أكد سمير الشفي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل أن الاحتجاجات التي اندلعت في تطاوين تعبر بشكل مباشر عن حجم الاحتقان والمعاناة والاختلال على المستوى الاقتصادي والتنموي في هذه الجهة. وأضاف الشفي أن الاتحاد العام التونسي للشغل يتعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية من منطلق الوعي بأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في الداخل التونسي لم يقع التعاطي معها بشكل استراتيجي يجعل أهالي هذه الجهات يشعرون بالاطمئنان على اعتبار أن هناك تغيرا حقيقيا تم التأسيس له، وهو ما جعل الاحتجاج يأخذ منحى تصاعديا ليتخذ في بعض الأحيان أشكالا غير محسوبة.، وفق ما جاء في موقع العرب اللندنية. الاحتجاج وعدم تعطيل الإنتاج وأشار الشفي إلى أن الاتحاد يساند مبدئيا كل الاحتجاجات الاجتماعية ذات الطابع السلمي "نعتقد أنه من قيم وثوابت الديمقراطية أن يمكّن الشباب والمواطنون من حقهم في التعبير والمطالبة بتغيير الأوضاع»، موضحا أن الاتحاد سيظل ثابتا على هذا النهج يساند حق الفئات الشبابية والجهات المحتجة في أن تعبر عن احتجاجها بالطرق السلمية، ولكن الاحتجاجات لا يجب أن تنحرف إلى المساس بالمرفق العمومي وبالممتلكات الخاصة ولا تعطل الإنتاج. وأوضح الشفي أن «هذا الموقف قد لا يروق لبعض المزايدين ولكنه دليل على الشعور بالمسؤولية، لأن بلادنا تحتاج اليوم إلى عملية قيصرية في علاقة بالانتقال الاقتصادي والاجتماعي». وبالنسبة إلى الوضع السياسي يرى الشفي أنه لم يكن سهلا المرور بالجزء الأول من مرحلة الانتقال الديمقراطي بحلقاته المترابطة، والتي كانت أولها الحفاظ على مؤسسات الدولة وعلى التعايش السلمي لكل القوى المدنية والاجتماعية، ثم التوصل إلى صياغة المشروع الديمقراطي عبر إنجاز انتخابات تشريعية ورئاسية، ونأمل أن تكون المرحلة القادمة عنوانها الانتخابات البلدية والمحلية والجهوية، مضيفا: «هذه المظاهر تحتم على أي قوة سياسية وعلى أي حكومة أن تعيد النظر في الخيارات السابقة وهذا ما لم يحصل بحسب رأي الشفي، لذلك فإن تونس في حاجة إلى مشروع وطني في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية لكي نتمكن من التأسيس لرؤية جديدة تستجيب لتطلعات الشعب التونسي. ولكن الحكومات المتعاقبة لم تتوصل لذلك، رغم أنها تمثل أحزابا منحها صندوق الاقتراع الثقة، وهو ما يترجم على أرض الواقع في جهة تطاوين التي لديها أربعة نواب في مجلس الشعب ثلاثة منهم منتمون إلى حركة النهضة ونائب عن نداء تونس. بالتالي يفترض أن الجهة ممثلة انتخابيا في الحكومة مئة بالمئة، ولكن الاحتجاج الاجتماعي كشف أن المسألة تجاوزت الأبعاد الحزبية لتستحضر عمق المطالب والاستحقاقات الاجتماعية والشعبية». أولويات وثيقة قرطاج وبخصوص وثيقة قرطاج، شدد الشفي على أنه لا بد من التذكير بأن اتحاد الشغل ساهم مساهمة مباشرة في صياغة وثيقة قرطاج بما تحمله من أولويات وعناوين كبرى بالنسبة لما هو مطروح على الحكومة التي ستنبثق على هذه الوثيقة، بأن تعتبرها دليل عمل لتحويلها إلى برنامج حكومي. وأضاف أنه "بقدر مساهمتنا عبر المشاركة في هذه الوثيقة، فقد كنا واضحين منذ البداية وقلنا إننا غير معنيين بالمشاركة في الحكومة وهذا موقف ثابت، ولكن هذه الوثيقة التي علقت حولها آمال كبيرة في التأسيس للمقاربة الاقتصادية والاجتماعية التي ذكرت آنفا، لا نجد لها أثرا في السياسات التي اعتمدتها الحكومة". وقال سمير الشفي ان الاتحاد يعتبر أن وثيقة قرطاج هي إطار إيجابي يقوم على المقاربة التوافقية، و"نحن حريصون على الالتزام بها وتطويرها وإعادة النظر في آليات المتابعة وأيضا على فتح حوارات جديدة مع القوى التي أمضت وانسحبت ومع القوى السياسية الأخرى التي تحفظت منذ البداية، في هذا الصدد شدد الأمين العام المساعد للمنظمة الشغيلة على أن وثيقة قرطاج هي اليوم محل اختبار، اختبار للحكومة وللأحزاب السياسية، وإن لم تنجح هذه الوثيقة وإن لم يقم المؤمنون بها بعملية مراجعة شاملة لمضامينها وآليات متابعتها وفتح آفاق أخرى للأحزاب التي انسحبت أو التي لم تنخرط فيها منذ البداية، فإن الحديث عن جدية الوثيقة ونجاحها يصبح محدودا وهو ما يهدد بقاءها. وأكد الشفي أن الاتحاد لم يمض على صك أبيض للحكومة، "نحن مسكونون بخوفنا على التجربة الديمقراطية، وبحرصنا على إنجاح هذه التجربة وبالدفاع عن مصلحة بلادنا واستمرار الدولة الديمقراطية المدنية، الدولة العادلة التي تحمي ولا تهدد والدولة التي تصون ولا تبدد. هذا ما يعنينا أما الخلاف مع الحكومة ونقدها ومعارضتها أو مساندتها فهي مسائل ثانوية ومشروعة، ولكل طرف أن يعبر عن موقفه من أداء الحكومة". وفي ما يتعلق بموقف الاتحاد من ظهور دعوات لإجراء انتخابات مبكرة، شدد سمير الشفي على أن الاتحاد يقدر كل وجهات النظر السياسية على اختلافها، ولكن وجهة نظره تقوم على أن البلاد ليست في حاجة إلى انتخابات رئاسية أو تشريعية سابقة لأوانها لأن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإقليمي المتداخل لا يسمح بمثل هذه الأفكار، ولأن ذلك يمكن أن يكون مدخلا للمزيد من الاحتقان والمزيد من التجاذبات، وفي ذلك ضرب لمبادئ العملية الديمقراطية على هشاشتها في تونس، حسب نفس المصدر. ودعا الشفي إلى الابتعاد عن الحسابات السياسية والحزبية الضيقة عند دراسة قضايا البلاد الحقيقية للوصول إلى مخطط تنموي جديد قائم على الكفاية في الإنتاج والعدالة في التوزيع، عبر اعتماد سياسات صادقة ينخرط فيها الجميع دون استثناء للقطع مع الحركات الاستعراضية التي تغالط الشعب وتعتمد خطابا شعبويا يتحدث عن الإصلاحات دون توضيحها وتحديدها.