أدّت لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة بمجلس نواب الشعب الخميس زيارة ميدانية فجئية إلى بعض مصنعي وموزعي الحليب في تونس العاصمة تولت خلالها مراقبة عمليات الإنتاج والخزن والترويج في هذا القطاع. وتندرج هذه الزيارة في إطار ما تمت ملاحظته في المدة الأخيرة من تردّ في وضع منظومة الألبان وما راج عن وجود ظاهرة الاحتكار والبيع المشروط على مستوى البيع بالجملة والتفصيل للحليب المصنع. وشارك في الزيارة عدد من أعضاء اللجنة مرفوقين بأعوان المراقبة الاقتصادية التابعة لوزارة التجارة. وقد تبيّن للجنة، من خلال عمليات الرقابة الميدانية لمحلات بعض تجار البيع بالجملة وأحد مصنعي الحليب، أن أزمة النقص في كميات الحليب تفاقمت في أغلب المحلات التجارية منذ أسابيع. وكانت للوفد محادثات مع المزوّدين والمنتجين والمستهلكين الذين أكّدوا النقص الكبير الحاصل في هذه المادة في كل المراحل من الإنتاج إلى الترويج ويعود ذلك إلى عدة عوامل أهمها تراجع الإنتاج بنسبة 14% بحكم عديد الظواهر مثل تهريب الأبقار وبيع الأبقار للذبح، هذا إضافة إلى ما تمت معاينته من لهفة المستهلكين على اقتناء الحليب المعلب وهو ما يقف وراء نقصه في الأسواق، ويعود ذلك الى المعلومة المسربة حول إمكانية الزيادة في تسعيرة الحليب التي طالب بها منتجو الحليب ومربو الأبقار والصناعيون. وقد تسببت هذه الوضعية في وجود حالات احتكار لهذه المادة من قبل المحلات التجارية والمجمّعين وتجاوزات تمثلت خاصة في تعمّد بعض التجار إلى بيع الحليب بأسعار غير قانونية أو وجود ظاهرة البيع المشروط. وللإشارة فإن اللجنة قامت خلال هذه الزيارة بمعاينة الظروف الصحية وكيفية إنتاج مادة الحليب في كامل مراحلها بإحدى مصانع الحليب، ووقفت على بعض الإشكاليات التي ساهمت في تأزّم منظومة الألبان على غرار انقطاع الماء الصالح للشراب في الأيام الأخيرة ببعض المناطق من ولاية بن عروس، إضافة إلى الصعوبات التي يتعرّض لها الفلاح والتي تسببت في انخفاض إنتاج هذه المادة نتيجة انخفاض قيمة الدينار التونسي وارتفاع أسعار الأسمدة والأعلاف والأدوية. واعتبر مسؤولو الإنتاج بإحدى المصانع أن العمل متواصل على تزويد السوق من قبل الصناعيين بنسق أقل من الوتيرة العادية قصد المحافظة على التوزيع لفترة أطول مع العلم وأن التواصل والتنسيق يتم بصفة يومية مع وزارة التجارة. وأشاروا إلى أن الزيادة التي تم الاتفاق عليها مؤخرا بين كل الأطراف المعنية وهي اتحاد الفلاحين والغرفة الوطنية لمراكز تجميع الحليب والغرفة الوطنية لمصنعي الحليب ووفد حكومي يمثل الوزارات المكلفة بالتجارة وبالفلاحة وبالصناعة، تتمثل في 180 مليما ليرتفع بذلك سعر اللتر الواحد من الحليب المعلب من 1120 مليم إلى 1300 مليم. وبيّنوا أن الحل الأنسب يكمن في عدم مواصلة تأجيل أخذ القرار المتعلق بالزيادة في هذه المادة وذلك بغاية المحافظة على ديمومة هذه المنظومة وتحقيقا لاستقرار السوق. وأكّدوا أنه لا مانع من أن تشمل الزيادة في سعر هذه المادة الفلاح المنتج فقط باعتباره يمثل العنصر الأساسي في هذه الحلقة ونظرا لما يعانيه من المديونية المتراكمة وانخفاض أسعار الانتاج. ويجدر التذكير أن هذه الزيارة تزامنت مع قيام فرق المراقبة الاقتصادية التابعة لوزارة التجارة بعديد العمليات الرقابية التي أفضت إلى اكتشاف عديد التجاوزات وتحرير محاضر مخالفات في الغرض. وتعهّدت اللجنة في ختام هذه الزيارة بمواصلة متابعة الموضوع مع كل الأطراف المعنية قصد إيجاد الحلول المناسبة لمصلحة المستهلك بدرجة أولى وكذلك الفلاح والمصنع وكل المتدخلين في هذه المنظومة نظرا لأهميتها على مستوى الاكتفاء الذاتي وتطوير الاقتصاد الوطني.