديرية إلى نسقها الطبيعي مع خلق أسواق جديدة. ولعل المبشر بالخير في هذه السنة والتي سبقتها أن الفلاحة التونسية حققت نتائج جيدة وأدخلت العملة الصعبة وفاقت مداخيلها مداخيل قطاع السياحة.
○ هناك جدل اليوم حول ميزانية 2018 في خضم الظرف الاقتصادي الصعب فما رؤيتكم لذلك؟
ما يهمنا هو الجانب المتعلق بميزانية رئاسة الجمهورية وقد قمنا بمجهود مراعاة للظرف العام في البلاد، حيث حافظنا على الرقم نفسه الذي كان موجودا العام الماضي. وميزانية رئاسة الجمهورية تتضمن أيضا نفقات الأمن الرئاسي ونفقات صيانة القصور الرئاسية التي كانت تابعة لوزارة أملاك الدولة ثم أصبحت تابعة لرئاسة الجمهورية في سنة 2014 وهي مكلفة وتتطلب اهتماما، وهناك تفكير لاستغلال هذه القصور كمعالم ثقافية وسياحية لتخفيف الأعباء. لقد بلغ عدد مستشاري الرئاسة 18 فقط، في حين سنة 2010 كانوا 41 مستشارا رئاسيا وحصل التقليص للضغط على الميزانية لمراعاة الظرف الاقتصادي ولأننا نرغب في أن نعطي المثال.
○ السياسة الخارجية التونسية كيف هي اليوم وكيف يمكن الحفاظ على ثوابتها في خضم المتغيرات والأزمات الصعبة الحاصلة في المنطقة؟
منذ مجيء الرئيس الباجي قائد السبسي إلى الحكم حصل خروج عن سياسة المحاور. لقد ورثنا علاقات مرتبكة مع عدة دول عربية وأزمات، وأول زيارة قمنا بها كانت إلى الجزائر لتوطيد العلاقة وهذا ان دل على شيء فهو يدل على عمق الروابط التي تجمعنا بالجزائر وأيضا على أهمية ومتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين. كما عادت العلاقات مع مصر إلى سالف عهدها وكذا دول الخليج، وحاليا هناك قنصل يسهر على تمثيل المصالح التونسية في سوريا وهناك تنسيق وغير مستبعد ان ترجع العلاقات في أعلى تمثيلها وفق تطور الوضع، وحتى في علاقة بالأزمات الدائرة في المنطقة مثل الأزمة الخليجية، كان موقف الدبلوماسية التونسية واضحا وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والحفاظ على مصلحة تونس والمواطنين التونسيين الموجودين في تلك الدول واحترام الدول في سيادتها وقرارتها.
○ في رأيكم من وراء إثارة الإشاعة المتعلقة بوفاة رئيس الجمهورية التي قيل ان إحدى القنوات الأجنبية أعلنت عنها، وكيف تعاملتم معها؟
أعتقد ان النسق التصاعدي للإشاعات يرتبط بالفترات التي تتحرك فيها الأمور بجدية أكثر في الجانب السياسي أو الاقتصادي، يعني بفترات لها علاقة بمحطات معينة. برزت أول مرة هذه الإشاعة بالتزامن مع إقرار قانون المصالحة ثم عندما بدأنا نتحرك أكثر في الجانب الاقتصادي والتنموي جاءت مجددا ليقع التشويش على أداء رئيس الجمهورية من خلال إشاعات أما تتعلق بحياة رئيس الجمهورية باعتبار انها المؤسسة الوحيدة التي تلعب دورا في التوفيق وفي إيجاد حلول للأزمات وفتح أفق، أو بأداء الحكومة، وهذا يزعج من هم معنيون بإفشال مسار رئيس الجمهورية ولا يستطيعون محاربته إلا عبر الإشاعات التي تستهدف حياته، وهذا أمر لا أخلاقي ودليل على الإفلاس السياسي وعدم القدرة على التعبئة، وباعتبار ان المستهدف هو موقع رئاسة الجمهورية لذلك ان المكلف العام بنزاعات الدولة هو من ينوب الدولة في هذه القضية لإثارة التتبع وإدارة "فرانس 24" أيضا مصرة على تتبع من زور صفحتها في بيان أصدرته بهذا الخصوص.(القدس العربي)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.