بقلم كمال بن يونس قد يكون الاجتماع الذي انعقد صباح أمس في قصر الرئاسة في قرطاج برئاسة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وحضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس البرلمان محمد الناصر وممثلي نقابات العمال ورجال والأطراف السياسية المشاركة في الحكومة الأخطر من نوعه منذ 8 أعوام .. - يمكن لهذا الاجتماع أن يسفر عن توافقات جديدة تحد من نزيف الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والامنية ، وتؤدي الى الغاء الاضراب العام المقرر ليوم 17 جانفي القادم والى استئنتاف السنة الدراسة والامتحانات في ظروف شبه عادية .. - ويمكن أن يؤدي الى تجنيد كل الطاقات من أجل اقناع نقابات العمال ومنظمات رجال الاعمال والحكومة والاحزاب والكتل السياسية والبرلمانية بتقاسم التضحيات من أجل توفير موارد اضافية للدولة تمتص غضب جيش الفقراء والعاطلين عن العمل ومئات الاف الاجراء والمتقاعدين الذين اضطربت مواعيد تسليم جرايتهم الشهرية . - ويمكن أن يؤدي إلى فتح قنوات حوار بين الشريكين الكبيرين في الحكم منذ 4 أعوام ، النداء والنهضة ، بهدف استئناف جهود إعادة بناء الدولة والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى وانقاذ قطاع الوظيفة العمومية ومؤسسات الخدمات التربوية والطبية والاجتماعية العمومية من الانهيار والافلاس .. - ويمكن أن تهيئ محادثات الكواليس بعد هذا الاجتماع الى تحسين المناخ السياسي العام في البلاد ودعم الحوار بين الاطراف الاجتماعية ، بما يمهد الى المضي بنسق أسرع في مسار التحضيرات للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة للخريف القادم ، والتي تتسبب منذ مدة في صراعات معلنة ومقنعة بين أبرز الزعامات السياسية والنقابية .. - لكن هذا الاجتماع التاريخي قد يكون الاخطر منذ 8 أعوام سياسيا ، بسبب عدم تشريك القيادة الرسمية للحزب الفائز في الانتخابات الماضية ، حزب النداء ،بما يوحي بانتقالها قولا وفعلا الى المعارضة منذ تشكيل حكومة الائتلاف الجديدة بزعامة السيد يوسف الشاهد . وهذا التغييب لحزب النداء غريب إذا سلمنا بكون أكثر من ثلثي اعضاء الحكومة والمسشتارين في رئاسة الجمهورية كانوا كوادر في هذا الحزب أو في التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل على غرار نحو 90 بالمائة من " الندائيين "؟؟.. - وقد يكون مجرد اجتماع أراد بعض المشاركين فيه أن يكون " لقاء تحميل المسؤوليات للبرلمان وللحكومة والاطراف التي تشكل حزامها السياسي " ، أي حركة النهضة بزعامة السيد راشد الغنوشي وحزب المشروع بزعامة السيد محسن مرزوق وكتلة الائتلاف الوطني النيابية بزعامة النقابي مصطفى بن أحمد .. - وإذا تأكد أن الأوضاع في البلاد سوف تدفع نحو القطيعة بين الحكومة وحلفائها و" المعارضة الجديدة بزعامة حركة نداء تونس" وحلفائها فإن نقاط استفهام كثيرة ستفرض نفسها بعد هذا الاجتماع رفيع المستوى .. لعل أبرز التساؤلات التي ستؤرق الجميع مع مطلع العام الجديد : من سيحاسب من ؟ ومن سوف يحمل المسؤوليات لمن ؟ ومن يحكم البلاد قولا وفعلا : قصر الرئاسة في قرطاج ام فصر الحكومة في القصبة أم برلمان باردو ؟ ومن سوف يتحمل مسؤولية فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والامنية المتبعة منذ 4 أعوام ثم منذ تشكيل حكومة يوسف الشاهد الجديدة : القيادات النقابية أم النداء ؟ أو المنشقون عنه من أنصار كتلة الائتلاف وحلفاؤهم في أحزاب النهضة والمشروع والمسار؟ - في كل الحالات تبدو البلاد مرة أخرى في مفترق طريق رماله متحركة .. وباتت كل السيناريوهات واردة ، من التوافق الى الطلاق السياسي النهائي، ومن ابرام اتفاق واسع بين الاطراف الاجتماعية إلى تفجير سلسلة من الاضرابات والاضرابات العامة التي قد تكون نتائجه خطيرة على البلاد والطبقة العامة مثلما أورد الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي قبل أيام .. - في كل الحالات ، لعل مصلحة الجميع رهينة التزام كل الاطراف بحسم الخلافات السياسية عبر الحوار والتفاوض وصناديق الاقتراع واستبعاد كل سيناريوهات العنف والعنف المضاد والحلول الامنية حتى ينجح " الاستثناء التونسي " ولو بعد حين ..