رافق ترشح بعض الأئمة في قائمات للانتخابات التشريعية جدلا واسعا وتخوفات من المسّ وتوظيف المساجد التي لطالما دعت عديد الأطراف إلى تحييدها وإبعادها عن التجاذبات السياسية، لكن يبدو أن شهوة السياسة طالت أئمة وخطباء من الذين باتت تراهن عليهم بعض الأحزاب السياسية حتى تلك التي تحمل شعارات المدنية والتقدمية لا لشيء إلا من باب «استغلال» قدرتهم على التأثير في فئة وشريحة واسعة من التونسيين الذي يرى في هؤلاء مثالا وقدوة حسنة، كما يذهب إلى ذلك أغلب الملاحظين والمتتبعين . ولئن كان ترشّح «أهل المنابر» من أئمة وخطباء ووعاظ يمثل خرقا لمبدأ تحييد المساجد الذي نصّ عليه الفصل السادس من دستور الجمهورية الثانية الذي نصّ على أن «الدولة راعية للدين كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي» فان ذلك لا يحجب واقع أن هذه القائمات تسعى للمنافسة بجدية واقتلاع مقاعد بالبرلمان سواء تحت راية الاستقلالية أو الانتماءات الحزبية. ويقدر عدد الأئمة والوعاظ الذين ترشحوا ضمن قائمات للتشريعية بنحو 10 وهو رقم مرشح للارتفاع الى حين الانتهاء من رصد جميع القائمات وفقا لما أكده رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية حكيم عمايري ل»الصباح»، مضيفا بان الوزارة راسلت المديرين الجهويين التابعين لها وطالبت بتشديد الرقابة على المساجد. وحسب رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية فانه تم تخصيص 400 واعظ للقيام بالمراقبة والتأطير، مشددا على ان كل إمام أو إطار ديني ترشح للتشريعية عليه التمتع بعطلة الى حين استكمال الاستحقاقات الانتخابية. ميثاق شرف الإمام الخطيب جدل ترشح إطارات دينية ضمن قائمات حزبية أو مستقلة للانتخابات التشريعية أثير بعد ترشح الدكتور والباحث في الحضارة الإسلامية بجامعة الزيتونة اسكندر العلاني رئيسا على قائمة حزب حركة تحيا تونس عن دائرة القيروان. وحسب رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية فان مرشح حركة تحيا تونس قدم استقالته أمس من إمامة جامع أبي زمعة البلوي بالقيروان (مقام السيد الصحبي) وذلك دحضا لأي شبهات. وفي نفس السياق نذكر بأن وزارة الشؤون الدينية قد أصدرت في فيفري الماضي، ميثاق شرف للإمام الخطيب يهم أكثر من 4719 إماما خطيبا، وينصّ الميثاق على ضرورة مراعاة وظيفة المسجد التعبدية والاجتماعية والإصلاحية والتوعوية، مع اعتماد التوازن في الخطاب ونشر ثقافة الأمل والتفاؤل واجتناب الإفتاء في المسائل الدقيقة التي تحتاج إلى الحسم من قبل أهل التخصص وعلى ضرورة تجنب الإمام الخطاب القائم على التشهير والتجريح وهتك الأعراض والإساءة للأشخاص والمؤسسات والهيئات، مع عدم توظيف المسجد للدعاية الحزبية أو لأغراض أخرى ربحية أو تجارية. أكثر من 100 إطار ديني في البلديات ظاهرة ترشح إطارات دينية أو دخولهم عالم السياسية ليست بالجديدة لكنها انتشرت بشدة في الآونة الأخيرة وخاصة في الانتخابات البلدية حيث تفيد بعض المعطيات انه ترشح حوالي 100 إطار ديني ضمن القائمات المترشحة للاستحقاق البلدي في 2018 ما أدى إلى اتخاذ قرار ينصّ بعدم قيام الإطارات المسجدية المترشحة مؤقتا بمهام الإمامة وإقامة الآذان. كما علمت «الصباح» انه إلى جانب الإمام الخطيب الذي ترشح عن حركة تحيا تونس بدائرة القيروان اسكندر العلاني ترشحت كذلك واعظة عن قائمة مستقلة بمنوبة وهي نعيمة الجويني إلى جانب ترشح القائمة المستقلة «الأمانة والإصلاح» بمدنين وهي قائمة ضمت فقط وعاظا وإطارات مسجدية. جهاد الكلبوسي