نشر حزب التحرير اليوم الثلاثاء بيانا استنكر فيه استغلال الطبقة السياسية لعمليات الاغتيال لل"تصارع" في ما بينهم وتدخل أطراف أجنبية في تحديد مصير الحوار بين من هم في الحكم وبين المعارضة. وفي ما يلي نصّ البيان كاملا والذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه : توالت في بلدنا اغتيالات مجرمة غادرة تسفح الدّم الحرام، أمّا الطّبقة السياسيّة من حكّام ومعارضة فقد اتّخذت من هذه الدّماء المهراقة ذريعة وأداة تَصَارُع بينها، فالمعارضة استغلّت الدّماء لتثبت عجز الحكومة عن الحكم والإدارة فنادت بوجوب إسقاطها وأنّ شرعيّة الدّم أقوى الشرعيّات (كما صرّح أحد قياديي الجبهة الشعبيّة)، أمّا الحكومة فاتّخذتها دليلا على أنّ المعارضة تسعى لاستغلال الأوضاع والانقلاب عليها. وفي خضمّ هذا الصّراع العبثيّ على الكراسيّ يستغلّ كلّ طرف سياسيّ الدّم المُهراق في التّرويج لنفسه. هذا مع اتّفاق غريب وتواطؤ عجيب من الجميع على توجيه الاتّهامات في تلك الجرائم إلى عدوّ وهميّ هو الإرهاب. مع أنّ كلّ القرائن تفضح حقيقة العدوّ الذي ساءه أن يرى المسلمين في هذا الجزء العزيز من بلاد الإسلام يثورون على النّظام العلمانيّ. ألم يُعلن رشيد عمّار رئيس أركان الجيوش قبل أن يُفعّل تقاعُده ومختار بن نصر المتحدّث باسم وزارة الدّفاع قبل استقالته أنّ عمليّات التّمشيط في الشعانبي أثبتت اختفاء العناصر الإرهابية. فكيف عاد الإرهابيون إلى الجبل؟ ومن أدخلهم؟ خاصّة بعد التّنسيق الأمني مع الجزائر فصار الجبل وسائر المناطق الحدوديّة مطوّقة من جهة الجزائر بآلاف الجنود المدرّبين على محاربة الإرهاب والإرهابيين كما يزعمون. ومن الدّاخل بعناصر الجيش التي تُمشّطه منذ أشهر. ولماذا قبلت الحكومة بهذا التفسير وانساقت في الحرب المزعومة على الإرهاب؟ رغم أنّها أعلنت على لسان رئيسها أنّها مستهدفة بانقلاب وأنّ الجيش قد أحبط العمليّة الانقلابيّة؟ فمن هم الانقلابيّون؟ أهم إرهابيّو الشعانبي الأشباح؟ أم من نادى بحلّ المجلس التّأسيسيّ وبحلّ الحكومة؟ فلماذا لا تحاسبهم الحكومة؟ وممّن تخشى؟ أتخشى السيّد الأوروبيّ الذي أمرها بمواصلة الحوار معهم والبناء على ما سبق؟.فبعد أن استقبل رئيس الحكومة يوم 02-08-2013 بالقصبة "هيوج مينقارلي"Hugues Mingarelli ) ) مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمكتب الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي. وتناول معه الوضع العامّ في تونس ... وسبُل الخُروج من الأزمة السّياسيّة التي تشهدها البلاد. أمر المسؤول الأوروبي "بمواصلة البناء على ما تم انجازه إلى حد الآن في كنف الثقة والوفاق والحوار بين مختلف الأطراف حتى يتم الانتهاء من صياغة الدّستور وتنظيم الانتخابات في أفضل الظروف". إنّه الحاكم بأمره في بلدنا. هذا ما يفسّر سكوت الحكومة عمّن سمّتهم انقلابيّين. ويفسّر كذلك الكلمة التي صَمّ بها أشباهُ السياسيين آذاننا (التّوافق الوطني) يُسوّقونها الحلَّ السّحريَّ لكلّ مشاكلنا وأزماتنا. إنّ التوافق فكرة خبيثة وإرادة أوروبيّة ماكرة فُرضت على حياتنا السّياسيّة يُراد من خلالها إعادة العلمانيين بعد أن نَبذهم النّاس وأعرضوا عنهم، وإرجاع رجال العهد السّابق إلى الحياة السياسيّة، بعد أن ثار عليهم النّاس وألجأوهم إلى الاختباء والتّواري. وقريبا ستتصافح الأيادي المرتجفة (الحكومة) والأيادي الملوثة (رجالات العهد السّابق) على حساب تضحيات الناس ودمائهم تحت مُسمّى التوافق والمصلحة الوطنيّة. في سيناريو مؤامرة مكشوفة مفضوحة قوامها التقاء المصالح لا السّعيُ إلى الحقائق ومواجهة المشكلات. وعنوانها "الإرهاب" صناعة وَهْم يُضخّمُه الإعلامُ وتضغطُ بِه المعارضة وتختبئ وراءه الحكومات. وقد غاب عن حكّام اليوم أنّ الغرب يستعملهم مؤقّتا لحسن ظنّ النّاس بهم لصفتهم الإسلاميّة ليمتصّ ثورة الشارع على العلمانيّين والنّظام العلمانيّ ويحرف المسلمين عن التّوجّه الصحيح نحو إقامة الإسلام، لأنّهم ما جاؤوا لأجل أن يطبّقوا الإسلام بل أعلنوا أنّهم لن يُطبّقوا الشريعة وأظهروا أنّ هدفهم إرساء الديمقراطيّة لا الشريعة.... وكان فشلهم طبيعيّا ومنتظرا في معالجة الأوضاع السياسيّة المتأزّمة والاقتصاديّة المزرية لسيرهم في الحكم سيرة بن علي وبورقيبة في اتّخاذ العلمانيّة نهجا والخضوع للغرب المستعمر في تنفيذ سياساته واشتراطاته ولمّا بان الفشل وظهر العجز في رعاية شؤون النّاس الرّعاية الكريمة .... راح الغرب المستعمر يدفع أبواقه وعملاءه يدّعون بفرح خبيث أنّ الإسلام السّياسيّ قد فشل وانهار ليخرجوا بعد ذلك ويقولوا للنّاس هذا الإسلام الذي اخترتموه قد فشل ولا مناص لكم من العلمانيّة والجمهوريّة... أيّتها الحكومة: لقد أسأتم مرّتين أسأتم إلى أنفسكم بالتّنصّل من تحكيم شرع الله ومن وضعه موضع التّنفيذ المباشر خوفا من استعمار هزيل بدا ضعفه واشتدّت أزماته. وأسأتم إلى المسلمين بتضليلهم بادئ الأمر بأنّ لكم بديلا إسلاميّا واستدرجتم الجماهير المتعطّشة إلى الإسلام وعدله وحسن رعايته، استدرجتموهم إلى مهادنة الدّيموقراطيّة والنّظام الجمهوري الغربيّ بعد أن كاد يُقلع من جذوره. لقد بان لكم الآن مكر الغرب الاستعماريّ بكم وحقده على الإسلام ولقد رأيتم ما فعله ب"إخوانكم" في مصر فالمستعمر منذ أن أسقط دولة الخلافة ومزّق الأمّة ووضع عليها نواطير تحرس مصالحه لا يطيق سماع اسم الإسلام ولا يطيق أثرا من آثاره. وإنّه لم يستعملكم إلا بعد أن تنازلتم واجتهدتم في التّنازل وفي إظهار "اعتدالكم". وهو مع ذلك لن يهدأ له بال حتّى يزيلكم، وهذه حقيقة قرآنيّة ساطعة " وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ " لو كنتم تتدبّرون. ولقد رأيتم رأي العين أنّ التّنازلات ومقولة التّدرّج قد أضرّت بكم وبمنزلتكم عند المسلمين وجعلتكم ضعافا معزولين عن النّاس لا تملكون (مع أنّكم في الحكم) من الأمر شيئا ولا تحكمون حقّا ولا تقدرون على محاسبة أحد إلا من رضيت أوروبا بمحاسبته أو معاقبته أو تجريمه، ممّا أعجزكم أن تغيّروا أو تسوسوا أو تكشفوا حقائق الأمور فتراكم تدندنون حول الحقيقة ولا تقولونها.
أنتم الآن في الحكم فاحكموا: - وليكن قراركم سياديّا حقّا مستقلّا صِدْقا - عودوا إلى شرع ربّكم وضعوه موضع التّطبيق الفعليّ المباشر تطبيقا كاملا شاملا لا تنازل فيه ولا تدريج، ولكم في ذلك سندان، سند من ربّ العالمين ربّ السّماوات والأرض الذي وعد بنصر من ينصره ويطبّق شرعه وعدا حقّا صادقا لا يتخلّف. " إن تنصروا الله ينصركم ويُثبّت أقدامكم". وسند من المسلمين الذين ملّوا الذّلّ والهوان وصاروا يتعطّشون ليوم عزّ تحت سلطان الإسلام. - سارعوا إلى محاسبة الفاسدين والظّالمين. واقطعوا عنّا يد المستعمر العابثة ببلدنا وأمننا وفكّكوا خلايا الاستخبارات الأجنبية - استرجعوا ثروات البلاد التي تنهبها شركات النّهب الاستعماريّ وخاصّة الشركات البريطانية ("بريتش غاز" و"بتروفاك") الّتي تستأثر بأهمّ ثرواتنا من دون أبنائنا الذين ينهشهم الفقر والبطالة. ونحذّركم غضب الله وسخطه واعلموا أنّ «مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ*». ولميتة في سبيل الله خير من حياة في معصيته. فإن عجزتم عن هذا فتنحوا ولا تعودوا للعب في ملاعب الديمقراطية الزائفة، وتوبوا إلى الله من الدعوة لها وعودوا لدينكم الذي ارتضاه الله لكم. أيّها المسلمون في الأمن والجيش ضباطا وجنودا: إنّ تنفيذ سياسات الغرب الكافر وديمقراطية الدّماء والتوافق لاقتسام مغانم الحكم هي أساس الزجّ بكم في معركة ضدّ عدوّ وهميّ سمّوه "الإرهاب". وما الإرهاب إلاّ ما جرّه الاستعمار من عبث بأمن البلاد بتسلّطه عليها وبواسطة أوكار التّجسّس التي تملأ البلد في مقابل سكوت الحكومة وانتهازيّة المعارضة. فلا تكونوا العصا الغليظة التي يضربون بها أبناء أمّتكم ليُذلّوهم ثمّ يُحمّلوكم الوزر. وندعوكم أيّها المخلصون في الجيش والأمن إلى: 1- الوفاء بعهد الله الذي عاهدتموه: أوفوا بأيمانكم التي أقسمتم فيها على خدمة الشعب والبلاد، فلا تجعلوا أيمانكم لحراسة أنظمة الكفر من رأسماليّة وجمهوريّة تُغضب الله العظيم الذي أقسمتم به. وإنّ أيمانكم لم تكنْ لتجعل الشعب الذي أقسمْتم على حمايته وخدمته رهينة في يد الكافر المستعمر تُداس حرماته ويُسفك دمه وتُنهب ثرواته، ولم تكُن لحماية السّياسيين الذين ارتموا في أحضان الغرب المستعمر عدوّ الشّعب، ولم تكن أيمانكم لحماية من يُتاجر بدماء ضباط الجيش وأبناء المسلمين من أجل مكاسب سياسيّة أو مغانم حزبيّة، وهذا يستوجب منكم الضّرب على أيدي العابثين بالبلد من سياسيّين عملاء للاستعمار سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة، ومن جواسيس ملأوا البلاد يرتعون فيها طولا وعرضا بلا رقيب أو حسيب. 2- واجب نصرة دين الله فأنتم مسلمون، وقد أوجب الله على جميع المسلمين نصرة الإسلام وأهله ولعلّه عليكم أوجب، لأنّكم تملكون القوّة وهي مفتاح السّلطة. أيّها المسلمون: إنّ هذه الأحداث وما سينبثق عنها من توافقات بين الأطراف السّياسيَّة المختلفة بإدارة وضغط من المستعمر الأوروبيّ، لَتُنذر بشرّ مستطير تكريس قواعد النّظام الذي ثرتم عليه أصلا، فيتواصل الإعراض عن الإسلام نظاما للحياة والمجتمع والدّولة، ويتواصل تنفّذ الكافر المستعمر والارتهان للأجنبي وإثراء شركاته في الوقت الذي يعاني أهلنا الفقر والبطالة. ويتواصل اعتبار الحكم غنيمة (رواتب، امتيازات، استغلال نفوذ...) تتناحر عليها الأطراف ديمقراطيّا. أيّها المسلمون، أيّها الصائمون في هذا الشّهر الكريم أيّها الثائرون: أكملوا ثورتكم ليكون الإسلام هو الحاكم وارفعوا راية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى يعلم الجميع أنّنا مسلمون ولن نرضى عن الإسلام ودولة الإسلام بديلا وأنّنا لن نرضى حتّى نُحكم بالإسلام كاملا أو نهلك دونه في دولة تكون "السيادة للشرع وحده " أساسُها وأساسُ دستورها وقانونها وإجراءاتها كتابُ الله وسنّة ُنبيّه الكريم ولن نُخدع بفكرة التدرّج والتنازلات. وارفضوا حكم هؤلاء وفكرهم العلماني الذي يروّجون له، وأعرضوا عنهم. وضمّوا جهودكم إلى جهود حزب التحرير في الكفاح السياسي ضد هذه السياسات الارتهانيّة الاستعماريّة التي يتساوى في السعي إلى تطبيقها الحكومة والمعارضة واعملوا معنا لإقامة دولة الخلافة فهي التي تُطبّق الإسلام وتُعزّ أهله وتجاهد في سبيل اللّه وتقطع دابر الفساد والمُفسدين.