- من هو القاتل؟ من أين قدم؟ ومن هي الجهة التي دعمته؟ - إلزام الاعوان الميدانيين بارتداء السترات للتوقي استقبلت عاصمة الجلاء بنزرت صباحها أمس الاثنين برائحة الموت والطعن والقتل وارتدت لحافا أسود حزنا على رحيل أحد أبنائها الرائد بالادارة العامة للأمن الوطني فوزي الهويملي، بعد ان طالته يد الغدر والارهاب رفقة جندي من جنود البلاد (نجا بأعجوبة) وسالت دماؤهما لتروي هذه الأرض الطيبة... كانت الساعة تشير الى الثامنة صباحا.. استيقظت بنزرت لتستقبل صباحا جديدا مفعما بالحياة والأمل، ولكن الظلاميون أرادوا العكس.. ارادوا الألم لهذا الوطن وان يحيا شعبه في خوف ورعب دائمين، فخططوا ورصدوا ثم نفذوا جريمتهم النكراء في حق الوطن بواسطة "ذئب منفرد".. وفي حق جنديين من جنود الوطن.. وفي حق إطار أمني وعسكري.. فاستشهد الأول على عين المكان ليخلد اسمه ضمن قائمة شهداء الوطن ونجا الثاني بأعجوبة ليواصل مسيرة الدفاع عن الارض، فيما اعتقل المنفذ بعد اصابته بالرصاص.. ماذا حدث في بنزرت أمس؟ ما هي ملابسات العمليتين المتواترتين؟ من هي الجهة التي خططت ودعمت ثم نفذت؟ من هو الشهيد؟ وماذا دار بينه وبين قاتله الذي يصغره بنحو ثلاثين عاما؟. لحظات قبيل الجريمة؟ ضرب الارهاب أمس من جديد في تونس، حيث استيقظت مدينة بنزرت على وقع جريمة بشعة بمحيط محكمة الاستئناف استشهد فيها الرائد فوزي الهويملي رئيس مركز الأمن الوطني بذات المحكمة بعد أن تعرض لثلاث طعنات متتالية احداها في القلب سددها له عنصر تكفيري كان ارتكب قبل دقائق قليلة عملية طعن أخرى استهدفت عسكريا كان مرابطا بمحطة الحافلات للتوجه الى مقر عمله. من منوبة الى بنزرت تفيد المعطيات التي تحصلت عليها"الصباح" من مصادر امنية متطابقة بان المشتبه به المدعو مالك الذوادي وهو عنصر تكفيري مصنف لدى المصالح الأمنية أصيل منطقة برج الخلصي التابعة اداريا لمعتمدية برج العامري من ولاية منوبة واستقر منذ مدة ببنزرت، تسلح في ساعة مبكرة من صباح أمس بسكين وتحول الى محطة الحافلات يحمل معه حقيبة ظهر سوداء اللون حيث ظل يراقب المترددين عليها الى ان قدم عسكري فسارع مباشرة الى الهجوم عليه وطعنه، ومن ألطاف الله ان الطعنة لم تكن بليغة ثم لاذ بالفرار. حوار فغدر! في رحلة فراره مرّ الارهابي من الجهة الخلفية لمحكمة الاستئناف وصادف حينها تواجد الشهيد فوزي الهويملي بالمكان بعد ان اقتنى قهوة من مقهى محاذ للمحكمة وبدأ في المغادرة وسلك الطريق نحو مكتبه، وبكل هدوء ومكر وخداع تظاهر بالسلمية حيث ألقى التحية على الشهيد وصافحه فرد عليه بأحسن منها ثم قال له:"حاجتي بيك لحظة.." فأجابه الشهيد الذي عرف بين الجميع بدماثة الاخلاق والوقوف الى جانب الجميع ماديا ومعنويا:"تفضّل ولدي.." ولكن من اعتبره الشهيد "ابنا" كان مخادعا.. كان منافقا.. كان غادرا.. كان ذئبا بشريا اذ هاجمه بوحشية وسدد له طعنة قوية في القلب وهو يردد عبارة"الله أكبر"، أردفها بطعنتين تاركا اياه يسبح في بركة من الدماء ثم حاول الفرار، ولكن الاعوان المكلفين بتأمين مقر المحكمة وبعد التفطن للعملية الارهابية النكراء قاموا بملاحقة الارهابي ومطاردته في الطريق العام وطالبوه بالتوقف وتسليم نفسه، وعندما رفض أطلقوا عليه النار فأصابته رصاصة في مكان غير قاتل وسقط طريح الأرض ليلقي القبض عليه قبل نقله الى المستشفى لتلقي الاسعاف والعلاج تحت حراسة أمنية مشددة. الداخلية على الخط واصدرت وزارة الداخلية أمس بلاغين متتاليين الاول جاء فيه:"تعلم وزارة الداخلية وأن شخصا تولى صباح اليوم(أمس) الاثنين 23 سبتمبر 2019 طعن عون أمن قرب مقر محكمة الإستئناف ببنزرت مما أسفر عن إستشهاده كما قام بالاعتداء على عسكري. وتجدر الإشارة إلى أن الوحدات الأمنية تولت مطاردة المعتدي والقبض عليه بصفة فورية والأبحاث متواصلة حاليا لتحديد أسباب وخلفيات الاعتداء". اما الثاني فجاء فيه:"في متابعة لعملية الطعن التي تعرض لها الرائد بالأمن الوطني "فوزي الهويملي" صباح اليوم(أمس) الإثنين 23 سبتمبر 2019 بمحيط محكمة الإستئناف ببنزرت والتي أدت لإستشهاده، تفيد وزارة الداخلية وأن الوحدات الأمنية تمكنت إثر مطاردة فورية للمعتدي من إيقافه بعد إطلاق النار عليه، أما في ما يتعلق بمرتكب عملية الطعن فهو من مواليد سنة 1995 قاطن بالجهة. وتجدر الإشارة إلى أن الشهيد الرائد "فوزي الهويملي" يتولى خطة رئيس مركز الأمن الوطني بمقر محكمة الإستئناف ببنزرت منذ حوالي السنتين. وقد تولت الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجريمة المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بالإدارة العامة للأمن الوطني البحث في القضية" بعد تعهد القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بها. وتتقدم وزارة الداخلية بأحر التعازي إلى عائلة الشهيد وإلى كافة أفراد المؤسسة الأمنية والشعب التونسي راجية من الله أن يتغمد روحه بواسع رحمته". من خطط ودعم؟ في سياق متصل تعهد القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالقضية واصدر انابة عدلية تعهدت بمقتضاها الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم والجرائم المنظمة الماسة بسلامة التراب الوطني بالإدارة العامة للأمن الوطني بالبحث في هذه الجريمة، لتحديد الاطراف التي خططت ومولت ودعمت العملية. مصدر امني مطلع اكد ل"الصباح" ان هذه العملية دليل على ان الارهابيين متواجدون حولنا، مضيفا:" بعد تضييق الخناق امنيا وعسكريا على الارهابيين المتحصنين في الجبال الغربية للبلاد والضربات المتتالية التي تلقوها جاءت فتوى تحرير المبادرة، بما يعني اطلاق العنان للذئاب المنفردة للتخطيط الحر والتنفيذ داخل المدن في محاولة يائسة لتشتيت دور الامن وفك الخناق على الارهابيين في الجبال". وأشار الى ان هذه العملية مشابهة للعملية التي استهدفت في نوفمبر2017 الرائد رياض بروطة بساحة باردو، وهي تأكيد على تحرير المبادرة وعدم التقيد بأوامر الأمير، مشددا على ان كل المعطيات ترجح انتماء الارهابي لتنظيمي داعش او جند الخلافة الارهابيين، ولكن الابحاث معه ستكشف الاطراف التي خططت للعملية ودعمتها. السترات الواقية طرحت العملية الارهابية الاخيرة مسألة حمل رجال الأمن للسترات الواقية، وفي هذا الاطار اتصلت"الصباح" بمسؤول أمني -رفض الكشف عن هويته- للاستفسار عن تقيد الاعوان بارتداء السترات فأكد ان تعليمات القيادة واضحة ولا لبس فيها، وهي إلزام الاعوان الميدانيين بارتداء السترات للتوقي، وبخصوص واقعة الحال اكد ان الشهيد مسؤول امني باعتباره رئيس مركز دوره اداري يتمثل في تنسيق خدمات المركز وهو ليس مطالبا بحمل السترة الا في حال العمل الميداني والمداهمات، داعيا الاعوان الميدانيين الى التقيد بالتعليمات وارتداء الصدريات واليقظة. صابر المكشر