سرقة عينات من الذهب بقيمة 700 ألف دولار من متحف في باريس    فقدان 61 مهاجرا غالبيتهم سودانيون في انقلاب قارب ثانٍ قبالة ليبيا    الولايات المتحدة: إطلاق النار على العديد من ضباط الشرطة في مقاطعة يورك    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    تونس وكوريا: نحو شراكة في الابتكار الطبي والبيوصيدلة    مع الخريف: موسم الفيروسات يعود مجددًا وهذا هو التوقيت الأمثل للحصول على لقاح الإنفلونزا    منزل بورقيبة.. وفاة إمرأة إثر سقوطها من دراجة نارية    الاستاذ عمر السعداوي المترشح لخطة رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس ل" الشروق اون لاين ".. " ساعمل من أجل هياكل فاعلة تحفظ كرامة و تطور الممارسة اليومية للمهنة"    وزير التشغيل والتكوين المهني يعطي من قبلي اشارة انطلاق السنة التكوينية الجديدة    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    وزير الداخلية: تونس في مواجهة مُباشرة مع التحدّيات والتهديدات والمخاطر السيبرنية    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    تسجيل تراجع في صابة "الهندي" الأملس    عاجل/ إسبانيا تلوّح بمقاطعة المونديال في حال تأهّل إسرائيل    إلغاء الإضراب بمعهد صالح عزيز    تحذير صارم: أكثر من 30 مصاب بالاختناق جراء تلوث المنطقة الصناعية في قابس...شفما؟    تونس تحدد مخزون الحليب الطازج المعقم    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    مروي بوزياني تحطم الرقم القياسي الوطني وتحتل المرتبة الرابعة في نهائي 3000 موانع سيدات باليابان    جريدة الزمن التونسي    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    القصرين: مشروع نموذجي للتحكم في مياه السيلان لمجابهة تحديات التغيرات المناخية والشح المائي    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    جندوبة الرياضية تتعاقد مع اللاعب بلال العوني    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    بشرى سارة للتونسيين: أمطار الخريف تجلب الخير إلى البلاد..وهذا موعدها    الرابطة الأولى: تشكيلة شبيبة العمران في مواجهة النادي الإفريقي    سفينة "لايف سابورت" الإيطالية تنضم لأسطول الصمود نحو غزة كمراقب وداعم طبي    ارتفاع الحرارة ليس السبب...النفزاوي يكشف أسرار نقص الدواجن في الأسواق    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    الدينار التونسي يتراجع أمام الأورو إلى مستوى 3.4    أكثر من 100 شهيد في مجازر ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    الحماية المدنية: 597 تدخلا منها 105 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    عاجل: طلبة بكالوريا 2025 ادخلوا على تطبيق ''مساري'' لتأكيد التسجيل الجامعي..وهذا رابط التطبيقة    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    القيروان: النيابة العمومية تأذن بتشريح جثة العرّاف ''سحتوت'' بعد وفاته الغامضة    قطاع التربية يحتج اليوم: ساعتان من الغضب داخل المؤسسات وأمام المندوبيات    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    عاجل/ الكيان الصهيوني يستهدف مستشفى للأطفال بغزة..    جريدة الزمن التونسي    لمدة 48 ساعة فقط.. جيش الاحتلال يعلن عن ممر آمن لإخلاء سكان غزة جنوبا    أسطول الصمود: سفينتا ''قيصر- صمود'' و موّال-ليبيا تغادران في اتجاه القطاع    وفاة روبرت ريدفورد: رحيل أيقونة السينما الأميركية عن 89 عامًا    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صمت وسلبية حزبا التكتل والمؤتمر يهددان مبدأ المساواة
حوار مع مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري:
نشر في الشعب يوم 18 - 08 - 2012

اعتبرت المناضلة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري وعضوة المجلس الوطني التأسيسي، أن صيغة الفصل 28 تثير الاستغراب باعتبار أن مسودة التوطئة والمبادئ العامة في دستور «الجمهورية الثانية» ينص صراحة على مبدأ المساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل على أساس المواطنة، محملة في ذات الوقت مسؤولية ضرب هذا المبدأ لصمت وتواطؤ كل من حزب التكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية، معتبرة أن المسيرة الاحتفالية بعيد المرأة (13 أوت) التي انتظمت في عديد ولايات الجمهورية رسالة تنبيه وتحذير لكل من تسول له نفسه المساس بالمرأة التونسية رمزا للجمهورية.
في هذا الحوار تتطرق المناضلة مية الجريبي إلى ما حف بالفصل 28 من الدستور وآخر مستجدات الحزب الجمهوري وآفاق الجبهات الانتخابية القادمة.
كنت أول أمينة عامة لحزب سياسي في تونس وترشحت لرئاسة المجلس التأسيسي، فهل تعتبرين أن هذه الوظائف القيادية ستظل مكفولة للنساء التونسيات على ضوء المتغيرات الحاصلة في تونس؟
- التونسيات قطعن أشواطا مهمة في المشاركة في النشاط العام بدءا من حركة التحرير ومرورا ببناء الدولة الحديثة وصولا إلى الإطاحة بالنظام السابق، وأعتقد أن ما حققته المرأة التونسية من مكتسبات لم تكن مسقطة ولم تأت من فراغ، إنما اقتلعتها عن جدارة وباستحقاق، وأعتقد أن وجود المرأة في المواقع الريادية والقيادية دون إمكانياتهن الحقيقية.
الآن نعرف أن هناك دعوات إلى للتراجع عن هذا الموقع المتقدم والنكوص بمسيرة مشعة للمرأة التونسية المتحققة على مدى عقود وعلينا باعتبارنا مناضلين سياسيين وجمعياتيين وعلى كل فئات الشعب التونسي أن يقف صفا واحدا أمام هذه الهجمات وأن يبرهن على فطنته وحذره من المشاريع التي تحاول شد حركة التاريخ إلى الوراء، وما حصل ليلة 13 أوت بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة خير جواب على كل مشكك في قيمة المرأة التونسية.
قبل وبعد 14 جانفي كانت المرأة في الصفوف الأمامية لجل التحركات، وكان مطلب المساواة مركزيا في كل تلك التحركات، وتضمن ما لا يقل عن 40 مشروع دستور قدم للمجلس التأسيسي مبدأ المساواة بما يعني وفاقا وطنيا حول هذا الاستحقاق، غير أن الفصل 28 مثل «نشازا» دستوريا؟
- أعتبر أن مبدأ المساواة قيمة إنسانية وهي محل توافق وطني في صفوف الشعب التونسي لا نخبته الفكرية والسياسية فقط، وهذا التوافق أسست له الحركة الإصلاحية التونسية المتأصلة في تاريخها والمنفتحة على التاريخ الحضاري المستنير، بدءا من خير الدين ومرورا بالطاهر الحداد والفاضل بن عاشور، وهو تيار متواصل في الزمن...
وبالفعل فإن مشاريع الدساتير المقدمة للمجلس التأسيسي وعلى رأسها مشروع دستور الاتحاد العام التونسي للشغل نصت جميعها على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ومهم أن نستذكر هنا وثقية 18 أكتوبر التي جمعت أطرافا من اليسار ومن القوميين ومن الإسلاميين وقد ثمّنت آنذاك الهيئة في الوثيقة المكاسبَ التي جاءت بها مجلةُ الأحوال الشخصيّة التونسيّة، ورأت فيها ثمرةً لحركة إصلاحيّة تنويريّة خلّصتِ المرأةَ من قيود عصور الانحطاط الاجتماعيّة والثقافيّة، وأسهمتْ بذلك في تحرير نصف المجتمع وتحديثه مع الحفاظ على مقوِّمات هويّته الحضاريّة الخصوصيّة. وطالبت الهيئة بتعميق هذه المكاسب، في توافق مع المواثيق الدوليّة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، وقد التزم الجميع وقتذاك بالنضال من أجل تكريس هذا المبدأ وتطويره ايجابيا، ولذلك أعتقد انه لا مجال اليوم للتراجع عن هذه الالتزامات والنكوص بتلك العهود.
والفصل 28 من الدستور الحالي يثير الاستغراب، فإذا كنا نؤمن بمبدأ المساواة كما يقول إخواننا في كتلة حركة النهضة فلماذا يتم التخلي عن هذا المصطلح التأسيسي وتعويضه بكلمة «التكامل»؟! خاصة أن مسودة التوطئة والمبادئ العامة تنص صراحة على المساواة وكل أعضاء المجلس الوطني التأسيسي متفقة على ذلك باعتباره مبدأ يوحد كل التونسيين، غير أن هذا الفصل بالصيغة المقترحة من كتلة حركة النهضة كان مفرقا للجميع لذلك دعوتنا لكافة الكتل أن نتوحد ونوحد كل التونسيين من خلال التنصيص صراحة ووضوحا على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل.
كيف تقيمين تراجع حركة النهضة اليوم وهي في الحكم عن مبادئ 18 أكتوبر وخاصة فيما تعلق بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل والحريات العامة والفردية؟
- نحن نشهد ازدواجية في الخطاب تَسم أداء حكومة الترويكا والحزب الحاكم بصف خاصة، فوثيقة 18 أكتوبر كانت محطة تاريخية تؤسس لعلاقة ديمقراطية تعددية بين كل العائلات الفكرية حتى نتعايش بسلام بل ونتكامل في خدمة الصالح العام تحت علوية القانون، وفي إطار احترام المبادئ الديمقراطية الجامعة، لكن مع الأسف الشديد وقع التراجع عن هذا الاتفاق، والحقيقة أن التراجع عن هذه التعهدات لم يقتصر على وثيقة 18 أكتوبر، بل أيضا عن الوثيقة الممضاة عشية الانتخابات (23 أكتوبر) التي التزمنا بمقتضاها جميعا بأن لا يتجاوز عمل المجلس التأسيسي مدة السنة.
ازدواجية الخطاب نلاحظها أيضا في مجال استقلال القضاء، حيث يعلنون عنه شفويا ويرفضون التنصيص عليه في القانون، وكذلك الأمر في خصوص المساواة بين المرأة والرجل، وأنا أعتبر أن صمت الحزبين «المشاركين» في الحكم (حزب التكتل من اجل العمل والحريات وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية) عن مثل هذه التراجعات الخطيرة لا يمكن إلا أن يحمل اسما واحدا هو «التواطؤ».
في سياق هذا الخطاب المزدوج، كيف تقيمين تعامل الحكومة الحالية مع الأعياد الرسمية مثل عيد الجمهورية وعيد الشهداء وعيد المرأة، وهل ترين أن إبداء التجاهل لهذه الأعياد من ناحية، وممارسة العنف والقمع ضد المحتفلين من ناحية ثانية، مرده الطبيعة الانتقالية للمرحلة أم هي سياسة إستراتيجية لضرب مقومات النظام الجمهوري؟
- من ليس له ماض لا يمكن أن يزعم بناء المستقبل، والماضي لدى كل الشعوب يتجسد ويتمظهر في الأعياد الوطنية والشعبية.
ما استغربه أن حكومتنا المؤقتة منذ أن تولت مقاليد الحكم لم تحفل بأي مناسبة لا وطنية ولا شعبية. في 20 مارس، عيد الاستقلال، قلنا إنهم حديثون بالحكم لكن تواصل الأمر، ففي يوم 9 افريل عيد الشهداء، وقع «الاحتفال» بالمتراك وبالغاز المسيل للدموع ولا يفوتني هنا أن أسأل عن مآل اللجنة التي تشكلت للتحقيق في أحداث العنف المنظم الذي سلط على الشعب يومها.
كما تجاهلت الحكومة عيدين وطنيين بقيمة عيد الجمهورية (25 جويلية) وعيد المرأة (13 أوت)، ولكن نحن في الحزب الجمهوري ومع كل مكونات المجتمع المدني الحية والغيورة على تاريخ تونس والمفتخرة بأعيادها الوطنية والشعبية، كنا نحتفل في كل مرة ونعبر عن وفائنا لكل الأجيال التي سبقتنا وناضلت من أجل حياة أفضل لنا، وقد نظم الحزب الجمهوري اجتماعا شعبيا ضخما في شارع الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية 2012 واحتفلت الأحزاب والجمعيات والمنظمات بيوم المرأة بالزخم الذي لاحظه الجميع، كما حرص الحزب الجمهوري أن لا تقتصر هذه الاحتفالات على تونس العاصمة بل انتظمت الاحتفالات في قابس وصفاقس ونابل والمهدية والمنستير وبنزرت وبنعروس وغيرهم من الولايات.
الاحتفال بعيد المرأة كانت احتفاليا وكذلك تعبويا للوقوف في وجه خطر التراجع عن مكتسبات المرأة والمجتمع التونسي.
في كلمتك في قصر المؤتمرات بمناسبة عيد المرأة كنت توجهت برسالة إلى الحكومة وصفتها بالتاريخية ؟
- إن اجتماع 13 أوت في قصر المؤتمرات والذي سبقته مسيرة ضخمة انطلقت ليلا في شارع الحبيب بورقيبة مرورا بشارع محمد الخامس، والتي ضمت أحزابا سياسية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني والنقابي يؤسس صيغة تجميعية لكل القوى الديمقراطية الوسطية والمعتدلة لمواجهة كل أخطار الاستبداد بأشكالها الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وهذا التجميع يكتسي أهمية بالغة بعلاقة بالاستحقاقات الدستورية والسياسية القادمة وبذلك فهو يكتسي بعدا تاريخيا، وما قلته في كلمتي تحذير من الانحرافات الخطيرة التي تأتيها الحكومة المؤقتة.
وفقا لتصريح سابق ذكرت أن قرار منع التظاهر يوم 13 أوت تم الإعلان عنه في اجتماع حزب سياسي (حركة النهضة) فهل يعني أن وزير الداخلية، الذي اعتبرته في السابق عديد النخب السياسية قد أظهر من الكفاءة ما يخول له أن يكون رجل دولة محايد، فهل يعني هذا أن الدولة التونسية عادت إلى مربع الاستبداد والى سيطرة الحزب الحاكم على دواليب الدولة؟
- مظاهر التداخل بين الحزب «الحاكم» ومؤسسات الدولة عديدة وتبعث على الانشغال وتؤكد مرة أخرى أننا لم نقطع بعد مع أساليب العهد الماضي، فنرى على سبيل المثال رئيس حركة النهضة يعلن عن تحوير وزاري وشيك وهو لا يتقلد أي منصب حكومي! ونرى مسؤولين حزبيين يستغلون القاعة الشرفية لمطار تونس قرطاج لاستقبال ضيوفهم الحزبيين تحت رايتهم الحزبية، أما عن تصريحات الولاة الذين من المفترض أن يتحلوا بالحياد والاستقلالية، فهي عبارة عن حملات انتخابية سابقة لأوانها، أما عن تبريرات لممارسات حزبية حدث ولا حرج وليس أدل على ذلك من ممارساتهم فيما يتعلق بالنيابات الخصوصية التي تنم عن نزعة سيطرة واستحواذ وهيمنة تفتح المجال أمام كل الأخطار.
أن تحقيق أهداف الثورة التي جاءت من اجل تحقيق الكرامة لكل المواطنين مهما كانت انتماءاتهم تفرض على كل الوطنيين الوقوف صفا واحدا ضد هذه الانزلاقات الخطيرة.
بعد نجاح مؤتمركم التوحيدي، وفي خضم التكتلات والجبهات الانتخابية والإستراتيجية، هل هناك آفاق جديدة للالتقاء مع مكونات سياسية أخرى؟
-البناء الديمقراطي يفترض التوازن بين الأطراف السياسية لتأمين التداول على الحكم وهو الركن الأساسي للنظام الجمهوري وهذا التوازن يفترض تجميع الجهود وتوحيد العائلة الديمقراطية الوسطية المعتدلة.
هذا الالتقاء الذي ضم إلى جانب الحزب الديمقراطي التقدمي ائتلاف عدة أحزاب وسطية تقدمية مثل حزب آفاق تونس والحزب الجمهوري إلى جانب تشكيلات سياسية حديثة العهد وهي حزب الإرادة وحزب الكرامة وحركة بلادي وحزب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلى جانب شخصيات وقوائم مستقلة، هو التقاء ليس خيارا بل هو ضرورة وليس تمشيا حزبيا لبعض الأطراف، وإنما مطلب واسع تعبر عنه عديد النخب والمواطنين في بلادنا، لذلك قرر المكتب السياسي للحزب الجمهوري المنعقد مؤخرا في صفاقس فتح باب المشاورات مع كل الأحزاب والجمعيات والمنظمات التي نلتقي معها في نمط المجتمع الذي ننشده لتكوين أوسع جبهة ديمقراطية ممكنة في أفق الاستحقاق الانتخابي القادم.
ولكن أفضى هذا التوحيد إلى انقسامات داخل الحزب الديمقراطي التقدمي وكذلك في صفوف الحزب الجمهوري، فهل هناك مبادرات لإعادة مناضلي الحزب خاصة أمام حركة الاستقطاب الواسعة التي تقوم بها بعض القوى على غرار نداء تونس؟
- أولا نحن نحترم كل الخطوات التي تقوم بها الأحزاب الأخرى في إطار من الأخلاق السياسية ونؤكد تواصلنا مع الأحزاب الوسطية والمعتدلة من اجل جبهة انتخابية، والحزب الديمقراطي التقدمي جسد مساره التوحيدي بانصهار تسعة (9) أحزاب إلى جانب 15 قائمة مستقلة، رغم أن الرأي العام السياسي والوطني لا يذكر إلا ثلاثة أحزاب فقط. والآن تجاوزنا هذه المرحلة، ومؤتمر الحزب الجمهوري تزامن مع انسحاب عدد من الكوادر السياسية، وبالطبع نحن نأسف لهذا الانسحاب، ونأسف أننا عندما كنا نطرح مسالة التوحيد نَزَعَ بعض من إخواننا إلى التفرقة، وكما قلنا في عديد المناسبات أن هذه الانسحابات جاءت رفضا لنتائج مؤتمرنا الذي كان ديمقراطيا وشفافا، وعلى كل حال نحن تجاوزنا هذه المرحلة والحزب الجمهوري يشق طريقه بثبات، ولا أدل على ذلك هذا الامتداد الجغرافي ونجاح تحركاتنا الميدانية والتجاوب الشعبي العفوي وربما مسيرة الاحتفال بيوم المرأة 13 أوت دليلا آخر على ثبات نهجنا الوسطي والمعتدل.
تجاوزنا مرحلة الانقسامات وعسى أن يجد كل الديمقراطيين والمعتدلين بعضنا البعض في خدمة تونس.
تم مؤخرا عرض تقرير بسير المشاورات بين حزبكم وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي ونداء تونس، هل لنا أن نعرف بعض التفاصيل من هذا التقرير؟
- تنادينا، نحن الأحزاب الثلاثة للحوار وتقريب وجهات النظر بخصوص الراهن السياسي وأيضا للبحث في سبل تجميع طاقاتنا، وقد أكدنا على خطورة الوضع العام بالبلاد والمتسم بنزعة السيطرة والهيمنة من الحزب الحاكم، وبوضع اجتماعي على حافة الانفجار، ووضع سياسي ملتبس بحالة من الغموض الشديد في خصوص خارطة طريق واضحة المعالم، كل هذه المؤشرات كانت أرضية مشتركة لنا ضمن هذا التقرير وقد تم عرض التقرير على الحزب الجمهوري الذي ثمن التوازن السياسي بين الأحزاب الثلاثة، وكلف الحزب الجمهوري الهيئة التنفيذية بإطلاق المشاورات مع الأحزاب الوسطية واليسار المعتدل ومنظمات المجتمع المدني لتكوين أوسع جبهة ديمقراطية تؤمن المسار الانتقالي نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وفي هذا الإطار لا يسعني إلا أن اثمن «الجبهة الشعبية» التي تشكلت مؤخرا بين عدة أحزاب يسارية وهو ما يدل على أن كل الأطراف قد استخلصت الدرس من الانتخابات السابقة ومن حالة التشتت، وهذه الجبهات سوف تيسّر الأمور على المواطن ليتمكن من حسن الاختيار.
دعا الحزب الجمهوري منذ مدة إلى حل الحكومة وتكوين حكومة إنقاذ وطني، هل هذا المقترح مازال ساري المفعول في هذه الفترة؟
- عديد الأطراف الوطنية، (أحزاب وجمعيات ومنظمات وكذلك مواطنين ) تؤكد على فشل الحكومة، هاته الحكومة التي انتظر منها المواطن المضي قدما في تجسيد البرامج التنموية العادلة والتي تمتص جزءا من البطالة المتفاقمة في صفوف الشباب وتحدث حركية اقتصادية، هاته الحكومة التي فشلت في تشبيك منظومة الحريات العامة والفردية وفي إرساء العدالة الاجتماعية، وفي إحلال الأمن، لكن مع الأسف الشديد نلاحظ خطابا مزدوجا خاصة فيما تعلق بالحريات، وكذلك لم تتراجع نسبة البطالة بل تفاقمت، ورأينا خطاب الرضى عن النفس تطلقه الحكومة في كل مناسبة وبالمقابل ولا تلقي إلا باللوم على الأطراف الأخرى من معارضة وإعلام وحتى المواطن المحتج والرافض لوضعه المزري لم يسلم من الحكومة.
هذه الحكومة تنصلت من مسؤوليتها وعليها أن تقر بفشلها وهذا ما يدفعنا للبحث عن سبل إنقاذ وطننا، وقد قدم الحزب الجمهوري حلا يضمن يتمثل في توافق وطني واسع حول حكومة محدودة العدد (15 وزيرا) متركبة من كفاءات مشهود لها بعيدا عن المحاصصة الحزبية وتتبنى برنامج إنقاذ وطني عاجل بما يفسح المجال أمام إجراءات عاجلة وناجعة وبما يفسح المجال أيضا أمام الأحزاب السياسية وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي لإنهاء صياغة الدستور.
الحكومة دائما ما تعلن أن هناك حوارات ومشاورات جارية مع المعارضة هل كنتم، الحزب الجمهوري، طرفا في هذه المشاورات؟
- أعتقد انه لا يمكن أن نؤمن الاستمرار إلا بالحوار بين المعارضة والحكومة، غير أن الترويكا متقوقعة على ذاتها، رافضة الاعتراف بالأخطاء وتغلق باب الحوار، ورغم كل التصريحات التي نسمعها من حين إلى آخر بخصوص التشاور والتحاور فان المناسبة الوحيدة التي التقى فيها رئيس الحكومة المؤقتة مع المعارضة تعود لأشهر خلت وكان لقاءا عاما!!!
يبدو أن الإعلام والقضاء هما الحلقة المحددة لتغول الترويكا ولذلك لا تتواني حركة النهضة في السعي الجاد للاستحواذ على الإعلام وتطويع القضاء، وأمام التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام من ناحية وتضارب التصريحات بشأن إطلاق سراح النقابيين المعتقلين من ناحية ثانية كيف ترون مستقبل هذين القطاعين؟
- لا ديمقراطية بدون قضاء مستقل واعلام حر، وانه لمن المحزن ان الحكومة تسعى جادة منذ اول يوم لتدجين الاعلام وتطويع القضاء، تارة بشن الهجومات على الاعلاميين وطورا بالخروج علينا بمشروع خوصصة الاعلام العمومي، وهنا لا يفوتني ان أشيد بالوقفة الحازمة لابناء القطاع ولكل مكونات المجتمع السياسي والمدني والحقوقي في الدفاع عن قطاع الاعلام عموميا مستقلا، وبالمناسبة احيي الوقفة الاحتجاجية التي قام بها الصحافيون أمام جريدة عريقة (الصباح) للدفاع على حرية الكلمة ورفض التعيينات المسقطة.
القضاء بدوره يشهد استهدافا من طرف السلطة التنفيذية، وما بالعهد من قدم يذكر الرأي العام الوطني عزل 81 قاضيا في ظروف غامضة تفتقد إلى الشفافية من طرف السلطة التنفيذية التي قامت الثورة من اجل أن ترفع يدها عن السلطة القضائية، وكما تابع الرأي العام الوطني شهد المجلس الوطني التأسيسي جدلا كبيرا بين من يدافع عن استقلالية حقيقية للقضاء وبين من يريد أن يطوع هذا الجهاز... كل هذه المؤشرات تنبؤ بان القطع مع الماضي هو شعار أجوف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.