قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده ستتولى المعركة ضد تنظيم "داعش" في سوريا مع سحب الولاياتالمتحدة قواتها من هناك، في أحدث تغير تسبب فيه التحول المفاجئ في سياسة واشنطن. وقوض القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسحب قوات بلاده البالغ قوامها نحو 2000 عسكري من سوريا، ركيزة أساسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ويقول منتقدون إن هذا سيصعب التوصل لحل دبلوماسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية المستعرة منذ أكثر من سبعة أعوام. لكن بالنسبة لتركيا يزيل التحرك المفاجئ من جانب ترامب مصدرا رئيسيا للخلاف مع الولاياتالمتحدة. واختلف البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي بشأن سوريا حيث تدعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية السورية. وتعتبر تركيا الوحدات منظمة إرهابية وفرعا لحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل الحكومة التركية للحصول على حكم ذاتي للأكراد في جنوب شرق تركيا. وقال الرئيس التركي في خطاب باسطنبول إن بلاده ستحشد قواتها لقتال ما تبقى من تنظيم "داعش" في سوريا وسوف تؤجل مؤقتا خططا لشن هجوم على المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا. وحذرت فرنسا وألمانيا، شريكتا الولاياتالمتحدة في حلف شمال الأطلسي، من أن التغيير في نهج واشنطن يهدد بتقويض المعركة ضد التنظيم الذي سيطر على مساحات كبيرة في العراقوسوريا في 2014 و2015 لكنه لم يعد يسيطر سوى على قطاع صغير من الأراضي في سوريا. وقالت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولاياتالمتحدة والتي تتصدرها وحدات حماية الشعب يوم الجمعة إنها ستضطر لسحب مقاتليها من المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لحماية أراضيها في حال وقوع هجوم تركي. وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه إن القوات الأمريكية قد تواصل العمل ضد الدولة الإسلامية في سوريا. وقال المسؤول إن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" تدرس استخدام فرق العمليات الخاصة المتمركزة في العراق لاستهداف المتشددين في سوريا. وشدد المسؤول على أن استخدام القوات الخاصة على الأرض لا يزال أحد الخيارات العديدة التي يجري بحثها ولا يزال في مراحل التخطيط وأن القرار النهائي لم يتخذ بعد. وفي الوقت نفسه شن التنظيم المتشدد هجوما في جنوب شرق سوريا على قوات سوريا الديمقراطية مستخدما سيارات ملغومة وعشرات المسلحين. وقال أردوغان "سنعد خططنا للعمليات للقضاء على عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، التي يقال إنها لا تزال موجودة في سوريا، تماشيا مع محادثاتنا مع الرئيس ترامب". كان أردوغان قد أعلن قبل أيام عن خطط لبدء عملية شرقي نهر الفرات في شمال سوريا لطرد وحدات حماية الشعب من المنطقة التي سيطرت على معظمها. وقال هذا الأسبوع إن الحملة قد تنطلق في أي وقت. لكنه أشار يوم الجمعة إلى قرار ترامب واتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي كسببين للتأجيل. وقال الرئيس التركي في خطاب باسطنبول "كنا قررنا في الأسبوع الماضي القيام بتوغل عسكري شرقي نهر الفرات... تحدثنا هاتفيا مع الرئيس ترامب وحدثت اتصالات بين دبلوماسيين ومسؤولين بالأمن وأصدرت الولاياتالمتحدة بيانات، وقد دفعنا هذا إلى التريث لبعض الوقت". وأضاف أردوغان "أرجأنا عمليتنا العسكرية ضد (المقاتلين الأكراد) في شرقي نهر الفرات حتى نرى على الأرض نتيجة القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا" مؤكدا أنها ليست "فترة انتظار مفتوحة". وقال إن أنقرة استقبلت البيانات الأمريكية بقدر متساو من الترحيب والحذر بسبب "التجارب السلبية" في الماضي. وعبرت تركيا مرارا عن استيائها مما تقول إنه بطء تطبيق اتفاق مع واشنطن لسحب مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من مدينة منبج التي يغلب على سكانها العرب وتقع غربي نهر الفرات في شمال سوريا. *"حان الوقت ليقاتل آخرون" وقال مسؤولون أمريكيون لرويترز إن الولاياتالمتحدة ستنهي على الأرجح كذلك حملتها الجوية على المتشددين في سوريا عندما تسحب قواتها. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الجمعة إن بلاده ستناقش خطة الانسحاب في واشنطن في جانفي. وقال ترامب إنه تم القضاء على تنظيم "داعش" وهي وجهة نظر اختلف معها حلفاء رئيسيون. وذكر أن الولاياتالمتحدة تؤدي عمل دول أخرى وأنه "حان الوقت أخيرا ليقاتل آخرون". وعارض وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس القرار وأعلن فجأة يوم الخميس استقالته بعد اجتماع مع الرئيس. وفي خطاب صريح إلى ترامب، أكد ماتيس الجنرال المتقاعد بمشاة البحرية أهمية "إبداء الاحترام" للحلفاء الذين عبروا عن الدهشة والقلق بشأن قرار الرئيس. وقالت روسيا يوم الجمعة إنها لا تفهم الخطوات التالية للولايات المتحدة في سوريا، مضيفة أن الفوضى وغياب القدرة على التوقع اللذين يحيطان بعملية صنع القرار في واشنطن يسببان القلق في الشؤون الدولية. وانضم ديمقراطيون إلى أعضاء جمهوريين بالكونجرس في دعوة الرئيس الجمهوري إلى العدول عن نهجه، قائلين إن الانسحاب سيقوي قبضة روسياوإيران في سوريا ويمكن تنظيم "داعش" من الظهور مجددا. ولم يبد ترامب أي مؤشر على تغيير وجهة نظره. كان الرئيس الأمريكي قد تعهد في الحملة الانتخابية في 2016 بسحب القوات من سوريا. كانت القوات الأمريكية البالغ قوامها نحو 2000 جندي في سوريا، كثير منها قوات خاصة، تساعد في الظاهر في قتال تنظيم "داعش"، لكن كان ينظر إليها أيضا باعتبارها رادعا محتملا في مواجهة الرئيس بشار الأسد الذي استعاد معظم أراضي البلاد في الحرب الأهلية بدعم عسكري من إيرانوروسيا. وكانت "داعش" قد أعلنت "دولة" في 2014 بعدما سيطرت على مساحات واسعة من سورياوالعراق. وجعل التنظيم المتشدد من مدينة الرقة السورية عاصمته الفعلية، حيث استخدمها قاعدة لتدبير هجمات في أوروبا. وقال مسؤول أمريكي رفيع الأسبوع الماضي إن الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم تقلصت إلى واحد بالمائة. ولم يعد التنظيم يسيطر على أراض في العراق، على الرغم من أن مقاتليه استأنفوا الهجمات بعد هزيمة التنظيم هناك العام الماضي. وقال مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية إن تنظيم "داعش" شن هجوما يوم الجمعة على مواقع القوات في جنوب شرق سوريا وإن التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة شن ضربات جوية في المنطقة. وقالت إلهام أحمد الرئيسة المشاركة لمجلس سوريا الديمقراطية يوم الجمعة إن القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا قد لا تتمكن من مواصلة احتجاز سجناء تنظيم "داعش" إذا خرج الوضع في المنطقة عن السيطرة بعد انسحاب الولاياتالمتحدة.