جلسة صلحية مرتقبة غدا في صفاقس للإعلان عن إلغاء إضراب أعوان شركة "سونوتراك"    احالة احمد صواب على القضاء و رفض الافراج عنه    غلق شارع المشاتل بسكرة كليا بداية من 21 جويلية 2025 (الديوان الوطني للتطهير )    البيت الأبيض: ترامب منح سوريا "فرصة لتحقيق الازدهار" عبر رفع العقوبات    أنس جابر تعلن ابتعادها عن ميادين التنس لفترة غير محددة    معهد الرصد الجوي يؤكد أن شهر جوان 2025 كان أشد حرّا من المعتاد    زغوان: انتشال شاة نافقة من منشأة مائية تسبّبت في حرمان 20 عائلة من منطقة عين الصفصاف ببئر مشارقة من التزود بمياه الشرب    المهرجان الصيفي منوبة الدندان يفتتح المهرجانات الصيفية بالجهة    قفصة: الادارة الجهوية للصحة تنفي ما يتداول حول وجود بؤرة لمرض نقص المناعة المكتسبة بالمتلوي    المندوبية الجهوية للثقافة بسليانة تعلن عن برمجة مهرجان سليانة الدولي    منظمة الاعراف تدعو المؤسسات الى اعتماد ادارة المياه والبصمة المائية صلب توجهاتها الإستراتيجية    عاجل/ الناتو ينقل أنظمة باتريوت الى اوكرانيا وروسيا تستعد لحرب شاملة    تغيرات الطقس تهاجم الرئتين بصمت... كيف تحمي نفسك؟    حالة الطقس هذه الليلة    قابس: وفاة شخص وإصابة 4 آخرين في حادث مرور بالعمارات بالمطوية    مباراة ودية: تركيبة طاقم تحكيم مواجهة الترجي الرياضي ومستقبل المرسى    إنتقالات: تونسي يلتحق بالإطار الفني لنادي يانغ أفريكانز التنزاني    بعثة الأهلي المصري تحل بتونس لإجراء تربص تحضيري    جامعة المتقاعدين: بعض المتقاعدين يضطرّون للتسوّل أو جمع البلاستيك..    حليت دبوزة الماء؟ عندك كان 24 ساعة قبل ما تولّي مصيبة    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول تجاري جنوب بغداد..#خبر_عاجل    ترمب: أخبار جيدة بشأن غزة.. ومفاوضات التهدئة تشهد تقدماً    الجيش الفرنسي يغادر السنغال وينهي وجوده الدائم في غرب إفريقيا    القصرين: الإخماد التام لحريق اندلع مطلع الاسبوع بجبل عبد العظيم وتدخلات ناجحة للسيطرة على حرائق متفرقة بالجهة (رئيس دائرة الغابات)    وفاة والدة الفنانة هند صبري    الفنون الدرامية والركحية بالمهدية: مهرجان مسارات ..قريبا    ندوة صحفية يوم الاثنين المقبل للاعلان عن برنامج الدورة ال30 للمهرجان المغاربي للفروسية ببوحجلة    بعد 40 عاما.. فرنسا ستفرج عن اللبناني جورج عبد الله    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه تجهز كافة اقاليمها باجهزة الدفع الالكتروني لتيسير خلاص الفواتير    هام/ انجاز طبي نوعي بقسم الأنف والأذن والحنجرة بالمستشفى الجامعي بقابس..    تحذير/ لا تتجاهلها..أعراض تنذرك بأنك مهدد بالإصابة بالسكري..!!    وزارة التعليم العالي: نسعى لزيادة عدد الطلبة في هذه التخصّصات    كيفاش يتحسب السكور وانت ناجح من دورة المراقبة 2025؟    خدمة إلكترونية تحلّك مشكل زحمة ال'' Péage''وتربحك وقت    "كريم الفيتوري يدعو إلى تحالفات بين علامات تونسية لاكتساح أسواق زيت الزيتون العالمية"    الجامعة التونسية لكرة القدم تصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    نقطة تحول في مسيرة العلامة التجارية/ "أودي" طلق سيارتها الجديدة "Q6 e-tron": أنور بن عمار يكشف السعر وموعد انطلاق التسويق..    اعتماد نظام الحصة الواحدة في التدريس..ما القصة..؟!    مهرجان الحمامات الدولي: مسرحية "ام البلدان" تستعير الماضي لتتحدث عن الحاضر وعن بناء تونس بالأمس واليوم    ''ننّي ننّي جاك النوم''... الغناية اللي رقدنا عليها صغار...أوّل مرّة بش تقراها كاملة    يعاني وضعًا صحيًا صعبًا.. ما هو مرض لطفي لبيب؟    بعد الآلة الذكية لكشف نسبة الكحول للسواق...رُد بالك تفوت النسبة هذي    مطار جربة جرجيس يستقبل أكثر من 5700رحلة جوية من 17 دولة    تحذير: موجة حرّ خانقة تضرب تونس...وذروتها يوم الإثنين!    هل الضوء في الصيف يزيد من حرارة المنزل؟ الحقيقة العلمية!    الزهروني: منحرف يروّع المواطنين بسيف والأمن يُطيح به في كمين محكم    سبالينكا لن تشارك في بطولة مونتريال للتنس قبل أمريكا المفتوحة    البطولة الافريقية لالعاب القوى للشبان : التونسية فريال شنيبة تحرز برونزية مسابقة الوثب الثلاثي    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى اسطنبول لاجراء تربص تحضيري استعدادا للبطولة العربية    "تعبت".. تدوينة مؤثرة ترافق استقالة مفاجئة للنائبة سيرين مرابط وتثير تفاعلاً واسعًا    قيس سعيّد: مؤسسات بلا جدوى ونصوص تستنزف أموال الشعب    قيس سعيّد: مراجعة جذرية للصناديق الاجتماعية لبناء دولة عادلة    التفويت بالدينار الرمزي لفائدة مؤسسة مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان    تاريخ الخيانات السياسية (17).. .مروان الحمار وخيانة صهره    تاريخ الخيانات السياسية (16) .. تآمر ابن سُريج مع خاقان    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



30عاما على سقوط جدار برلين/ توحد الغرب.. وتعززت جدران التقسيم والجهل بين العرب
نشر في الصباح نيوز يوم 07 - 11 - 2019

تحتفل ألمانيا ومعها بقية أوروبا هذا الأسبوع بمرور ثلاثين عاما على سقوط جدار الموت أو جدار برلين الذي قسم المدينة الألمانية بين 1961 إلى غاية 1989 -جغرافيا ولكن أيضا اجتماعيا وفكريا وثقافيا -, ليتحول اليوم هذا المعلم أو ما بقي منه من لوحات الى رمز للوحدة الالمانية وقوتها وهيمنتها أوروبيا ودوليا.. حكايات كثيرة مرعبة ارتبطت بهذا الجدار الذي فرق عائلات كثيرة وشهد تعليق اشلاء آلاف الشبان الذين حاولوا المغامرة والوصول الى الجزء الاخر من ألمانيا الديموقراطية المنفتحة المتطورة ..
احياء المانيا للذكرى الثلاثين لوحدتها يأتي في خضم تعمق الهوة ومخاطر الانقسام والتفكك بين الدول العربية المغاربية منها والإفريقية والخليجية التي وبرغم ما يجمع بينها من وحدة الجذور والانتماء الجغرافي والمعتقد واللغة فانها تظل مشتتة عاجزة عن احداث طرقات سريعة مشتركة او خطوط حديدية تربط بين الدول التي تنتمي الى فضاء جغرافي طبيعي واحد كما هو حال دول شمال إفريقيا أو الدول المغاربية التي تدفع اليوم ثمن تفككها اقتصاديا وتجاريا وعلميا ومعرفيا وحتى امنيا وهي التي ظلت عاجزة عن تحقيق تكاملها الاقتصادي أو التأسيس لسوق مشتركة أو جامعة علمية مشتركة أو قطب صناعي أو نووي أو علمي يفتح الآفاق أمام شبابها ويزيل مشاهد سفن الموت من المتوسط.. والأمر ذاته في دول الشرق الاوسط التي زادت صراعاتها وحروبها في عزلها عن بعضها البعض وتحويل أنظارها عن التحديات والمخاطر المصيرية في ظل تكرر سيناريوهات الثورات الشعبية الممتدة من شوارع الجزائر الى بيروت وبغداد والخرطوم وصنعاء ...اما جدار العار على ارض فلسطين المحتلة فتلك ماساة اخرى باتت منسية ومغيبة عن الانظار وقد بات هذا الجدار جدران عازلة تطوق الاهالي في الضفة والقطاع ..
للوحدة ثمنها ...
ولاشك ان المانيا الغربية التي تحملت تداعيات إعادة بناء ألمانيا ودفعت ثمن توحيد الألمانيتين تحصد اليوم ثمار خيار استراتيجي لم يقتنع به الكثيرون في حينه ولاشك ايضا ان فيما أسس له المستشار الالماني السابق هلموت كول وما اقدمت عليه اول مستشارة المانية تلميذته انجيلا ميركل قد ساعد في اعادة كتابة تاريخ المانيا الجديدة وأوروبا الحديثة ..
لسنا نريد العودة الى تلك الاحداث التاريخية التي عاش على وقعها العالم وهو يتابع توافد الالمان على جدار برلين لفتحه وإزالة اول جزء منه لإعلان نهاية الحرب الباردة والصراع القائم بين القطل الشيوعي والرأسمالي ..ولاشك ايضا ان دور اخر رؤساء الاتحاد السوفياتي غوربتشوف وخيار البرسترويكا كان له دوره في تفكيك الاتحاد السوفياتي وتحرر أوروبا الشرقية... قد تختلف القراءات والتقييمات لتداعيات تلك المرحلة على الثنائية القطبية لا سيما بعد الحرب العرقية التي فجرت يوغسلافيا السابقة ..ولكن الارجح ان سقوط جدار برلين غير وجه العالم وعزز موقع أوروبا بألمانيا الموحدة في المنابر الدولية والتحالفات العسكرية لاسيما الحلف الأطلسي ..
تحقيق الوحدة الألمانية وما أفرزته من إعادة بناء الاقتصاد الألماني لم يكن من دون تضحيات وحسابات ورهانات غير مسبوقة. فألمانيا تظل وبرغم الانكماش الاقتصادي الأوروبي البلد الأكثر نموا والأكثر قدرة على الحد من البطالة في القارة العجوز.. وبرغم تباين ردود الافعال من وحدة الألمانيتين بين الأجيال الجديدة التي عاشت في حضن ألمانيا الموحدة ولم تعرف بالتالي قيود النظام الشيوعي زمن الحرب الباردة وبين ذاكرة الاجيال التي عرفت اهوال وتداعيات الحرب العالمية الثانية وعاشت في ظل الانقسام بين الألمانيتين الغربية والشرقية فان المشهد في المانيا الموحدة اليوم يؤكد ان ثمن وحدة الشعوب اهم بكثير وابقى من تقسيمها وان الجدران الاسمنتية والجدران المصنوعة من الاسلاك الشائكة وحتى الجدران الفكرية العازلة بين الشعوب انما هي وسيلة دمار عاجل وليس اجل.. اختارت المانيا الوحدة وراهنت على انهاء التقسيم وازالة الجدار الذي مزق شعبها وحول أبناءه الى اعداء يحقدون على بعضهم البعض نتيجة خيارات وتحالفات الحرب العالمية الثانية وإكراهات المنتصرين ...
الكثيرون توقعوا قبل ثلاثة عقود ومع استفاقة العالم على سقوط وانهيار جدار برلين وما تحقق على وقع تلك الثورة الهادئة على وقع معاول المواطنين الألمان في الجانبين الشرقي والغربي لبرلين ان تسقط معه جدران كثيرة اريد لها ان تفصل بين الأمم والشعوب وان تستنزف قدراتها وتمنع تحركاتها وتعرقل تنقلاتها وتحد من احلامها وتصادر طموحاتها وتضيق خياراتها في بناء المستقبل وتوسيع افاقها...
صحيح ان عودة هذه الذكرى بعد ثلاثين عاما سيكون في اجواء مختلفة عما كان عليه الامر قبل ربع قرن عندما استقبلت برلين قادة العالم في ظل صعود الاسلاموفوبيا واليمين المتطرف والعداء للاجئين ولكن الواضح ان في اختيار المستشارة الألمانية ميركل ان يكون خطابها للألمان من كنيسة المصالحة التي أقيمت على طول الخط السابق للجدار في برلين ما يعني ان اعادة البناء والاعمار وتحقيق المصالحة اختبار معقد وطويل وربما لا يقاس بالسنين .وهذا ما يتعين على الشعوب التي تعيش تجربة العدالة الانتقالية والانتقال الديموقراطية وبينها تونس ومعها بقية دول الربيع العربي التي لم تجد بعد طريقها الى الخلاص الانتباه اليه لأدراك معناي وابعاد السلم الاجتماعي والمصالحة بين ابناء الوطن الواحد ..
ميركل ستكون محاطة في هذا الموعد بقادة بولندا وتشيكيا وسلوفاكيا والمجر بهدف التأكيد على «مساهمة دول أوروبا الوسطى في الثورة السلمية» التي جرت عام 1989وما يؤكد ايضا ان خيار المانيا نحو الوحدة والمستقبل لا يقبل التراجع وان زمن الانفصال والتشتت والانقسام من الماضي وقد خبرت معه المانيا كيف تكون اقوى بوحدتها ..
لقد كان يفترض ان يكون سقوط جدار برلين منطلقا لسقوط جدران كثيرة تخنق شعوب العالم وتفاقم معاناتها ولكن بدلا من ذلك لا يبدوان درس الوحدة الألمانية قد شجع على ذلك بل بالعكس فقد عاش العالم في أجزاء كثيرة منه ظهور جدران اسمنتية عازلة كثيرة تشتت الشعوب وتضعف الدول
بما اجل حلم الكثيرين في أن يكون حدث سقوط جدار برلين منعرجا جديدا للانفتاح بين العالم شمالا وجنوبا ...بل ان ما يشهده العالم اليوم يعيد الى الأذهان المخاوف من إعادة تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ومزيد عزل المعزولين في زمن العولمة .. وحسب الباحثة اليزابيث فالي بجامعة كيبيك بمونتريال فقد تم إحصاء بين 70 و75 جدارا تم بناؤها أو أعلن عنها
مقابل نحو15 جدارا في 1989.. ولو أننا حاولنا الانتباه لوجدنا ان اخطر تلك الجدران هي تلك التي لم تحددها الأسلاك الشائكة ولا الحجارة الإسمنتية ولكنها تلك الجدران الفكرية والاجتماعية وجدران الكراهية التي فرضتها ثقافة الأحقاد والضغائن والصراعات والاختلافات وإنهاك الشعوب وتدمير الأوطان وهي جدران نفسية بغيضة جعلت من الدول العربية التي جمعتها الجغرافيا كانتونات منعزلة عن بعضها البعض ترفض تحقيق التكامل الاقتصادي بينها وتبحث عن مصالحها التجارية والاقتصادية بعيدا عن حدودها ..
الجدران الخفية ..
الجدران التي يحتاج العرب الى هدمها ليست كلها من الحجر فهناك جدران خفية تسكن العقول وهي اشد صلابة وخطرا على أصحابها من كل الصخور.. أخيرا وليس آخرا لعل في الصفقة التي حققها الرئيس الفرنسي ماكرون في الصين والتي تقدر ب 15 مليار دولار خلال زيارته الثانية الى الصين ما يؤكد ان الجدران العازلة التي صنعتها الديبلوماسية الفاشلة والرهانات الخاسرة اسوا ايضا من الحدود الجغرافية ..ماكرون كان وعد بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية انه سيزور العملاق الصيني مرة كل سنة لفتح مزيد الافاق امام المؤسسات الاقتصادية والتجارية الفرنسية والصغيرة المتوسطة. ماكرون أدرك ان المسافات الفاصلة بين باريس وبيكين لا يمكن ان تكون حاجزا بين البلد الاوروبي والعملاق الآسيوي لتحقيق المنافع... وذلك هو خيار ورهان السياسيين ..
اسيا العتروس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.