شهد قطاع الفسفاط في الآونة الأخيرة نقلة ايجابية على مستوى الإنتاج ونظام العمل بمؤسسات القطاع تزامنا مع قرار فصل شركة فسفاط قفصة عن المجمع الكيميائي التونسي في إطار إعادة هيكلة المؤسسات العمومية وإصلاحها على خلفية تواصل عجزها لسنوات، حيث وصل الإنتاج الوطني إلى ما يناهز ال3.1 مليون طن أي بزيادة تقدر بحوالي 35 بالمائة على مقدار الإنتاج خلال سنة 2018. وجاءت هذه الانتعاشة الطفيفة بعد سنوات عرف فيها القطاع شللا شبه تام في جميع هياكله حتى اثر سلبا على الاقتصاد المحلي مما خلف خسائر كبيرة نتجت عن تعطل الإنتاج بالحوض المنجمي وصلت إلى أكثر من 8 مليار دولار أي ما يعادل ال24 مليار دينار باعتبار أن تونس تخسر سنويا مليار دولار وهو ما اثر على مؤسسات القطاع التي عرفت بدورها خسائر سنوية تصل إلى 400 مليون دينار. وبالرغم من بداية انتعاشة الإنتاج وتحسنه في مرحلة أولى من السنة الجارية بنسبة 20 بالمائة وفي مرحلة ثانية بحوالي ال35 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية بعد أن تراجع من 8 ملايين طن في سنة 2011 إلى 3 ملايين طن أي بنسبة تراجع ب63 بالمائة، إلا أن ذلك لا يعني تعافي القطاع باعتبار أن هذه المؤشرات لا ترتقي إلى مستوى المؤشرات التي كان يسجلها القطاع سنوات ما قبل 2010. بالمقابل، تعتبر هذه الانتعاشة الطفيفة في قطاع الفسفاط هامة بالنسبة إلى المهنيين ومسؤولي هياكل القطاع في ظل تواصل النشاط دون تعطيلات ملحوظة ونقصد هنا الاحتجاجات والإضرابات الاجتماعية التي تعد من أهم الأسباب المباشرة وراء تراجع الإنتاج الوطني. وتوفر الأمن والسلم الاجتماعي بالمنطقة ستكون له نتائج ايجابية في قادم الأيام وأهمها تحقيق نقاط نمو اقتصادي تصل إلى 4 نقاط دفعة واحدة فقط متأتية من قطاع الفسفاط والمناجم. حيث عرفت منطقة الحوض المنجمي تعقدا في الأوضاع الاجتماعية استعصى على الحكومة في البداية حل هذا الملف الشائك لكن بفضل التعاطي الايجابي لأهالي الجهة والمجهودات الحثيثة من قبل جميع الأطراف المتداخلة في القطاع عاد النشاط تدريجيا خاصة بعد عودة الخط رقم 13. كما سعت الحكومة إلى ضمان استقرار الوضع الاجتماعي باعتباره المقوم الأساسي لتواصل النشاط في الحوض المنجمي، من خلال تفعيل مخرجات الحوار الوطني للطاقة الذي أكد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار المسؤولية المجتمعية في جهة قفصة حسب الإطار القانوني وإحداث منوال تنموي شامل، فضلا عن تخصيص نسبة من المرابيح والمداخيل التي تحققها شركات القطاع للجهة. كذلك من المتوقع أن تأتي حزمة المشاريع المبرمجة في قطاع الفسفاط في السنوات القليلة القادمة أكلها على غرار المشروع الجديد للفسفاط بالمكناسي والذي سيكون له دور هام في الرفع من الإنتاج المحلي بما يناهز ال600 ألف طن ابتداء من السنة القادمة. وبالرغم من التحسن الطفيف الذي عرفه إنتاج الفسفاط فهو يبقى دون المأمول حسب العديد من المتدخلين في الشأن الاقتصادي خاصة أن قطاع الفسفاط والمناجم يعد من ابرز القطاعات التي تراهن عليها البلاد في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وانخرام كل التوازنات المالية لأكثر من ثلاث سنوات متتالية. وعلى اختلاف وتعدد البرامج الإصلاحية التي جاءت تباعا مع الحكومات المتعاقبة فقد بقي الإنتاج في المستويات الهزيلة وأصبح يفقد شيئا فشيئا مكانته في الأسواق العالمية. وكانت ابرز هذه البرامج الإصلاحية التي فعلت بشكل رسمي في القطاع تهدف إلى عودة الإنتاج إلى سالف عهده تتلخص في تركيز عدد من الاستثمارات المتصلة بالقطاع على غرار شركات البيئة وتحسين مستوى إنتاج ونقل الفسفاط لتدارك النقص الحاصل طيلة السنة المنقضية وتزويد مصانع تحويل الفسفاط بما لا يقل عن 12 قنطارا يوميّا والترفيع في طاقة الإنتاج السنوية لمواد الفسفاط ومشتقاته حتى يسترجع القطاع مكانته في الأسواق العالمية، فضلا عن توفير مواطن شغل جديدة في القطاع فقد ارتفع عدد أعوان شركة فسفاط قفصة من 4898 سنة 2010 إلى أكثر من 8000 في السنة المنقضية وبلغ عدد أعوان المجمع الكيمائي التونسي 7500 سنة 2013 مقابل 4433 سنة 2010. وأرجعت سلطة الإشراف الممثلة في وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أسباب تراجع القطاع وخاصة تضرره إلى الاحتجاجات المتكررة في منطقة الحوض المنجمي إبان الثورة والتي تواصلت حتى الفترة الأخيرة من السنة. وفي انتظار أن تتسلم الحكومة الجديدة مقاليد الحكم في الأيام القليلة القادمة وتطرح برنامجها الاقتصادي الذي يتضمن البرنامج الإصلاحي لإنعاش القطاع، ضبطت شركة فسفاط قفصة من جهتها هدفا لإنتاج ما يناهز ال3.8 مليون طن لتسويقه نحو الحرفاء بما سيحقق التوازنات المالية لمؤسسات قطاعي الفسفاط والأسمدة.. وفاء بن محمد