عبرت اليوم عضو المكتب السياسي لحرب المسار فتحية السعيدي ، في تصريح ل"الصباح نيوز" عن موقفها من تصريحات سمير بالطيب بخصوص الحزب ومن مآل البلاد حاليا بعد الاعلان عن تعليق اشغال وثيقة قرطاج 2. كما تطرقت السعيدي الى عديد المواضيع من خلال الحوار التالي: -ماهو موقفك من تصريحات سمير بالطيب بان بيان حزب المسار لا يفرض تغيير الحكومة برمتها وإنما إدخال مراجعات لما فيه مصلحة البلاد وبان هناك حملة لحساب الغير ضده من داخل الحزب وخارجه ؟ أوّلا، حزب المسار تابع عن كثب مسار قرطاج 2 يوم بيوم من خلال هيكل المكتب السياسي الموسّع على لجنة المضامين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتمّ تقييم ما جاء في الوثيقة في صيغتها النهائية وأرسل لمؤسسة الرئاسة موقفه ومقترحاته في كل مرّة طلب منه ذلك، فبعد وثيقة التقييم العام الأولى التي أرسلها قبل انطلاق أشغال لجنة الخبراء أرسل 3 وثائق يضمّن فيه رأيه وموقفه في النقاط الخلافية التي طلب منه إبداء الرأي حولها. آخر هذه الوثائق كانت على إثر انعقاد المجلس المركزي للحزب بتاريخ 19-20 ماي 2018 والتي تضمنت الموقف من النقطة 64 و64 مكرر، وقد جددنا موقفنا بضرورة تشكيل حكومة قليلة العدد تتكون من كفاءات وبعيدة عن التجاذبات السياسية والاجتماعية. ولمزيد تعميق حواراتنا الداخلية ومتابعة الأوضاع السياسية في البلاد تمت الدعوة لعقد المجلس المركزي الأخير للتداول وتبادل الرأي حول مسار قرطاج 2 برمته. وخلال الاجتماع تعددت آراء قياديي الحزب حول هذا الموضوع، فالمسار حزب تعددي وآراء مناضلاته ومناضلية متنوعة ولكن مهما تعددت الآراء وتنوعت هناك قاسم مشترك بين الجميع هو المبادئ والتوجهات العامة للحزب يجمع الجميع وفي كل مرّة نجد الصيغة المناسبة للتعبير عن مواقفنا في إطار الوحدة والتنوع. ومزيدا لتأليف الآراء التي تمّ التعبير عنها وفي إطار المتابعة والتشاور تمت الدعوة للمكتب السياسي الموسع الذي انعقد يوم 27 ماي 2018 والذي على إثره أصدر الحزب موقفه الرسمي وتضمن هذا الموقف تحفظا على مسار قرطاج 2 فالنقاط التي لا خلاف حولها في الوثيقة وإن كانت تحتوي عددا من الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية فإنها لن تحل الأزمة العميقة التي تعيشها وخاصة تلك المتعلقة بالإصلاحات الكبرى بما في ذلك مشكل الصناديق الاجتماعية وذكرنا في بياننا سبب مشاركتنا في وثيقة قرطاج 1 وفي حكومة الوحدة الوطنية التي تعني دائما حسب فهمنا ورأينا: وحدة حول أهداف ووحدة بين أطراف متساوية في إدارة الشأن العام تغيب فيها التجاذبات السياسية والاستقواء بنتائج الانتخابات وكل التصوّرات المغلوطة حول فهم ما تعنيه الوحدة الوطنية. وقد جاء في تقييمنا بأن غياب الرؤية والمشاكل الاقتصادية ليست وحدها من عرقل العمل الحكومي بل أن عرقلة النشاط الحكومي قد كان في جزء كبير منه كل "تلك التجاذبات الحزبية والانقسامات التي شهدها الشارع التونسي". وبناء على ذلك، وبخصوص بقاء الحكومة الحالية من عدمه، موضوع نقف فيه موقف الحياد لأننا لسنا طرفا في النزاع الحاصل ولأننا لم نشارك في حكومة الوحدة على أساس الحصول على مقعد وزاري بل هي مشاركة لغاية الإسهام في إنقاذ البلاد وإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي الذي نعلم مسبقا ووفق تحليلاتنا في لجنة المضامين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بأنه مسار محفوف بالتقلبات وبالمخاطر، لذلك، أعتبر بأن ما جاء في تحليل الأمين العام سمير الطيب هو قراءة من جملة قراءات أخرى، ولكنها قراءة لا تحمل روح النقاشات الطويلة التي خضنها، خاصة وإن لجميعنا قناعة راسخة بأن أي حكومة مهما كانت، سواء هذه الحكومة كما هي أو الحكومة القادمة مع تغيير جزئي أو عميق أو تغيير لن تتمكن من النشاط ومن العمل ما لم تحظ بتوافق حولها من الأطراف السياسية والاجتماعية. وهذا يعني مسألتين على الأقل بالنسبة لي كقيادية في الحزب وكمثقفة لها رأي، الأولى: الحكومة التي تتقاذفها التجاذبات هي حكومة تتقدم بصعوبة كبيرة إن لم تتعطّل جزئيا أو كليا. أما الثانية، فإن نجاح أي حكومة كانت سواء على رأسها الشاهد أو غيره، لن تستطيع العمل بأريحية وتحقيق أهدافها ما لم تحظى بحزام سياسي قوي يضمنه الموقعون على وثيقة قرطاج 1 وطالما لم تتوضح التزامات كل الأطراف لتحقيق أهداف وضحة وضرورية للخروج من الأزمة. وأشير إلى أن العقل السياسي في تونس قد التجأ إلى "حكومة وحدة وطنية" كمسار استثنائي في وضع استثنائي. وأؤكد بأن الحزب لم يدخل في التجاذبات السياسية بين الأطراف الموقعة وأنه على نفس المسافة بينها. أما في خصوص ما جاء على لسان سمير الطيب بأن هناك "حملة ضده داخل الحزب وخارجه" فهذا كلام مردود عليه وهو مجانب للصواب والإشكال المطروح داخليا هو إشكال تنظيمي بعلاقة بسيرورة اتخاذ القرار ولغاية دمقرطة الاشتغال الداخلي، أما خارجيا، فليس لنا علم بذلك ولكن نعتقد بأن كل رجل سياسي معرّض للانتقادات. وهو ليس خلاف ذو محتوى شخصي أو بين طرفين في الحزب فقد عشنا ولا زلنا نعيش في إطار التعدد والتنوع والمصلحة العامة وخدمة البلاد هي غايتنا الأولى فنحن حزب يساري له تاريخ وهو حزب نخبة مثقفة تلعب دور قادة الرأي العقلاني وتقترح البدائل. -ما هو موقف الحزب من تعليق العمل بوثيقة قرطاج؟ إن الحزب لم يجتمع ليقيم هذه النقطة وآثارها ومآلاتها، ولكن في كل الحالات فإن مسار قرطاج 2 قد أدّى إلى مزيد إضعاف الحكومة وهي وضعية لا يمكن للبلاد آثارها وتبعاتها طويلا. يمكنني أن أعتبر وهذا رأيي الخاص بأن تونس في مأزق سياسي كبير ولن يتم تجاوزه إلا متى وضع الجميع مصلحة تونس فوق كل الاعتبارات الحزبية والسياسية الضيقة. فأزمة الحكم التي وصلنا إليها تتطلب حكمة وتروي ومراجعة كل الأطراف لمواقفها، وفي حال بقي الوضع على حاله فهناك ثلاثة فرضيات بناء على التصريحات الصحفية المتعددة لأطراف النزاع: الأولى، إمكانية بقاء حكومة الشاهد وإجراء تحوير جزئي فيها ولكن بحكومة أضعف مما كانت عليه لأن التلميحات لعزلها كثيرة وهذا وارد بالنظر لتصريحات حزب النداء الذي يهدد بسحب وزراءه وتصريحات اتحاد الشغل بالانسحاب من مسار قرطاج 2 وبالتالي التخلي عن دعم "حكومة أطلق عليها حكومة وحدة وطنية" وهذا يعني جعلها حكومة مدعومة من طرف وحيد له استراتيجيته وحساباته وأجندته السياسية الواضحة، والسؤال هنا، لمصلحة من يحدث هذا؟ فمن المؤكد ليس لمصلحة تونس وهذا قد ينجر عليه سيناريوهات أخرى من السابق للأوان الحديث عنها. الثانية، اللجوء للبرلمان وهو سيناريو وارد جدا وهو مربط الفرس لأن النهضة تراهن عليه ليس لدعم الشاهد ولكن للمناورة حتى تحافظ على توافق لها مصلحة فيه. الثالثة، مرتبطة بإعلان إنهاء حالة الطوارئ وما سيقرره رئيس الجمهورية إثر ذلك، وهذا سيحيلنا على احتمالين اثنين: 1. تقديم لائحة لوم ضد الحكومة، أو توجه الرئيس لحل البرلمان والدعوة لانتخابات سابقة للأوان وهو الاحتمال الأضعف. -وما هي الحلول التي ترونها مناسبة لتجاوز الأزمة اليوم؟ في جميع الحالات المسار الديمقراطي الاجتماعي، يتمنى التوصل إلى الحل الأقل سوءا للبلاد وبأخف الأضرار الممكنة.