أثارت الزيادتان الأخيرتان في سعر السكر والحليب بعض التذمرات لدى المستهلكين خاصة أنهما حصلتا في فترة متقاربة وبلغتا معا 160 مي (100 مي للسكر و60 مي للحليب) وهو ما اعتبره المواطن عاملا مؤثرا بنسب متفاوتة على مقدرته الشرائية بما أن الأمر يتعلق بمادتين أساسيتين للاستهلاك الأسري اضافة الى تأثير ارتفاع سعريهما على أسعار مواد استهلاكية أخرى اضطرّ مصنّعوها للترفيع بدورهم في الأسعار.. كما أن السكر شهد لوحده في الأشهر الأخيرة 3 عمليات ترفيع في السّعر.. هذه التعديلات في الأسعار دفعت الى التساؤل عن أسبابها خاصة في ظل الحديث عن تراجع أسعار المواد الغذائية في السوق العالمية خلال السنة الماضية بعد ارتفاعها سنتي 2007 و2008 وهو ما كان يفرض نظريا انخفاض الأسعار المحلية وليس ارتفاعها. 776 دولارا علمت «الشروق» أن الديوان الوطني للتجارة اقتنى آخر كمية مستوردة من السكر (منذ أيام من البرازيل) بسعر 776 دولارا للطن الواحد أي بارتفاع 89 دولارا عن سعر الشراء في أواخر ديسمبر الماضي وبارتفاع أكثر من 3 مرات عن سعر الشراء في 2008 (216 دولارا للطن) في حين بلغ في أواسط 2009 حوالي 466 دولارا. هذا الارتفاع في سعر السكر بالسوق العالمية وصفه مصدر من وزارة التجارة بغير المنتظر،وهو ما حتّم الترفيع في سعر البيع بالسوق المحلية الى 950 مي للكلغ الواحد مضيفا أنه رغم ذلك مازالت الدولة تتحمل عبءا ب300 مي للكلغ، لأن سعر التكلفة الحقيقي (سعر الشراء + الشحن + النقل + هامش ربح تجار الجملة والتفصيل) يناهز 1250 مي، ولكن الدولة فكّرت في المقدرة الشرائية للمواطن أولا وقبل كل شيء. جفاف وتلاعب... يُعزى هذا الارتفاع في السوق العالمية لسعر السكر حسب مصدرنا الى تأثير الجفاف على مزارع قصب السكر بالهند (ثاني أكبر منتج) مما حوّلها الى بلد مستورد عوضا عن مصدّر، اضافة الى «تلاعب» البرازيل (أكبر منتج) بالانتاج في السنوات الأخيرة حيث تحوّله تارة لإنتاج وقود «الإيتانول» عند ارتفاع سعر البترول وطورا لإنتاج السّكر الغذائي عندما ينخفض سعر البترول، فتتقلّص بذلك المخزون العالمي من هذه المادة والتهبت الأسعار حيث يبلغ العجز العالمي من هذه المادة الآن 17 مليون طن.. هل ينخفض؟ بما أن الأمر يتعلق بسوق عالمية وبورصة أسعار فإن البعض يتساءل إن كان انخفاض سعر السكر في الأسواق العالمية (وهذا وارد) سيدفع للتخفيض في سعر البيع محليا مثلما يحصل أحيانا مع مواد أخرى مثل النحاس والحديد.. هذه الفرضية تبدو مستبعدة حسب مصادرنا لأن الدولة تتحمل دعما كبيرا الآن للسكر.. وقد يقع تخفيض السعر المحلي في صورة نزول السعر العالمي الى أقل من 400 دولار للطن وهو أمر مستبعد جدا لأن الانخفاض المتوقع (نظريا) في البورصة العالمية قد يخفّض السعر الى 500 دولار للطن، وبذلك لا يمكن انتظار انخفاض سعر السكر في قادم الأشهر. غير راضين! رغم الترفيع في سعر الحليب المعلّب الى 1030 مي إلا أن المنتجين (المربين) والمصنّعين مازالوا غير راضين ويعتبرون أن إنتاج الحليب وتعليبه نشاط غير مربح بسبب ارتفاع تكاليف العلف وتكاليف التعليب والتعبئة ويطالبون بزيادات إضافية في السعر. وحسب أحد المصادر فإن الأطراف الثلاثة (المنتج المصنّع المستهلك) تتذمّر من الأسعار، لكن سياسة الدولة في هذا القطاع (الحليب) واضحة وهي تأطير الأسعار لحماية المستهلك وتوفير التشجيعات اللازمة للفلاحين (المربين) وللمصنعين للضغط على التكاليف عندهم. وحتى بالنسبة للتجار فإنهم غير راضين بهامش الربح المرصود لهم في علبة الحليب (7 مي لتاجر الجملة و24 مي لتاجر التفصيل) وهو هامش لم يتغير منذ سنوات. وتجدر الاشارة أن سعر الحليب للعموم شهد منذ 1997 الى 2010 ما لا يقل عن 10 زيادات في السعر منها 3 في 2007 (110 مي) و2 في 2008 (140 مي) ومرة في 2010 (60 مي).. وقد بقي السعر من 1997 الى 2001 دون زيادة (في حدود 650 مي) وبقي من 2002 الى 2005 دون زيادة أيضا (700 مي) ومن 2005 الى 2007 دون زيادة (720 مي).. ثم تتالت الزيادات من 2007 الى الآن (6 زيادات) ليبلغ الآن 1030 مي، وهو ما يفسّر تأثير ارتفاع أسعار العلف وتكاليف تربية الأبقار إضافة الى ارتفاع تكاليف الطاقة وغيرها لدى المصنّعين.