لم يعد الحديث اليوم عن مواعيد تسريح القسطين الاخيرين لصندوق النقد الدولي ومدى التزام تونس بتطبيق الاصلاحات المتفق بشانها مع هذه المؤسسة المالية كشروط صرفها، بل ان الامر بات اصعب بكثير على مستوى المالية العمومية للدولة التونسية. فبعد اعلان وزير المالية محمد نزار يعيش امس عن التخلي نهائيا عن برنامج القرض الممدد لصندوق النقد الدولي، تكون بلادنا قد فقدت تمويلات هامة تناهز المليار دولار، قيمة القسطين الاخيرين من قرض الصندوق المزمع تعبئتها في ميزانية 2020 بحلول شهر ماي المقبل كاجر اجل لتسريح هذه التمويلات. فامام الجائحة الوبائية التي تواجه بلادنا اليوم، لم تكن الحكومة مخيرة في اتخاذ مثل هذا القرار باعتبار ان شروط هذا البرنامج لم تعد متاحة في الوقت الراهن، وفضلت بالمقابل طلب تمويلات جديدة خارج هذا البرنامج بقيمة 400 مليون دولار ستوجه مباشرة لمجابهة الوباء. وحول هذا القرار، افادنا الخبير المحاسب وليد بن صالح في تصريح ل "الصباح" بان الحكومة مضطرة الى اتخاذه في الوقت الراهن مما سيحدث فارقا يناهز ال 600 مليون دولار بعد ان تخلت نهائيا عن بقية اقساط قرض الصندوق وتعويضها ب 400 مليون دولار ، مبينا ان الدولة مطالبة لتغطية هذا الفارق بايجاد مصادر جديدة للتمويل كحلول بديلة. وذكر بن صالح ان اهم هذه الحلول تتمثل في ضرورة الضغط قدر الامكان على النفقات العمومية على المستوى الداخلي وتاجيل خلاص القروض الخارجية خاصة الثنائية منها، مبينا ان هذا النوع من القروض تكون عملية تاجيلها اسهل بكثير من تلك القروض الممنوحة من قبل المؤسسات الدولية المانحة. وفسر محدثنا ان المطالبة بتاجيل سداد القروض الخارجية مع المؤسسات الدولية المانحة يتطلب اعادة جدولتها التي سيكون لها تبعات سلبية على صورة تونس في الاسواق الخارجية، مؤكدا على اهمية تركيز جهود تاجيل سداد القروض الثنائية التي تتطلب فقط مواقف دبلوماسية. كما اضاف بن صالح في ذات السياق ان الدولة مطالبة في الظرف الحالي بتوفير خطوط تمويل ثنائية جديدة من قبل عدد من الدول الصديقة، والتسريع في طلب خطوط تمويل اخرى خاصة باعانة الدول المتضررة من الجائحة الوبائية التي تمنحها المؤسسات والمنظمات الدولية المالية هذه الفترة وبشكل فوري.