وصف تحليل لوكالة «رويترز»، اليوم الجمعة، الهدنة التي يجرى تنفيذها في العاصمة طرابلس ب«الهشّة»، معتقدة أنّها «قد لا تصمد طويلاً»، ذلك أن «الفصائل لم تسحب أسلحتها الثقيلة من المواقع الاستراتيجية في المدينة». وأشارت الوكالة إلى أنّ "سكان العاصمة خرجوا من منازلهم خلال الساعات الماضية لانتهاز فرصة وقف إطلاق النار بين الجماعات المسلحة، لكنهم لاحظوا أمرًا واحدًا على الفور، وهو أن الفصائل لم تسحب أسلحتها الثقيلة من المواقع الاستراتيجية في المدينة". ولا تزال الهدنة التي توسطت الأممالمتحدة فيها الثلاثاء الماضي تحافظ على صمودها بعد أسبوع من المعارك بين الجماعات المسلحة، حيث دارت اشتباكات خلفت عشرات القتلى، إذ شهدت العاصمة طرابلس توترًا أمنيًا تصاعدت حدته إلى اشتباكات عنيفة منذ فجر الإثنين الماضي بين قوات تتبع كتيبة «ثوار طرابلس» ومعها قوات الدعم المركزي بأبوسليم اللتين تعملان تحت مظلة حكومة الوفاق، من ناحية، والقوات المعروفة باسم «الكانيات» نسبة إلى لقب آمرها. وذكر تقرير «رويترز» أنّ الفصائل المسلحة سحبت شاحناتها التي تحمل المدافع المضادة للطائرات، كما فككت نقاط التفتيش التي أقامتها على الطرق، لكنها احتفظت بأسلحتها الثقيلة في مواقع رئيسية مثل مطار معيتيقة وعند الوزارات وبعض الشوارع الرئيسية في العاصمة. وقال «محمد» أحد السكان، فضل ذكر اسمه الأول فقط، ل«رويترز»: «من الجيد أنه لا يوجد اقتتال الآن ولكن الطرفين لا يزالان في تمركزاتهما… أخاف أن تندلع الاشتباكات مرة أخرى في أي وقت». بينما توعدت الجماعات المسلحة باستئناف القتال إذا لم تسفر المحادثات التي يستضيفها مبعوث الأممالمتحدة الخاص غسان سلامة عن تسوية دائمة. وقال أحمد بن سالم المتحدث باسم قوة الردع "نحن ملتزمون بوقف إطلاق النار طالما لم يتم اختراقه من الطرف الآخر"، وتابع: «قوتنا ما زالت متمركزة في مكانها… ونحن ننتظر ما الذي يستجد بخصوص وقف إطلاق النار». بينما أكد اللواء السابع، ل«رويترز» أنه سيبقى في مواقعه أيضًا. في خطاب حاد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأربعاء قال سلامة إن «الجماعات التي تنتهك وقف إطلاق النار يجب أن تحاسب وإن وقت الإفلات من العقاب انتهى». ويحاول سلامة منذ نحو عام تمهيد الطريق لإجراء انتخابات عامة، لكنه لم يذكر تفاصيل حول ما الذي يعتزم فعله إذا انتهكت الهدنة. وقال طارق المجريسي وهو زميل زائر بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «من المشجع أنه قال صراحة إن الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي»، وأضاف: «لكن كالمعتاد، تفاصيل التنفيذ غائبة… كيف ستُطبق إجراءات المراقبة والعقاب التي ذكرها عمليًا؟». وذكر دبلوماسي غربي ل«رويترز»: «ينبغي لسلامة أن يقوم بعمل جريء الآن، لكن ليس من الواضح ما الذي باستطاعته أن يفعله. إذا لم يحدث شيء ستكون تلك استراحة للميليشيات لاستجماع قوتها». وقالت الوكالة إن «الفصائل المسلحة بدورها تبحث عن مصادر جديدة للتمويل»، كما نقلت عن ما وصفهتم بدبلوماسيين أن «المسلحين الذين يوفرون الأمن للوزارات يجبرون المسؤولين على إصدار خطابات ائتمان موجهة للواردات. ويستخدم المسلحون تلك الخطابات للحصول على عملة صعبة يمكن تغييرها في السوق السوداء بأسعار أعلى.» وذكر التقرير أنّ المبعوث الأممي غسان سلامة سيتفاوض على «اتفاق أوسع نطاقًا لاقتسام السلطة يتم بموجبه ضم المزيد من المسلحين بهدف تأمين العاصمة»، لكنّها نقلت عن الدبلوماسيين أيضًا تخوفهم من أن "يتدخل القائد العسكري خليفة حفتر، الذي يسيطر على أغلب شرق البلاد، في طرابلس". ونقلت وسائل إعلام ليبية عن حفتر قوله الخميس "تحرير العاصمة طرابلس وفق خطة مرسومة يعد خيارًا لا مناص منه"، لافتًا إلى أن "الأزمة في طرابلس يجب أن تنتهي في أسرع وقت مشيرا إلى أنه لا يمكن السكوت على الوضع الراهن هناك".