فيديو: كارثة بيئية تهدد خليج المنستير والمياه تتحول الي اللون الوردي بسبب التلوث    15 سنة سجنا ضد الصحبي عتيق: الناطق باسم محكمة أريانة يكشف ويوضح..#خبر_عاجل    عاجل : منها الترفيع في المنحة ...وزارة الصحة تزف أخبارا سارة للأطباء الشبان    زغوان: رصد اعتماد بقيمة 9ر1 مليون دينار لإعادة بناء مركب رعاية الطفولة ونادي التنشيط التربوي والاجتماعي بالزريبة قرية    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    عاجل : هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في السعودية تحذر و تنشر هذا البيان الرسمي    منوبة: اصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق مربي نحل بطبربة تسبب في حريق غابي    عاجل : تعرف على أول فريق يغادر كأس العالم للأندية 2025    بلاغ توضيحي للجنة الإنتخابات بالنادي الإفريقي للمنخرطين    نقل نجم ريال مدريد مبابي إلى المستشفى...تفاصيل    الترجي يعود لزيه التقليدي في مواجهة مصيرية ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    تونس: الدولة توفّر تذاكر سفر لعودة المهاجرين غير النظاميين    عين دراهم: حملة واسعة للتصدي للانتصاب الفوضوي    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    اختتام مشروع "البحر الأزرق هود"    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    حماية المستهلك والتجارة الإلكترونية: تذكير بالقواعد من قبل وزارة التجارة وتنمية الصادرات    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    صلاح وماك أليستر ضمن ستة مرشحين لجائزة أفضل لاعب من رابطة المحترفين في إنقلترا    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    قرابة 33 ألفا و500 تلميذ يشرعون في اجتياز امتحان شهادة ختم التعليم الأساسي العام والتقني دورة 2025    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الشاهد إلى الفخفاخ.. تونس إلى أين؟
نشر في الصباح نيوز يوم 29 - 02 - 2020

- ‬إسلاميون.. ‬قوميون.. ‬يساريون.. ‬ليبيراليون ‬ومستقلون ‬في ‬حكومة ‬الفخفاخ ‬

حظيت ‬حكومة ‬الياس ‬الفخفاخ ‬بثقة ‬129 ‬نائبا ‬مقابل ‬رفض ‬77 ‬وتحفظ ‬صوت ‬وغياب ‬عشرة ‬آخرين، ‬وهي ‬اقل ‬نسبة ‬مقارنة ‬بمختلف ‬الحكومات ‬السابقة ‬منذ ‬2011 ‬، ‬وقد ‬تجاوز ‬الفخفاخ ‬بعشرين ‬صوتا ‬المعدل ‬المطلوب ‬وهو ‬109 ‬وبذلك ‬يفوز ‬دون ‬اسعاف ‬ويحصل ‬على ‬اغلبية ‬مهمة ‬ولكنها ‬قد ‬لاتكون ‬مريحة ‬جدا ‬وهذا ‬ما ‬ستكشفه ‬الايام ‬القادمة ‬عندما ‬يحين ‬موعد ‬الاختبارات ‬الجدية ‬للملفات ‬الحارقة ‬التي ‬تنتظر ‬على ‬الرفوف...‬
ما ‬بعد ‬المشاهد ‬البروتوكولية ‬
مع ‬انتهاء ‬المشاهد ‬البروتوكولية ‬لانتقال ‬السلطة ‬بين ‬حكومة ‬تمضي ‬واخرى ‬تنتصب ‬بدءا ‬بأداء ‬اليمين ‬الدستورية ‬لاعضاء ‬الحكومة ‬الجديدة ‬أمام ‬رئيس ‬الجمهورية ‬وصولا ‬الى ‬التسليم ‬والتسلم ‬بين ‬رئيس ‬الحكومة ‬المغادر ‬يوسف ‬الشاهد ‬ورئيس ‬الحكومة ‬الوافد ‬على ‬القصبة ‬الياس ‬الفخفاخ ‬تطوى ‬صفحة ‬التقديم ‬والاشادة ‬بالمشهد ‬الديموقراطي ‬الاستثنائي ‬والنموذج ‬التونسي ‬وتجربة ‬التدوال ‬الديموقراطي ‬غير ‬المسبوقة ‬على ‬السلطة ‬في ‬منطقة ‬تقودها ‬الاهتزازات ‬والصراعات ‬الدموية ‬لتفسح ‬المجال ‬لفتح ‬الملفات ‬العالقة ‬التي ‬ستكون ‬على ‬مكتب ‬رئيس ‬الحكومة ‬ووزير ‬المالية ‬في ‬حكومة ‬‮«‬الترويكا‮»‬ ‬للاطلاع ‬عن ‬قرب ‬على ‬حقيقة ‬الارقام ‬والتحديات ‬التي ‬تنتظر ‬كامل ‬الفريق ‬الحكومي...‬
لاخلاف ‬ان ‬شريحة ‬واسعة ‬من ‬التونسيين ‬الذين ‬فرض ‬عليهم ‬ان ‬يعيشوا ‬على ‬وقع ‬تقلبات ‬المشهد ‬السياسي ‬تنفسوا ‬الصعداء ‬مع ‬الغاء ‬او ‬ربما ‬تاجيل ‬شبح ‬الانتخابات ‬المبكرة ‬التي ‬لوح ‬بها ‬رئيس ‬الجمهورية ‬قيس ‬سعيد ‬عندما ‬بدا ‬وكأن ‬مفاوضات ‬تشكيل ‬الحكومة ‬تتجه ‬الى ‬الانهيار ‬والى ‬تنامي ‬الصراع ‬بين ‬قرطاج ‬وباردو ‬ومونبليزير ‬قبل ‬ان ‬يتم ‬احتواء ‬الازمة ‬وتطويق ‬الخلاف ‬وتغليب ‬منطق ‬البند ‬ال89...‬
الاسوأ ‬ليس ‬وراءنا ‬
وبرغم ‬هذا ‬الانفراج ‬الحاصل ‬بشأن ‬الحكومة ‬التي ‬ظهرت ‬للوجود ‬بعد ‬اكثر ‬من ‬تاجيل ‬فان ‬مؤشرات ‬كثيرة ‬تؤكد ‬ان ‬زمن ‬الازمات ‬والاختلافات ‬ليس ‬وراءنا ‬وأن ‬ما ‬حدث ‬في ‬جلسة ‬منح ‬الثقة ‬للحكومة ‬قد ‬يخفي ‬في ‬طياته ‬عديد ‬المفاجآت. ‬والحقيقة ‬ان ‬في ‬الجلسة ‬التي ‬امتدت ‬خمسة ‬عشر ‬ساعة ‬واستمرت ‬حتى ‬الفجر ‬في ‬الليلة ‬الفاصلة ‬بين ‬الاربعاء ‬والخميس ‬ما ‬يحتمل ‬اكثر ‬من ‬قراءة ‬حول ‬احتمالات ‬انعكاس ‬ما ‬سجلته ‬تلك ‬الجلسة ‬المأثورة ‬من ‬مداخلات ‬وخطابات ‬واستعراض ‬للعضلات ‬من ‬جانب ‬النواب ‬من ‬مختلف ‬الكتل ‬والاحزاب ‬ومن ‬حروب ‬كلامية ‬ومن ‬شتم ‬واتهامات ‬الى ‬درجة ‬التكفير ‬وهتك ‬الاعراض ‬وكل ‬ذلك ‬تحت ‬عدسات ‬المصورين ‬والكاميرا ‬التي ‬كانت ‬تنقل ‬ما ‬يحدث ‬للراي ‬العام ‬المتشوق ‬لاكتشاف ‬مصير ‬الحكومة ‬فوجد ‬نفسه ‬كالعادة ‬أمام ‬مسرحية ‬سيئة ‬الاخراج ‬في ‬اغلب ‬الاحيان.. ‬
وبعيدا ‬عن ‬التعميم ‬لا ‬يمكن ‬وضع ‬جميع ‬النواب ‬في ‬سلة ‬واحدة ‬أو ‬تصنيف ‬الجميع ‬بامتهان ‬التهريج ‬السياسي ‬والمراهقة ‬السياسية، ‬فالبعض ‬ممن ‬استحقوا ‬صفة ‬نواب ‬الشعب ‬اظهروا ‬وعيا ‬سياسيا ‬واضحا ‬في ‬التعاطي ‬مع ‬الازمات ‬الحارقة ‬التي ‬تنتظر ‬البلاد. ‬والكثير ‬مما ‬تخلل ‬الجلسة ‬كان ‬صادما ‬وعكس ‬مشهدا ‬نيابيا ‬غريبا ‬لا ‬يخلو ‬من ‬التناقضات ‬الصارخة ‬التي ‬سيكون ‬لها ‬وقعها ‬كلما ‬تعلق ‬الامربالمصادقة ‬على ‬القوانين ‬والتشريعات ‬والتصويت ‬على ‬المؤسسات ‬الدستورية ‬المؤجلة ‬او ‬باستجواب ‬اعضاء ‬الحكومة..‬
خطر ‬اسمه ‬عودة ‬النعرات ‬الجهوية ‬
ولاشك ‬ان ‬احد ‬اكثر ‬الاسباب ‬مدعاة ‬للتوجس ‬من ‬اداء ‬المجلس ‬هيمنة ‬خطاب ‬النعرات ‬الجهوية ‬البغيضة ‬والعروشية ‬الغارقة ‬في ‬الجهل ‬على ‬عديد ‬المداخلات ‬الى ‬جانب ‬ما ‬تضمنته ‬من ‬اثارة ‬للاحقاد ‬والضغائن ‬والدفع ‬الى ‬العداء ‬بين ‬التونسيين ‬الى ‬درجة ‬الترهيب، ‬وقد ‬كنا ‬نعتقد ‬اننا ‬طوينا ‬نهائيا ‬خطر ‬النعرات ‬الجهوية ‬البغيضة ‬التي ‬تظل ‬اقرب ‬الى ‬الفتنة ‬النائمة ‬تنتظر ‬من ‬يوقظها ‬لتتحول ‬الى ‬مارد ‬يستهدف ‬المجتمع ‬تماما ‬كالطائفية ‬التي ‬تنخر ‬اليوم ‬شعوبا ‬واوطانا ‬في ‬المنطقة ‬العربية.. ‬وقد ‬بدا ‬الخطاب ‬وكان ‬هناك ‬فئة ‬من ‬النواب ‬تصر ‬على ‬اعادة ‬الجهوية ‬الى ‬السطح ‬والترويج ‬بشكل ‬مباشر ‬او ‬غير ‬مباشر ‬الى ‬ان ‬استثناء ‬بعض ‬الجهات ‬من ‬تشكيلة ‬الحكومة ‬تحقير ‬لتلك ‬المناطق ‬وتقزيم ‬لمواطنيها.. ‬وهو ‬خطاب ‬في ‬الحقيقة ‬تكرر ‬في ‬اكثر ‬من ‬مداخلة ‬بطريقة ‬لا ‬تخلو ‬من ‬التحامل ‬وتعكس ‬صراحة ‬براعة ‬عديد ‬النواب ‬في ‬الاستثمار ‬في ‬مآسي ‬المناطق ‬المهمشة ‬والمتاجرة ‬باحلام ‬البسطاء ‬والظهور ‬بمظهر ‬المدافع ‬الشرس ‬عن ‬المسضعفين ‬امام ‬عدسات ‬الكاميرا ‬وهي ‬محاولات ‬باتت ‬مفضوحة ‬من ‬شريحة ‬واسعة ‬من ‬الراي ‬العام ‬وتعكس ‬ثقافة ‬محدودة ‬وجهلا ‬معلنا ‬بدور ‬ومسؤولية ‬نائب ‬الشعب ‬الذي ‬منحه ‬الناخب ‬صوته ‬لتمثيله ‬تحت ‬قبة ‬البرلمان ‬والدفاع ‬عن ‬مصالحه ‬والدفع ‬باولوياته ‬ومطالب ‬الاصلاح ‬وتحقيق ‬العدالة ‬الاجتماعية ‬المنشودة ‬نحو ‬التحقيق. ‬
ولاشك ‬ان ‬الصورة ‬المنبثقة ‬عن ‬المجلس ‬في ‬جلسة ‬الفجر ‬لم ‬تكن ‬تدفع ‬للانشراح ‬او ‬تدعو ‬لتعليق ‬آمال ‬كثيرة ‬على ‬المجلس ‬غير ‬المتجانس ‬في ‬خطابه ‬واهدافه ‬واولوياته ‬وحتى ‬في ‬رؤيته ‬وتاويله ‬للدستور ‬الذي ‬يفترض ‬انه ‬المظلة ‬التي ‬يتظلل ‬بها ‬الجميع ‬ويعود ‬اليها ‬كل ‬الاطراف ‬عندما ‬تتعمق ‬الخلافات.. ‬وهي ‬صورة ‬تفتقر ‬في ‬الحقيقة ‬لما ‬ارتبطت ‬به ‬تونس ‬عبر ‬الحضارات ‬والحقب ‬من ‬جمال ‬الروح ‬وجمال ‬الطبيعة ‬ومن ‬انفتاح ‬للعقول ‬وتطلع ‬للافضل ...‬ونقول ‬لمن ‬يريد ‬اقناعنا ‬ان ‬الصورة ‬القادمة ‬من ‬المجلس ‬صورة ‬تعكس ‬وجه ‬التونسيين ‬فيؤسفنا ‬ان ‬نقول ‬انها ‬قبيحة ‬وان ‬المطلوب ‬التعجيل ‬بتهذيبها ‬وتطوير ‬خطابها ‬وتخليصها ‬من ‬الاحقاد ‬والتخلف ‬والكراهية ‬لتحظى ‬بشرف ‬تمثيل ‬التونسيين..‬
129 ‬صوتا ‬اغلبية ‬مريحة ‬ولكن...‬
بعد ‬شهر ‬من ‬المفاوضات ‬واكثر ‬من ‬خمسة ‬عشر ‬ساعة ‬من ‬النقاشات ‬تحت ‬قبة ‬البرلمان ‬حظيت ‬حكومة ‬الفخفاخ ‬بورقة ‬العبور ‬وتم ‬اسعافها ‬لتتجاوز ‬بذلك ‬واحدا ‬من ‬الاختبارات ‬المصيرية ‬في ‬مسار ‬الحكومة ‬الغامض.. ‬اذ ‬ورغم ‬نجاح ‬الحكومة ‬في ‬اقتلاع ‬129 ‬صوتا ‬مؤيدا ‬مقابل ‬77صوتا ‬معارضا ‬وصوت ‬محتفظ ‬فيما ‬غاب ‬عشرة ‬نواب، ‬فانه ‬لا ‬شيء ‬يبدو ‬محسوما ‬في ‬ظل ‬تضارب ‬المصالح ‬وتباين ‬الاهواء ‬والحسابات.. ‬عدد ‬الاصوات ‬التي ‬فازت ‬بها ‬حكومة ‬الفخفاخ ‬تظل ‬الاضعف ‬مقارنة ‬بسابقاتها ‬حيث ‬نالت ‬حكومة ‬علي ‬العريض ‬139 ‬من ‬اعضاء ‬المجلس ‬التاسيسي ‬مقابل ‬154 ‬لحكومة ‬حمادي ‬الجبالي ‬فيما ‬حصلت ‬حكومة ‬التكنوقراط ‬بزعامة ‬مهدي ‬جمعة ‬على ‬149، ‬ومرت ‬حكومة ‬الحبيب ‬الصيد ‬بعد ‬انتخابات ‬2014 ‬ب ‬166 ‬صوتا ‬لتتصدر ‬حكومة ‬الشاهد ‬بقية ‬الحكومات ‬بنيلها ‬ثقة ‬167 ‬صوتا ‬داخل ‬مجلس ‬نواب ‬الشعب.. ‬وكانت ‬حكومة ‬الشاهد ‬الاطول ‬عمرا ‬والاقدر ‬على ‬الصمود ‬دون ‬سابقاتها.. ‬وقد ‬يكون ‬وجود ‬حزام ‬سياسي ‬للحكومة ‬مسالة ‬مهمة ‬ولكنه ‬قد ‬لا ‬يكون ‬ضامنا ‬لبقائها ‬او ‬منع ‬تفككها ‬وانهيارها.. ‬وكل ‬السيناريوهات ‬تبقى ‬قائمة ‬مع ‬حكومة ‬الفخفاخ ‬التي ‬تجمع ‬كل ‬ألوان ‬الطيف ‬السياسي ‬من ‬الاسلاميين ‬وهم ‬الاغلبية ‬الى ‬جانب ‬المستقلين ‬وصولا ‬الى ‬اليساريين ‬الليبيراليين ‬والقوميين ‬العروبيين ‬الذين ‬سيتعين ‬عليهم ‬الاجتماع ‬لتقديم ‬خطط ‬الاصلاح ‬للمؤسسات ‬العمومية ‬ولكل ‬ما ‬يتعلق ‬بمخططات ‬التنمية ‬ومكافحة ‬الفقر ‬والتصدي ‬للفساد ‬والارهاب ‬وتطويرالتعليم ‬وانقاذ ‬الصحة ‬والاستثمار ‬والتشغيل...‬
على ‬ان ‬السؤال ‬المطروح ‬لن ‬يكون ‬بمعزل ‬عن ‬متلازمة ‬نتائج ‬التصويت ‬ومدى ‬قدرة ‬الحكومة ‬على ‬الصمود ‬في ‬وجه ‬الازمات ‬والعواصف ‬القادمة...‬
جدية ‬الرئيس ‬وسخرية ‬المشهد..‬
‬لم ‬يفوت ‬رئيس ‬الجمهورية ‬قيس ‬سعيد ‬مناسبة ‬اداء ‬اليمين ‬دون ‬توجيه ‬رسائله ‬السياسية ‬لاكثر ‬من ‬طرف، ‬وكأن ‬سعيد ‬أراد ‬اضافة ‬مزيد ‬من ‬اللمسات ‬على ‬ما ‬رافق ‬اداء ‬اليمين ‬من ‬صور ‬لم ‬تترك ‬التونسيين ‬على ‬الحياد ‬وافتكت ‬منهم ‬الابتسامة ‬رغم ‬الاجواء ‬القاتمة ‬التي ‬تعيش ‬على ‬وقعها ‬البلاد، ‬واولها ‬صورة ‬وزير ‬الذي ‬ارتبك ‬لحظة ‬اداء ‬اليمين ‬فوضع ‬يده ‬على ‬الطاولة ‬بدل ‬المصحف ‬قبل ‬أن ‬يتدارك ‬تحت ‬نظرات ‬وضحكات ‬زملائه ‬الوزراء ‬والثانية ‬فتتعلق ‬بوزيرة ‬الثقافة ‬التي ‬احتارت ‬بين ‬تعديل ‬حجابها ‬واداء ‬اليمين.. ‬على ‬ان ‬الحقيقة ‬ان ‬سعيد ‬كان ‬جديا ‬في ‬تعليقه ‬على ‬الحدث ‬حيث ‬قال ‬‮«‬إن ‬أداء ‬الحكومة ‬اليمين ‬لحظة ‬تاريخية ‬بعد ‬طول ‬انتظار، ‬وأن ‬الوضع ‬لم ‬يكن ‬سهلا ‬قبل ‬منح ‬الثقة ‬لحكومة ‬الفخفاخ‮»‬، ‬مؤكدا ‬في ‬الوقت ‬ذاته، ‬أن ‬رئيس ‬الحكومة ‬ليس ‬وزيرا ‬أول ‬كما ‬روج ‬خلال ‬جلسة ‬منح ‬الثقة ‬وفي ‬ذلك ‬اشارة ‬الى ‬انه ‬ظل ‬يتابع ‬الجلسة ‬حتى ‬النهاية. ‬وخلص ‬سعيد ‬الى ‬ان ‬‮«‬هناك ‬رجالا ‬صادقون ‬عملوا ‬في ‬صمت ‬لأجل ‬استمرار ‬الدولة ‬رغم ‬محاولات ‬بعض ‬الأطراف ‬الاستثمار ‬في ‬الأزمة‮»»‬ ‬وفي ‬ذلك ‬اتهام ‬ضمني ‬لطرف ‬واضح ‬بمحاولة ‬الاستثمار ‬في ‬الازمة ‬التي ‬رافقت ‬تشكيل ‬حكومة ‬الفخفاخ... ‬وليس ‬في ‬الامر ‬سر ‬فالصراع ‬كان ‬على ‬اشده ‬بين ‬سعيد ‬والغنوشي ‬ومحاولات ‬الشد ‬والجذب ‬استمرت ‬حتى ‬النهاية ‬ولم ‬تتراجع ‬الا ‬بحصول ‬الاتفاقات ‬الاخيرة ‬وبعض ‬التنازلات ‬التي ‬قبلت ‬بها ‬النهضة.. ‬ومن ‬الرسائل ‬الاخرى ‬التي ‬وجهها ‬سعيد ‬تلك ‬المتعلقة ‬بالقانون ‬الانتخابي ‬حيث ‬قال ‬‮«‬ان ‬المشاورات ‬كانت ‬مضنية ‬في ‬ظل ‬نتائج ‬الانتخابات ‬التشريعية.. ‬برلمان ‬لا ‬وجود ‬فيه ‬لأغلبية ‬واضحة ‬لأن ‬الطريقة ‬التي ‬تم ‬اعتمادها ‬هي ‬التمثيل ‬النسبي‮»‬. ‬فهل ‬ننتظر ‬مبادرة ‬تشريعية ‬جديدة ‬من ‬رئيس ‬الجمهورية ‬للتدارك ‬بشان ‬القانون ‬الانتخابي ‬بعد ‬المشروع ‬الذي ‬تقدمت ‬به ‬حركة ‬النهضة ‬والذي ‬توقف ‬عند ‬تغيير ‬العتبة... ‬
تونس ‬الى ‬اين؟
خلال ‬اكثر ‬من ‬خمسين ‬دقيقة ‬تحدث ‬الفخفاخ ‬امام ‬النواب ‬وقدم ‬اولوياته ‬التي ‬يفترض ‬ان ‬تقود ‬عمل ‬الحكومة ‬في ‬الفترة ‬القادمة ‬وتحدث ‬الملفات ‬الاقتصادية ‬والاجتماعية ‬العالقة، ‬ولكنه ‬في ‬المقابل ‬اسقط ‬ايضا ‬من ‬اهتمامه ‬الكثير ‬من ‬الملفات ‬و ‬ختار ‬الحذر ‬في ‬الاشارة ‬الى ‬الاعلام ‬واقتصر ‬على ‬تاكيد ‬الدعم ‬لحرية ‬الاعلام ‬دون ‬التاكيد ‬على ‬اصلاح ‬وانقاذ ‬المؤسسات ‬الاعلامية ‬بما ‬في ‬ذلك ‬المؤسسات ‬المصادرة ‬التي ‬بلغت ‬مرحلة ‬حرجة ‬ولم ‬يعد ‬بالامكان ‬تجاهل ‬وضعيتها... ‬الفخفاخ ‬تحدث ‬عن ‬الارادة ‬وعن ‬الامكانيات ‬المتوفرة ‬وعن ‬استعادة ‬ثقة ‬التونسيين ‬وعن ‬لتذليل ‬كل ‬الصعوبات ‬ولكنه ‬في ‬المقابل ‬لم ‬يتحدث ‬عن ‬تونس ‬المستقبل ‬وفي ‬أي ‬اتجاه ‬سيتم ‬تعديل ‬البوصلة... ‬السفينة ‬تترنح ‬والامواج ‬عاتية ‬ومطلوب ‬من ‬الربان ‬ان ‬يكون ‬سديد ‬الرؤية ‬لانقاذ ‬الركاب ‬من ‬غرق ‬وشيك ‬في ‬رفوف ‬المؤسسات ‬المالية ‬الاجنبية ‬واكراهات ‬القروض ‬الدووولية ‬والديون ‬التي ‬ستتحملها ‬اجيال ‬متعاقبة...‬
‬اسيا ‬العتروس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.