سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
منتقدة مشروع قانون تحصين الثورة :"هيومن رايتس"تعتبر ان للسلطات حق حماية الديمقراطية الناشئة... لكن حظر الممارسة السياسية على آلاف الأشخاص ليس الطريق إلى هذا
دعت اليوم السبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المجلس الوطني التأسيسي إلى تعديل قانون تحصين الثورة. وفي ما يلي نصّ الرسالة الصادرة عن المنظمة وفق ما جاء في موقعها الرسمي: على المجلس الوطني التأسيسي التونسي تعديل المسودة الأخيرة لقانون يقصد به إقصاء المسؤولين الحكوميين في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي عن المناصب السياسية لمدة 7 سنوات. ترقى أحكام القانون المقترح وإجراءاته الإقصائية إلى مصاف القيود غير الضرورية وغير المتناسبة على الحقوق السياسية، فهو يشمل، ضمن بواعث قلق أخرى، قائمة فضفاضة بفئات الأشخاص المستهدفين بالإقصاء بناءً على انتماءاتهم السابقة، دون إمكانية للنظر في الظروف الفردية. ومن شأن مشروع القانون أيضاً أن يقصي المشمولين بالحظر عن عدد واسع من المناصب دون مبرر ، كما أنه يفتقر إلى ضمانات الإجراءات السليمة، بما فيها النص على إبلاغ المحظورين تلقائياً. ينتظر تصويت المجلس التأسيسي التونسي على المشروع في جوان الجاري. وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "للسلطات مصلحة مشروعة في حماية ديمقراطية تونس الناشئة، لكن حظر الممارسة السياسية على آلاف الأشخاص دون ضرورة طوال سنوات مقبلة ليس هو الطريق إلى هذا. من شأن هذا القانون الكاسح أن يؤدي الي عزل الاشخاص وحرمانهم من حقوقهم السياسية دون فرصة حقيقية لتفنيد المزاعم المقدمة بحقهم". تم تقديم قانون تحصين الثورة في 30 نوفمبر الماضي من قبل 5 أحزاب، من بينها حزبا النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية، المشاركان في الائتلاف الحاكم. وفي 30 أفريل قامت لجنة التشريع العام بمجلس تونس التشريعي، وهو المجلس الوطني التأسيسي، بتبني مشروع القانون وقررت رفعه إلى الجلسة العامة للتصويت. يتطلب المشروع موافقة الأغلبية المطلقة، أو 109 من أصل 217 عضواً. ومن شأن القانون استبعاد كافة أعضاء حكومات بن علي المتعاقبة منذ 1987 وحتى 2011، وكذلك أعضاء الحزب الحاكم السابق، التجمع الدستوري الديمقراطي، من شغل مناصب معينة بالانتخاب أو التعيين، ومن تشكيل الهيئات الحاكمة في أية أحزاب سياسية أو الالتحاق بها. ورغم انه لا توجد احصائيات رسمية فان بعض التوقعات تصل الي عشرات الالاف من الاشخاص. قالت أحزاب الائتلاف الحاكم التي رعت مشروع القانون إنها تقصد حماية الديمقراطية الوليدة في تونس من اعضاء الحزب الحاكم القديم، الذين يستطيعون اللجوء إلى المحسوبية والمكانة المحلية للفوز بمقاعد واستغلال نفوذهم للتدخل في الانتخابات في المستقبل. قالت هيومن رايتس ووتش إن البلدان التي عانت من الدكتاتورية وتكافح لتشييد مجتمعات ديمقراطية تحترم الحقوق الفردية تشعر بمخاوف مشروعة من تقويض تلك الجهود بفعل أشخاص كان سلوكهم السابق يعكس الصبغة الإجرامية أو الفاسدة أو القمعية لتلك الدكتاتوريات. ونتيجة لهذا فهناك بعض المبررات لتقييد الحقوق السياسية لبعض الأشخاص المرتبطين بالدكتاتورية السابقة في بداية العملية الانتقالية. إلا أن المعايير الدولية تتطلب احترام شروط واضحة في القيود المفروضة على الحقوق السياسية ، والإجراءات المزمعة في مشروع القانون تنتهك تلك المعايير، بحسب هيومن رايتس ووتش. ينبغي لأي قيود أن تكون ضرورية بهدف حماية الديمقراطية، بناءً على معايير واضحة يبينها القانون، وأن تكون متناسبة، تمس عدداً محدوداً من الأشخاص لمدة محدودة. علاوة على هذا، ينبغي لكل شخص متضرر أن يتمتع بالحماية التامة لإجراءات القضاء السليمة، بما فيها الحق في مواجهة الأدلة المقدمة ضده والطعن فيها، وفرصة تقديم أدلته الخاصة، والحق في الاستئناف أمام هيئة قضائية مستقلة. لكن مشروع القانون، بحسب هيومن رايتس ووتش، لا يتفق مع تلك الشروط، فهو يحتوي على فئات كاسحة من الأشخاص الذين يُنتظر إقصاؤهم عن تشكيلة واسعة من المناصب المشغولة بالتعيين او الانتخاب ، بدون إمكانية التعامل مع الظروف الفردية. كما أن الحظر المفروض على كافة أشكال المشاركة السياسية يتسم بعدم الضرورة وعدم التناسب، حيث لن يجري استبعاد المعنيين من الترشح في الانتخابات التشريعية فقط، ولكن أيضاً من الانتخابات البلدية والإقليمية، وكذلك من شغل المناصب العليا في أي حزب سياسي، رغم أن الكثير من المناصب التي يجري إقصاؤهم عنها لا يمكن أن تشكل تهديداً معقولاً للديمقراطية في تونس. من شأن مشروع القانون أن يوكل للجنة، هي الهيئة المستقلة العليا للانتخابات، لتحديد الأشخاص المشمولين بالحظر من مناصب سياسية بعينها، لكنه لا ينص على إخطار آلي للأشخاص الواردين في القائمة. كما ينص القانون على الطعن أمام المحكمة الإدارية ، ولكن فقط لتحديد مدى انتماء الشخص إلى إحدى الفئات العريضة المحددة في القانون. يشمل الحظر المفروض لمدة 7 سنوات الأشخاص الذين شغلوا مناصباً بعينها منذ 7 نوفمبر 1987 وحتى 14 جانفي 2011. ويضم المعنيون أعضاء الحكومات المتعاقبة ورؤساء مجالس الوزراء، ومرشحي الحزب الحاكم السابق في الانتخابات التشريعية، بغض النظر عن فوزهم في الانتخابات من عدمه، والأمين العام للحزب ونائبه، وأعضاء المكتب السياسي للحزب ولجنته المركزية، والأمناء العامين للجان التنسيقية والقطاعات الإقليمية للحزب، ورؤساء الشعب بالحزب، وأي شخص دعا بن علي للترشح في انتخابات 2014. ومن شأن هؤلاء أن يحظر عليهم شغل المناصب العليا بما فيها الرئاسة ورئاسة ديوان الرئاسة، ورئاسة الحكومة، ورئاسة البرلمان، وعضوية البرلمان، ومنصبي محافظ البنك المركزي التونسي ونائبه، ومناصب السفير والقنصل والمحافظ. لكنهم سيقصون أيضاً عن تشكيلة واسعة من المناصب الأدنى درجة ، ومنها عضوية أي من "الهيئات الدستورية" المزمع إنشاؤها وفق الدستور الجديد، مثل المحكمة الدستورية أو مجلس القضاء الأعلى، أو أية هيئة بلدية أو محلية، أو رئاسة أو عضوية هيئات الحكم المركزي أو الإقليمي، أو الهيئة التشكيلية لأي حزب سياسي. قال إريك غولدستين: "ما زال القانون المقترح فضفاضاً وكاسحاً، والأهم أنه لا يسمح بأخذ ظروف الشخص الفعلية في الحسبان، فمشروع هذا القانون يعامل الأشخاص الأكثر تورطاً في حكم بن علي القمعي على نحو مماثل لمن كان دورهم ضئيلاً وتركوا الحكم منذ سنوات طويلة".