قال مسؤولون أمنيون كبار في مصر إنه بعد "سحق" جماعة "الإخوان المسلمين" في الداخل، فإن السلطة الحاكمة في مصر التي يدعمها الجيش تخطط لإضعاف حركة المقاومة الاسلامية "حماس" التي تدير قطاع غزة. وقال أربعة مسؤولين أمنيين وديبلوماسيين إن الهدف الذي يشير المسؤولون إلى أن تحقيقه قد يستغرق عدة سنوات يتضمن العمل مع حركة "فتح"، خصم "حماس" السياسي، ودعم الأنشطة الشعبية المناهضة ل"حماس" في غزة. ومنذ عزل الجيش الرئيس الاسلامي محمد مرسي، اتجه الى تضييق الخناق على اقتصاد غزة من خلال تدمير معظم الأنفاق البالغ عددها 1200 نفق التي كانت تستخدم في تهريب الغذاء والسيارات والأسلحة إلى القطاع الذي يعاني حصاراً إسرائيلياً. وقال مسؤولون أمنيون إن رجال استخبارات يخططون، بمساعدة نشطاء وخصوم سياسيين ل"حماس"، لإضعاف الحركة التي سيطرت على غزة عام 2007، بعد اشتباكات مع حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ووفقاً لما يقوله مسؤولون مصريون، تواجه "حماس" مقاومة متنامية من جانب نشطاء سينظمون احتجاجات مماثلة لتلك التي شهدتها مصر وأدت إلى سقوط رئيسين منذ بداية الربيع العربي عام 2011. وتخطط القاهرة لدعم مثل هذه الاحتجاجات. وقال مسؤول أمني كبير، طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "غزة هي التالية"، مضيفاً "لا يمكننا أن نتحرر من إرهاب الاخوان في مصر من دون وضع نهاية له في غزة الواقعة على حدودنا". وعندما سئل لماذا لا تلاحق الاستخبارات المصرية "حماس" الآن، قال مسؤول أمني ثان "سيأتي يومهم". وتتهم مصر "حماس" بدعم جماعات متشددة لها علاقة بتنظيم "القاعدة" صعّدت هجماتها ضد قوات الأمن في شبه جزيرة سيناء خلال الأشهر القليلة الماضية. وامتدت الهجمات إلى القاهرة ومدن أخرى. وتنفي جماعة "الإخوان المسلمين" و"حماس" اتهامات الإرهاب الموجهة إليهما، وتقول جماعة "الاخوان" إنها ملتزمة بسلمية الاحتجاجات. وأطاح الجيش الجماعة من السلطة في مصر بعدما ألقى بثقله وراء احتجاجات شعبية الصيف الماضي. وتجري الآن محاكمة الرئيس السابق مرسي في اتهامات بالتحريض على قتل متظاهرين أثناء رئاسته. وشنت الحكومة المدعومة من الجيش في مصر حملة صارمة ضد جماعة "الإخوان" واعتقلت كل قياداتها تقريباً وآلافاً من مؤيديها وأعلنتها رسمياً منظمة "إرهابية". لكن الوضع مختلف تماماً في غزة حيث حركة "حماس" مدججة بالسلاح، ولديها خبرة سنوات عديدة في القتال ضد اسرائيل وتتحرك بسرعة للقضاء على أي معارضة. وقال مسؤول في "حماس" إن التعليقات التي أدلى بها مسؤولون مصريون ل"رويترز" تبيّن أن القاهرة تحرض على العنف وتحاول اثارة الفوضى. وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم "حماس" "نؤكد أن حماس لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر. ويجب ألا يحلم أحد باضعاف حماس". وقال مسؤولون إنه حتى الآن كانت الاتصالات بين مصر وفتح قاصرة على مناقشة سبل مساعدة فتح لإضعاف "حماس". وامتنعوا عن ذكر أسماء الفلسطينيين المشاركين في تلك المناقشات أو إعطاء تفاصيل في شأن عدد الاجتماعات التي عقدت. وتفرض "حماس" رقابة شديدة على مسؤولي حركة فتح في غزة. ونفى مسؤول كبير في حركة "فتح" في الضفة الغربيةالمحتلة وجود أي مؤامرة لاطاحة "حماس". وقال "يوجد غضب كبير في غزة. الشعب يعاني لكن الاحتجاج ليس سهلاً. لا يمكن أن نأمل في أن تختفي حماس غداً". ولدى "حماس" عدد يقدّر بنحو 20 ألف مقاتل، بالاضافة إلى 20 ألفاً آخرين في قوات الشرطة والأمن. وعلى رغم المصاعب الاقتصادية المتنامية في غزة، فمازال في وسع الحركة الاعتماد على التأييد الكبير الذي تتمتع به بين سكان القطاع البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة. لكن المسؤولين المصريين يأملون في استغلال التوترات مع الجماعات المنافسة حتى إذا لم تكن هناك مؤشرات على حدوث انشقاقات كبيرة حتى الآن. وقال مصدر أمني مصري آخر "نعلم أن حماس قوية ومسلحة، لكننا نعلم أيضاً أنه توجد جماعات مسلحة أخرى في غزة ليست على علاقة طيبة مع "حماس" ويمكن استخدامها في مواجهة حماس". في أوائل جانفي الجاري، استضافت القاهرة علانية أول مؤتمر لجماعة شبابية جديدة مناهضة ل"حماس" تحمل اسم "تمرد"، وهو الاسم ذاته الذي استخدمته حركة الشباب المصرية التي قادت احتجاجات العام الماضي لإسقاط مرسي. وفي العام الماضي، اتهم "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، الذي يتخذ من غزة مقراً له، "حماس" بشن حملة شرسة على ناشطين يشتبه أنهم حاولوا تنظيم احتجاج مثل تمرد في نوفمبر. وقال المركز إن بعض الذين اعتقلوا تعرضوا للتعذيب وإن المسيرة التي أعلن عنها لم تتم. ودعا ناشطون في القاهرة إلى تنظيم احتجاجات في غزة في 21 مارس الماضي. ويأمل مسؤولون مصريون في أن تقلب حملات "حماس" على خصومها المائدة على قيادة الحركة. وقال المسؤول الأمني المصري: "من المؤكد أن العالم لن يقف ساكناً ويسمح لحماس بقتل فلسطينيين. سيتدخل أحد ما". وأضاف "لكن حتى الان نعمل على اطلاق الشرارة الاولى". لكن المسؤولين يسلمون أيضا بأن الخطة قد تستغرق بضع سنوات على الارجح. وتعكس خطة إضعاف "حماس" الثقة التي تجددت لدى قوات الامن المصرية بعد تهميشها عقب سقوط نظام الرئيس حسني مبارك عام 2011. وأصبح مسؤولو الامن الكبار الان مصممين على القضاء على خصومهم الاسلاميين قضاء مبرماً داخل مصر وخارجها. وكان المسؤولون الامنيون غضبوا عندما أصبح مرسي أول رئيس لمصر يلتقي مع قادة "حماس" في قصر الرئاسة. وأرسل مرسي رئيس وزرائه إلى غزة في اليوم الثاني من هجوم اسرائيلي على القطاع في نوفمبر 2012. ويعتقد كثير من المصريين أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تنوي منح جزء من سيناء ل"حماس". ونفى الإخوان باستمرار هذا الزعم. واعترفت حكومة مرسي بمشكلة الأنفاق أسفل الحدود بين مصر وغزة. وقال مستشاره للامن القومي في العام الماضي إن الحكومة ستغرق عدداً من الانفاق التي وصفها بأنها غير مشروعة. لكن معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة بقي مفتوحاً معظم فترة حكم مرسي، ما سمح بتدفق الاغذية والسلع الأساسية على غزة. وبعد اطاحة مرسي بدأ الجيش تدمير مئات الانفاق. ولم يسمح لأي مسؤول من "حماس" بالسفر إلى مصر منذ ذلك الحين. وفي الشهر الماضي، اتهم النائب العام المصري "حماس" بالتآمر مع مرسي وايران على شن هجمات ارهابية في مصر.(رويترز)