يتواصل الغموض حول صحة الجنرال الليبي خليفة حفتر (القائد العام للجيش التابع لبرلمان طبرق)، حيث نفى المكتب الإعلامي لرئيس أركان الجيش الفريق عبد الرزاق الناظوري ما أشيع حول قرار تكليفه بمهام حفتر من قبل رئيس البرلمان عقيلة صالح، فيما أكد صالح وعدد من نواب البرلمان أنهم أجروا اتصالات مع حفتر لم يكشفوا عن فحواها، في حين اعتذرت إحدى القنوات المقربة من حفتر عن بث خطاب مباشر له مساء الخميس، مبررة هذا الأمر ب«أسباب فنية»، وهو ما عزز التكهنات حول الحالة الصحية المتردية لحفتر. وكانت وسائل إعلام دولية أكدت أن حفتر موجود حاليا في أحد مستشفيات باريس، مشيرة إلى أنه ما زال في غيبوبة نتيجة تعرضه لجلطة دماغية نُقل على أثرها من ليبيا إلى الأردن قبل أن يستقر به المطاف في المستشفى الأمريكي في ضاحية «نويي سور سين» الباريسية. وشكل الغياب المفاجىء لحفتر والتكتم المستمر من قبل المقربين منه، مناخا خصبا للإشاعات حول حقيقة مرضه، حيث تناقلت عشرات الصفحات الاجتماعية معلومات تؤكد «وفاته» وأخرى تشير إلى أنه دخل في حالة «موت سريري»، فيما تداول مستخدمو فيسبوك «وثيقة» (اتضح لاحقا أنها مزورة) حول قرار رئيس البرلمان (القائد الأعلى للجيش) عقيلة صالح بتكليف رئيس الأركان الفريق عبد الرزاق الناظوري بمهام حفتر. ونفى المكتب الإعلامي للناظوري (في بيان أصدره على صفحته في موقع فيسبوك) الأنباء المتداولة حول صدور قرار بتكليفه بمهام القائد العام للقوات المسلحة، داعيا وسائل الإعلام ورواد مواقع التواصل الإجتماعي إلى «عدم الإنجرار وراء الإشاعات والأخبار الكاذبة التي يقوم بترويجها الخونة وأعداء الوطن». فيما أكد المتحدث باسم برلمان طبرق، عبدالله بليحق أن رئيس البرلمان عقيلة صالح «تواصل مع القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر وتابع معه آخر المستجدات»، من دون إضافة المزيد من التفاصل. في السياق كشف النائب علي القطراني عن اتصال قال إنه أجراه مع حفتر وتناول خلاله «المباحثات الدولية التي يقوم بها المشير هذه الأيام خارج البلاد»، مؤكداً اهتمام حفتر ب«التواصل مع كافة الأطراف الدولية والمحلية ودعم جهود المبعوث الأممي غسان سلامة من أجل إنهاء الأزمة الليبية». وتناقلت وسائل إعلام قريبة من حفتر أنباء عن «وصوله» إلى بنغازي من دون نشر أي صور أو فيديو تؤكد هذه الأنباء، حيث نشرت «قناة 218» على صفحتها في موقع «فيسبوك»: « تواتر أنباء عن وصول المشير حفتر لبنغازي»، وأضافت قناة «ليبيا الحدث»: « عاجل: ترقبوا كلمة مباشرة للمشير خليفة حفتر الليلة على تمام الساعة 9 مساءً»، لكنها اعتذرت بعد خمس ساعات عن «عدم تمكنها من بث الكلمة المباشرة للمشير خليفة بالقاسم حفتر لأسباب فنية»، مشيرة إلى أن حفتر «في أحسن حال»، ودعت الليبيين إلى عدم الانجرار وراء الإشاعات. ودوّن الدبلوماسي السابق إبراهيم قرادة «سؤال للعقل، للتفكير بموضوعية وطنية وسياسية، تفهم الواقع وتقدر العواقب: بقاء او اختفاء المشير حفتر من المشهد السياسي، هل سيكون في صالح أم ضد الوطن ووحدته، استقرار برقة ومكوناتها، بناء الجيش، محاربة الإرهاب، التدخلات الخارجية؟ قد لا نعود للمربع الأول، بل الدائرة الصفرية. كما انه يجب ان نساعد وندعم أهلنا في برقة، فهذا هو الانتصار، لا الانتصار لعواطف تتبخر لعواصف هوجاء مع أول ومضة عقل.. فلا نترك تدبير العقل لرغبة عواطف. علينا الفصل العقلاني بانقاذ سلامة ووحدة الوطن ومواصلة بناء الجيش ومداومة محاربة الإرهاب، والاستمرار في مسار الحل السلمي، مع تدارك الاخطاء والاستفادة من التجارب، وأولها تجاوز مرحلة الاقصاء وتكتيك المغالبة الخاسرين والمدمرين». وأضافت الوزيرة السابقة فاطمة حمروش «إن الموت حق علينا جميعا ولا شماتة فيه أو في المرض، فلا يدري أي منّا كيف ومتى ستأخذه المنية. إن هذا الكمّ الهائل من الكفر البواح الذي شهدناه خلال اليومين الماضيين، منذ ظهور نبأ مرض المشير خليفة حفتر، سواء كان من الأطراف المؤيدة أو المعادية له، لهو أمرٌ فعلا يدعو للشفقة تجاههم جميعا. لا بد من خطة بديلة، وهذا هو الأهم، فالأوطان لا تقف عند شخص معيّنٍ، بل على ولاء شعوبها لها.. فلا تتبعوا من ضلوا الطريق، ولتكن هذه نقطة البداية لليقظة، ومراجعة النفس، والإنصات لصوت الحكمة لأجل غدٍ أفضل». وكانت مصادر إعلامية حذرت في وقت سابق من حدوث صراع بين «خلفاء» حفتر في حال موته المفاجىء، مشيرة إلى وجود عدة أسماء مرشحة لخلافته، أبرزها نجله خالد حفتر وعبد الرزاق الناظوري وآمر غرفة عملية «الكرامة» اللواء عبد السلام الحاسي.