تباينت الآراء وتعدّدت المواقف بخصوص الاستشارة الوطنية حول الإطار القانوني لقطاع الإعلام. وقد نظّمت الحكومة بمقر وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية صباح اليوم أشغال هذه الاستشارة حيث تولّى نورالدين البحيري وزير العدل افتتاحها عوضا عن رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي. وسجّلت أشغال الاستشارة غياب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال. وكانت سهام بن سدرين رئيسة مركز تونس للعدالة الانتقالية قد طالبت خلال الجلسة الافتتاحية بتأجيل الاستشارة بما يمكّن من تشريك عدد أكبر من المتدخلين في القطاع الإعلامي. كما رفضت بن سدرين وجود بعض الوجوه الذين قالت عنهم أنّهم من رموز النظام السابق في قطاع الإعلام في هذه الأشغال ممّا أجبرها على الانسحاب. وقد تزامنت أشغال الاستشارة مع تقديم الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال تقريرها النهائي لكلّ من منصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي. موقف خبير وفي البعض من ردود الأفعال حول كلّ هذا الزخم الذي يرافق مسألة إصلاح الإعلام في تونس، قال رضا الكافي الصحفي وعضو الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال أنّ هذا التقرير يحتوي على جملة من التوصيات و الإصلاحات في الجانب القانوني وكذلك الجانب التنظيمي للمهنة. كما أبرز في اتصال هاتفي مع "الصباح نيوز" أنّ "الإعلام قد ظلّ 50 سنة تحت السلطة التنفيذية مؤكّدا على أنّه قد حان الوقت للقطع مع الماضي. وفي نفس السياق، دعا رضا الكافي إلى "استقلالية الإعلام مع ضرورة تحمّل مسؤولياته والعمل بحرفية من خلال حلقات تكوين لمعرفة ضوابط المهنة". وأشار الكافي إلى" ضرورة ترفّع الصحفيين في آدائهم وحيادهم وأن لا يؤثّر في عملهم أيّ طرف سياسي" مضيفا أنّه "لا يمكن إصلاح الإعلام بتدخّل الحكومة". وقال الكافي أنّه "كان يتمنّى أن لا تتدخّل الحكومة بل كان من الأفضل أن تجتمع الهيئات التنفيذية للصحفيين من نقابة وهيئة فيما بينهم للبحث في هذا الموضوع". وشدّد الكافي على أنّ الحكومة تسعى إلى تزعّم الإعلام معتبرا أنّ ما حصل من طرف الحكومة و"انفرادها باتخاذ القرار" يؤكّد أنّها "تريد أن تدخل من جديد من النافذة بعد أن خرجت من الباب". موقف الحكومة من إصلاح الإعلام من جهة أخرى، قال عضو هيئة إصلاح الإعلام أنّ "الحكومة لم تجب على مراسلات الهيئة المتعلّقة بالمرسومين115و 116 ". كما بيّن الكافي أنّ "الحكومة ليست متعجّلة في إصلاح الإعلام ولا نيّة لها في ذلك بل هناك رغبة منها للتمكّن من دواليب عملها". وقال الكافي أنّ "الحكومة لم تعد لها أجندة إصلاح وإنّما أجندة تحكّم في السلطة". وفي هذا الإطار، قال عضو الهيئة أنّ "الحكومة "النهضة" ترغب في استخدام الإعلام لخدمة مصالحها خاصّة وأنّ تونس متوجّهة نحو الانتخابات". وعن المشاركة في الاستشارة، أفاد الكافي أنّ "كلّ وجوه بن علي كانت موجودة في الصفّ الأوّل خلال هذا اللقاء وأشار لحضور محمد حمدان وافتتاحه هذه الاستشارة "وهو الذي كان قد قدّم تقارير لبن علي ضدّ سهام بن سدرين وغيرها". كما أضاف الكافي أنّ الحكومة ليست لها رغبة في إصلاح الإعلام وإنّما هي تسعى لتركيعه وتطويعه. موقف النقابة من الاستشارة وقال منجي الخضراوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في اتصال هاتفي مع "الصباح نيوز" أنّ النقطة الأساسية لعدم مشاركة النقابة تتمثّل في "وجود أطراف في هذه الاستشارة ليست لهم الصفة التمثيلية" مؤكّدا أنّ "النقابة هي الممثّل الوحيد لعموم الصحفيين والناطق والمفاوض باسمهم أمام السلط العمومية وفي مثل هذه الوضعيات". ويعتبر الخضراوي أنّ تشريك أيّ جهة أخرى يدخل في باب "فرّق تسد". وأشار الخضراوي إلى أنّ المكوّنات الأساسية لهذه الاستشارة مثل الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئة إصلاح الإعلام والاتصال وكذلك لجنة الخبراء التي أعدّت النصوص لها نفس الموقف. وقال الخضراوي أنّ جملة مطالب التأجيل للاستشارة تعود إلى رغبة الأطراف المتدخّلة لإنجاح مثل هذه المبادرات على قاعدة الحقوق والحريات المضمونة في المرسومين 115 و 116 لسنة 2011. أجواء الاستشارة أمّا نور الدين البحيري وزير العدل فقال خلال اللقاء الافتتاحي أنّ "الحكومة الحالية لا تطمح إلى تحويل الإعلام إلى بوق جديد للسلطة " كما أشار البحيري إلى أنّ خيار الحكومة الحالية هو "خيار القطيعة التامّة مع ما كان سائدا في النظام السابق". وأكّد البحيري في نفس السياق أنّ الحكومة " لاتريد أن ننفرد بخيار الإصلاح" مضيفا أنّه لو كان كذلك.. لاكتفت الحكومة بعرض مقترحاتها بشأن قطاع الإعلام على المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليه". كما تطرّق البحيري إلى المرسومين115و 116 معتبرا "أنّ أيّ تغيير أو إبقاء على مضمونيهما يجب أن يدعم نهج حرية الإعلام لا أن يحد منها ".