دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، في ندوة الشركاء الاجتماعيين في كلّ من تونسوألمانيا حول الحوار الاجتماعي، الاتّحاد الأوروبي إلى مراجعة قرار تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء لدول «الملاذات الضريبية». وقد حضر الندوة كل من وزير الشؤون الاجتماعية، سفير ألمانيا الاتّحادية بتونس، سفير الاتّحاد الأوروبي بتونس، إبراهيم دبّاش رئيس الAHK،المدير التنفيذي للاتّحاد العربي للنقابات ومدير المشروع النموذجي للنهوض بالحوار الاجتماعي في جنوب المتوسّط، وممثل عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. وفي التالي فحوى كلمة الطبوبي: «مرحبا بشركائنا من ألمانيا وبأصدقائنا الألمان المقيمون بتونس. أهلا وسهلا بكم وشكرا على حضوركم معنا لإثراء النقاش حول دور الحوار الاجتماعي في تحقيق النموّ الاقتصادي وتطوير الاستثمار والنهوض بالعمل اللائق وتنمية الموارد البشرية بفضل التكوين المهني ولبحث آفاق التعاون بما يدعم الشراكة بين بلدينا وبما يساهم في توفير شروط النجاح لمسارنا الانتقالي ولتجربتنا الديمقراطية الناشئة. وكما تعلمون، فقد باشرنا في إطار برنامج الحوار الاجتماعي في بلدان جنوب المتوسّط، والذي يهدف إلى تطوير قدرات نقابات العمّال ومنظّمات أصحاب العمل في تونس والمغرب والأردن، برنامجا ثنائيّا مع الشركاء الاجتماعيين الألمان تراوح بين النشاط الدراسي والزيارات الميدانية الاستكشافية والدورات التكوينية التأطيرية. وقد أمكن بفضل هذا البرنامج الاطّلاع على التجربة الألمانية الرائدة في مجال الحوار الاجتماعي وتحديدا بشأن إدارة التمثيل العمّالي داخل المؤسّسة والتدريب والتكوين المهني كمصعد اجتماعي دامج وبشأن الآليّات الكفيلة بإنفاذ القانون. وبفضل هذا البرنامج أيضا تمكّنّا من استكشاف الفوائد الجمّة لسياسة القرب التي تضع الأجير والمؤجّر في علاقة مباشرة خارج دائرة ضغط المفاوضة الجماعية من خلال إرساء أطر وفضاءات دائمة للتشاور وتبادل المعلومات بشأن تطوير ثقافة المؤسّسة وتثمين الاستثمار في الرأسمال اللاّ مادّي. منذ سنة 2013 أمضى الشركاء الاجتماعيون في تونس عقدا اجتماعيّا تضمّن رؤيتهم لتجديد الحوار الاجتماعي، وفي سنة 2016 صادق مجلس الشعب على قانون استحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، وفي شهر جويلية من سنة 2017 وقّع الشركاء الاجتماعيون التونسيون مع مكتب العمل الدولي بجينيف على برنامج للنهوض بالعمل اللائق كمنطلق لمباشرة مهمّة تفعيل العقد الاجتماعي وعلى نفس الدرب باشرنا مهمّة استكشاف آليّات جديدة لإدماج القطاع الغير المنظّم من خلال تثمين دور الاقتصاد التعاوني والتضامني والاقتصاد الأخضر الواعد بمهن نظيفة صديقة للإنسان وللطبيعة. وممّا لا شكّ فيه، فإنّ التعاطي مع جملة هذه الملفّات والبرامج يقتضي منّا جميعا قدرات عالية وكفاءات مؤهّلة واستبطان ثقافة العمل الجماعي الكفيل وحده برفع التحدّيات وكسب الرهانات. إنّنا على ثقة من أنّ التجربة الألمانية وتحديدا التجربة النقابية الألمانية سوف تكون لنا مصدر إلهام لتنمية قدراتنا وتحسين أدائنا بما يساعدنا على الاضطلاع بمسؤوليّاتنا تجاه القوى العاملة وتجاه المؤسّسة وتجاه المجتمع داخل بلادنا. إنّنا نقدّر الدور الريادي الذي تقومون به في بلدكم ولكن أيضا على النطاق الأوروبي والعالمي من أجل تحديث العمل النقابي وتثبيت البعد الاجتماعي في صيرورة التنمية وفق مقاربة تعاقدية وتشاركيّة مسؤولة. إنّ ما نلقاه يوميّا ومنذ سنوات، وخاصّة بعد الثورة، من دعم مستمرّ لدى الهيئات الألمانية المنتصبة في تونس كمؤسّسة فريديريك ايبرت ومؤسّسة آڤناور ومؤسّسة روزا لوكسمبورغ ووكالة التعاون الدولي جِيْ – إِي – زَادْ، ولكن أيضا لدى العديد من الأصدقاء الأوفياء أمثال «بيتر سايدناك»، إنّما يعزّز لدينا الأمل في أن يكون هذا البرنامج الثنائي حول الحوار الاجتماعي الذي وصلنا إلى نهايته، بداية عهد جديد لمزيد توطيد علاقات التعاون بين بلدينا بما يعطي للعمل اللائق قيمته وبما يوفّر شروط الأمن والاستقرار الضرورية لاستكمال تجربتنا الانتقالية الناشئة بنجاح وبما يساعد على تطوير جاذبية بلادنا وكسب ثقة المستثمرين وعلى مباشرة المهام التنموية الكفيلة بتحقيق الإقلاع الاقتصادي والسلم الاجتماعي والإصلاح السياسي. وفي هذا السياق لا يفوتني أن أشير بكلّ أسف للقرار الصادر عن مجلس وزراء المالية للاتحاد الأوروبي والذي أَدرج البلاد التونسية ضمن قائمة الملاذات الضريبية، وهو قرار أَعتبِره غيرَ مُنصف بالمرّة وصادم ومن شأنه أن ينعكس سلبا على المسار الانتقالي الذي تمرّ به البلاد ومن شأنه أيضا أن يُعيق الجهود التي تُبذل من أجل النهوض بالتنمية وتدعيم الاستقرار الاجتماعي والأمن بالبلاد. لذلك فإنّنا ندعو من هذا المنبر الاتّحاد الأوروبي إلى مراجعة هذا القرار مراعاة لما تقتضيه المرحلة من ضرورة دعم ومساندة التجربة الديمقراطية التونسية الناشئة.»