قد تُحدث لجنة الحريات الفردية والمساواة التي تمّ إحداثها برئاسة الجمهورية بمناسبة عيد المرأة في أوت 2017، جدلا واسعا نظرا لما سيتضمنه تقريرها من تعديلات ومقترحات جريئة من أجل تغيير العديد من القوانين ذات الصلة بالمساواة والحريات الفردية. فالدستور شمل عددا من الفصول المتعلقة بالحرية الفردية وحرية الضمير والمعتقد وغيرها من المبادئ ذات العلاقة بحقوق الإنسان والمساواة ولكن في المقابل العديد من التشريعات والقوانين تتعارض مع مبادئه وروح التغيير التي تضمنها. ويتذّكر الجميع الجدل الواسع الذي أثارته قرارات رئيس الجمهورية بخصوص المساواة في الإرث والزواج من الأجنبي واللذين أعلن عنهما بمناسبة عيد المرأة، جدلا تواصل لأسابيع وأثار ضجّة كبيرة بوسائل الإعلام الوطنية والأجنبية وبمجلس نواب الشعب وأيضا الشارع التونسي بين متقبّل ورافض رفضا قطعيا. من المتوقع أن تلقى نوايا التغيير الثورية التي ستشمل ما بين 15 و20 قانونا متعلّقا بالحريات الفردية والمساواة، والتي لابدّ أن تتماشى مع روح الدستور الجديد ومبادئه، ذات المصير من النقاش والجدل الواسع. فقد وقفت لجنة الحريات الفردية والمساواة المحدثة صلب رئاسة الجمهورية وفق ما صرح به المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي وأحد أعضاء اللجنة ل"الصباح الأسبوعي" "على مدى التضارب الحاصل بين الدستور الجديد المتضمّن للعديد من المبادئ التحرريّة وبين التشريعات والقوانين المعمول بها إلى حد الآن". تنقيح القوانين ومراجعتها سيتطلب الكثير من الوقت لإعداد الصياغة الجديدة، وما سيتمّ في مرحلة أولى هو إبداء الرأي من قبل رئاسة الجمهورية بعد عرض المقترحات على اللجنة التشريعية داخل القصر ومستشاريه وفي ما بعد يُعرض على مجلس نواب الشعب الذي سيجد نفسه أمام تحديات كبيرة من بينها ضرورة إتمام التنقيحات والمصادقة على الكمّ الهائل من القوانين المنقحة والتي تتطلب تعديلات جذرية قبل موفىّ سنة 2019. من المهمّ الإشارة في هذا الصدد، وفق الجورشي، إلى أنّ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي هو الجهة الوحيدة المخوّلة للإطلاع على أشغال اللجنة التي تقدّمت في أعمالها بشكل مهمّ وقريبا ستشرع في صياغة التقرير الأولي الذي سيتمّ تقديمه إليه. ويُذكر أنه تمّ إحداث لجان فرعيّة، ومنها اللجنة القانونية التي استعرضت كلّ القوانين التي لها علاقة بالحريات الفردية وأيضا بالمساواة بعد أن تمّ القيام بجرد واسع النطاق شمل العديد من المجالات وخاصّة منها المتعلّقة بالأحوال الشخصية. من ناحية أخرى، اعتمدت اللجنة منهجية النقاش لكلّ قانون له علاقة بالحريات الفردية والمساواة، فإما أن يكون متعارضا تماما مع الحريّة الفردية وإلا يُعاني من نقائص ما، أو أنّ القانون في حاجة إلى مزيد من التوضيح حتى لا يُؤول لأيّ صالح غير الحريّات الفردية. وبالتالي ساعدت هذه المنهجية على حصر القائمة وبناء المقترحات التي قد لا تتوقف على إجابة واحدة فيمكن لبعض القضايا الشائكة تقديم أكثر من إجابة لتمكين رئيس الجمهورية والمشرع عموما من عدةّ إمكانيات وأولويات لبناء التنقيحات والتغييرات والوصول إلى أكثر النقاط توافقا. وبالنسبة إلى التقرير الذي سيتمّ تقديمه إلى رئاسة الجمهورية، فإن اللجنة ستُنهي قريبا مرحلة النقاش وتبدأ في صياغة المسوّدة الأولى التي ستُناقش مرة أخرى وقد تخضع للتعديل حيث من المنتظر أن يكون التقرير الأوّل جاهزا في شهر فيفري القادم. إيمان عبد اللطيف الصباح الاسبوعي بتاريخ 11 نوفمبر 2017