ضربة قاصمة تلك التي تلقاها قطاع إنتاج الحليب ومشتقاته بعد أن قررت وزارة التجارة توريد كميات من الحليب قدرت ب10 ملايين لتر بما يكلف الدولة حوالي 8 مليون دينار كنفقات للدعم تصل إلى 800 مليم على الأقل عن اللتر وذلك عوض توجيه هذا المبلغ لدعم المنظومة ككل، من المنتج والمصنع والموزع، في الوقت الذي تعرف فيه أزمة القطاع تعمقا وهو بالأساس يتلخص في ضعف الإنتاج. وفي هذا الصدد استنكر أبو بكر المهري رئيس الغرفة النقابية الوطنية لصناعة الحليب المنضوية تحت اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ل"الصباح" صمت الحكومة وعدم تجاوبها مع مطالب القطاع مشددا على غياب إرادة سياسية لإنقاذه القطاع من الأزمة التي يعرفها، كما أكد على رفض استيراد الحليب عوض دعم القطاع في تونس. كما عبر المهري عن تضامن القطاع المطلق مع مؤسسة ألبان ومع بقية المؤسسات التي تستعد للغلق خلال الأيام القادمة والتي تعاني من وضعية مالية أصعب من تلك التي تعيشها مؤسسة ألبان. وأضاف رئيس الغرفة أن القطاع، الذي تنشط فيه 8 شركات كبرى لإنتاج الألبان تشغل حوالي 50 ألف عامل و250 وحدة تجميع (بين التعاونيات والخاصة) و112 ألف شخص من صغار الفلاحين من مشاكل عدة أبرزها ارتفاع التكلفة من يد عاملة وعلف ومواد إنتاج مقابل تدهور سعر صرف الدينار تجاه العملات المرجعية. غلق مصنع ألبان.. و4 أخرى بصدد الغلق وأكد أنه في الوقت الذي اتجهت فيه وزارة التجارة إلى التوريد العشوائي للحليب دون التفكير في دعم المنظومة التي تتهاوى تفاقمت ديون مصانع إنتاج الحليب ومشتقاته مما أدى إلى غلق مركزية الحليب في منطقة سيدي بوعلي المتخصصة في إنتاج الحليب المعقم ومشتقاته «ألبان» يوم 27 نوفمبر 2018 بسبب تراكم الديون المتخلدة لفائدة الدولة والبنوك ومراكز تجميع الحليب، حيث بلغ حجم ديون الشركة لفائدة الدولة 4.5 مليون دينار، ويعد هذا المبلغ، حسب قوله، قيمة الدعم الذي تدين به الشركة للدولة، كما تفوق ديون الشركة لدى البنوك 50 مليون دينار في حين تفوق 8 ملايين دينار لدى مراكز التجميع علما وأن الشركة التي أحدثت منذ 30 سنة والتي توفر 550 موطن شغل مباشرة، زيادة في تكاليف الإنتاج وذلك نتيجة تدهور سعر صرف الدينار بالأساس. أبرز من جهة أخرى أن 4 شركات أخرى ناشطة في قطاع الألبان وتمر بصعوبات مالية أكبر من تلك التي تمر بها شركة ألبان وأنها اليوم تستعد للغلق إذا لم تتم الاستجابة لمطالب القطاع من قبل الحكومة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمساعدة الشركات المتضررة للخروج من الأزمة التي تعصف بها. مطالب القطاع وفي ظل الصمت المريب الذي أبدته الحكومة وخاصة وزارة التجارة بيّن أبو بكر المهري أن القطاع ككل يلوح بإيقاف الإنتاج مع بداية السنة القادمة وتحديدا منذ شهر جانفي في صورة عدم اتخاذ الجهات المعنية للإجراءات الضرورية لإنقاذه وفي صورة عدم تفعيل الحكومة للمفاوضات مع المهنة بشأن حزمة المشاكل العالقة، وكشف ل»الصباح» أن سلسلة من التحركات ستنطلق من قبل الناشطين في القطاع في كل الجهات الداخلية منذ شهر ديسمبر القادم على أن تتوج بإيقاف الإنتاج إذا لم تتجاوب الحكومة مع مطالبنا. وأكد في ذات الصدد أن الأطراف المتداخلة في الإنتاج تطالب الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لتنشيط القطاع لتلافي توقفه على جميع المراحل من تجميع الحليب إلى التسويق وحتى الإنتاج . كما تمت المطالبة خاصة بإيقاف التوريد العشوائي وتوجيه حجم الدعم الموجه له إلى دعم منظومة إنتاج الحليب ومشتقاته في شتى مراحلها كونه خطوة اتختذها وزارة التجارة دون العودة إلى مهنيي القطاع ودون التفكير في التبعات الوخيمة التي قد تنجر عنه. وتتجه أزمة القطاع إلى التفاقم خاصة في ظل الارتفاع المتواصل لكلفة العلف الذي وصل إلى 950 مليما للكلغ الواحد، والزيادة في تكلفة تجميع الحليب التي بلغت 890 مليما. وللخروج من الأزمة شدد رئيس الغرفة النقابية الوطنية لصناعة الحليب أن المهنيين يطالبون بالرفيع في سعر الحليب بما لا يقل عن 200 مليم في سعر اللتر وهي زيادة تشمل كل مراحل الإنتاج وذلك بتوجيه دعم ب110 مليم للفلاح، أو ب20 أو 30 مليما لمجمع الحليب و40 أو 50 مليما للمصنع وبالنظر إلى هذه الزيادة من المنتظر أن يصل سعر لتر الحليب للمستهلك إلى ما بين 1300 مليم أو 1400 مليم علما وأن سعر الحليب لم يتغير منذ 4 سنوات. وشدد أن هذه الزيادة من شأنها أن تنقذ منظومة إنتاج الحليب التي تعد من أهم المنظومات في أفريقيا والعالم العربي والتي توفر الاكتفاء الذاتي للبلاد وحتى أنها حققت طفرة على امتداد أكثر من 15 سنة واتجهت إلى التصدير، مؤكدا أن الحكومة مطالبة بالتفاعل مع مطالب القطاع لإنقاذه من انهيار وشيك. حنان قيراط