بما ينذر بوجود تحركات أمريكية جديدة، هدفها تجاوز القيادة الفلسطينية، حذر المبعوث الأمريكي لعملية السلام جيسون غرينبلات، بإيجاد قيادة بديلة «تملأ الفراغ» في حال استمر الموقف الفلسطيني الرسمي الرافض لتحركات واشنطن في المنطقة، أو رفض مشاركة السلطة الفلسطينية في تفاهمات التهدئة التي تتوسط فيها مصر حاليا. وحذر المبعوث الأمريكي في بيان صحافي، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من استمرار مقاطعته للتسوية الأمريكية للقضية الفلسطينيّة، بالقول «إن هناك من سيملأ الفراغ». وأعلن غرينبلات عن دعم الإدارة الأمريكية جهود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وحكومته للتوصل إلى «اتفاق تهدئة» بين إسرائيل وحماس، وتحقيق شروط عودة السلطة الفلسطينيّة إلى غزة، لكنه حذر السلطة الفلسطينية من إيجاد بديل في حال رفضها لذلك. وأشار المسؤول الأمريكي، الذي تقاطعه القيادة الفلسطينية، إلى أن سكان غزة والإسرائيليين في المنطقة المحيطة بالقطاع، عانوا لفترة طويلة جداً، وأنه «حان الوقت لأن تقود السلطة الفلسطينية الشعب الفلسطيني إلى مستقبل أفضل». وفهم من حديث غرينبلات أن الإدارة الأمريكية ستدعم أي اتفاق للتهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، والذي تتوسط فيه مصر، حتى لو لم تشارك القيادة الفلسطينية في تلك النقاشات. وترافق ذلك مع معلومات تشير إلى أن جهود التهدئة ستتواصل حتى لو بقي الاعتراض الفلسطيني الرسمي من قبل منظمة التحرير، التي تطلب قبل أن تشترك في تلك المباحثات، أن يتم إنهاء الانقسام واتمام عملية المصالحة الداخلية، حيث أبلغ ذلك وفد فتح بشكل رسمي للوسطاء المصريين. يشار إلى أن القيادة الفلسطينية أعلنت في ديسمبر من العام الماضي، قطع الاتصالات مع الإدارة الأمريكية، عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتبار مدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل سفارة بلاده إليها. وعقب ذلك استدعت القيادة الفلسطينية رئيس مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ورفضت استقبال أي من المسؤولين الأمريكيين. وبما يدلل على استشعار خطر التحرك الأمريكي المقبل، جرى اتصال هاتفي، بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي. وخلال الاتصال جرى الحديث عن الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الوطنية، وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» أن الرئيس السيسي أكد على مواصلة مصر لدورها واستمرار جهودها في رعاية المصالحة، حرصا منها على تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وشرعيتها بقيادة الرئيس عباس. من جهته ثمن الرئيس عباس الدور المصري المستمر في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وجهوده لتحقيق المصالحة الوطنية من أجل التصدي لكل المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية، وصولاً لتحقيق أهداف شعبنا في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وجدد الرئيس عباس التأكيد على أهمية الدور المصري ورعايته لتحقيق المصالحة كما كان على الدوام، حيث جرى الاتفاق بين الرئيسين على استمرار التنسيق والتشاور المستمر خلال الأيام المقبلة. وأكدت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس عباس أن تهديدات غرينبلات بإيجاد بديل للسلطة «لن تثنينا عن رفض صفقة القرن والتصدي لمحاولات سلخ غزة عن الوطن». وقال منير الجاغوب مسؤول المكتب الإعلامي في الحركة، في رده على تصريحات المسؤول الأمريكي، إن منظمة التحرير والسلطة والقيادة الفلسطينية «تكتسب شرعيتها من دعم الشعب الفلسطيني، وعبر تاريخ طويل من النضال من أجل دحر الاحتلال». وشدد على أن غرينبلات أو غيره لا يملكون صلاحية التطرق لموضوع كهذا، مؤكدا أنه يمثل «تطاولاً على سيادة الشعب الفلسطيني وتدخلاً في شؤونه الداخلية». واستنكر «تباكي» غرينبلات على معاناة قطاع غزة «في الوقت الذي تُمعن فيه الإدارة الأمريكية الحالية وسابقاتها في توفير الدعم المطلق للحصار الإسرائيلي الخانق ضد القطاع». وأكد أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية التفاوض باسم الشعب الفلسطيني، وأن أي جهة سواء كانت حزباً أو تنظيماً أو دولة لا تملك أن تبحث في قضايا تمس مصير الشعب. وأضاف «لا حديث في التهدئة مع الاحتلال إلا في إطار وطني شامل وبعد إنهاء ملف الانقسام وإعادة اللحمة إلى شطري الوطن بسلطة شرعية واحدة».