بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الحكومة الليبية السابق في حديث مثير : هذا هو دور الدوحة في الثورة الليبية ..ولهذا برز عبد الحكيم بلحاج
نشر في الصباح نيوز يوم 10 - 02 - 2014

كشف رئيس الحكومة الليبية السابق محمود جبريل أن قطر سعت ومنذ البداية إلى تنصيب عبد الحكيم بلحاج (الأمير السابق للجماعة الإسلامية المقاتلة) قائداً لثوار ليبيا وعارضت جمع السلاح من الثوار بعد انتصار الثورة الليبية.
وقال جبريل في حديث لصحيفة "الحياة اللندنية" أن غرفة عمليات "انتفاضة عروس البحر"، وهو الاسم المشفر لانتفاضة طرابلس، كانت في جزيرة جربة، حيث عرض ضابط استخبارات قطري بلحاج كقائد لهذه الإنتفاضة وذلك بمعرفة وزير الدفاع الليبي في المجلس انتقالي الليبي.
وفي التالي نص الحديث:
* يحمل بعض الليبيين قطر مسؤولية تصاعد نفوذ تيار الإسلام السياسي بعد انتصار الثورة واحتفاظ عناصره بالسلاح. هل كانت قطر منحازة وما هو الدليل؟
- الانحياز القطري إلى تيار الإسلام السياسي لم يكن ادعاء، فالثورة الليبية مرت بمواقف كلها تصب في هذا الاتجاه، ويمكن أن أسرد بعضها.
منذ الأسابيع الأولى للثورة بدأت ترد بعض الأخبار عن أن هناك لقاءات يعقدها رئيس الأركان القطري مع بعض الشخصيات الليبية المحسوبة على تيار الإسلام السياسي والتي كانت في أفغانستان مثل الأخ عبد الحكيم بلحاج. وكانت تلك مراحل تشكيل جبهة قوية ضد نظام شرس، وكنا نرى أن كل القوى الوطنية الليبية بتياراتها المختلفة مدعوة الآن للوقوف في وجه هذا النظام.
بدأت بعض المواقف المنحازة إلى هذا التيار تتضح. ربما كان الموقف الأول قبل انتفاضة طرابلس بحوالي ثلاثة أيام في أوت إذ كان متفقاً أن تتم الانتفاضة بداية يوم 14 جويلية بناء على طلب من الرئيس ساركوزي، وكنا شكلنا غرفة عمليات "انتفاضة عروس البحر"، وهو الاسم المشفّر لانتفاضة طرابلس، وهذه الغرفة كانت في جزيرة جربة في تونس، ثم انتقلت إلى مدينة الزنتان جبل نفوسة (الجبل الغربي). كانت البادرة الأولى عندما جاء وزير الدفاع الليبي جلال الدغيلي وأحضر معه السيد عبدالحكيم بلحاج وضابط استخبارات قطرياً ووجدناهم دخلوا إلى غرفة العمليات في جربة وحاولا تقديم الأخ عبدالحكيم بلحاج، من منظور وزير الدفاع الليبي، على أنه هو مَنْ يقود عملية تحرير طرابلس أو عملية انتفاضة طرابلس. الأخ عبدالمجيد المليقطة الذي كان يرأس تلك الغرفة، غرفة عمليات تحرير طرابلس، أغلق جهاز الكمبيوتر المحمول وقال لهما: لا، أنا آخذ تعليماتي من رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل، ولم يسمح لهما بالاطلاع على تفاصيل العمليات.
تكرر الأمر بعد أن اتفقنا على موعد 14 جويلية، وأن هناك أسلحة ستأتي من قطر بناء على طلب من فرنسا، ويدخل بها الثوار وينقلونها إلى طرابلس تمهيداً لانتفاضة طرابلس. وصلت الأسلحة إلى بنغازي فعلاً، ثم اكتشفنا أن هذه الأسلحة سرّبها أحد العناصر في التيار الإسلامي من بنغازي، ونقلها إلى الأخ عبدالحكيم بلحاج في الجبل الغربي، بالتالي تعطلت عملية انتفاضة طرابلس.
* هل صحيح انكم حصلتم على اسلحة من السودان؟
- بسبب هذا الأمر تأجلت الانتفاضة في طرابلس وسافرتُ إلى السودان مع بعض الإخوة، أحمد المجبري وفوزي عبدالعال، في محاولة لإحضار أسلحة وقابلنا الرئيس عمر البشير، ووزير الخارجية ورئيس الاستخبارات. وافق البشير على إعطائنا أسلحة وأبدى دعمه وأمر بتزويدنا كل ما نطلب، ووصلت الأسلحة بعدها بحوالى عشرة أيام، لكننا اكتشفنا في ما بعد أن قطر هي التي دفعت فاتورة الأسلحة السودانية. الأسلحة دخلت عبر البحر بقوارب ال "زودياك" (القوارب المطاطية) إلى بنغازي، إلى أن تمكنا من إيصالها إلى منطقة تقع شرق طرابلس اسمها القرابوللي، وكان أحمد المجبلي هو المسؤول عن إدخال هذه الأسلحة. ومن القرابوللي كانت تدخل بالسيارات إلى ضواحي طرابلس، إذ كانت هناك خلايا مختلفة في سوق الجمعة وفي تاجوراء والساحلية. القطريون كانوا على علم بانتفاضة طرابلس وأشركناهم وأطلعناهم على الخطة، وكذلك الإماراتيون والفرنسيون والبريطانيون. هذه الجهات الأربع كانت تعلم بخبايا تفاصيل خطة تحرير طرابلس.
يوم تنفيذ العملية في 17 أوت كان يوافق غزوة بدر - 17 رمضان - وكان من المفروض تنفيذ العملية في وقت أذان المغرب، وقت الإفطار. اتصل بي رئيس الأركان القطري حوالي الساعة الثانية بعد الظهر ليخبرني أنه يرجو تأجيل العملية، لأن قيادة ال "ناتو" تقول إنها لا تستطيع قصف الأهداف التي كنا طلبنا قصفها داخل طرابلس، والتي هي مراكز القيادة والسيطرة للنظام. كنا حددنا حوالي 28 هدفاً وأعطيت هذه الأهداف لقيادة ال"ناتو" لتقصفها قبل بدء الانتفاضة لكي نقلل الخسائر في المدنيين. وأبلغني أن مسؤولي ال"ناتو" يطلبون تأجيل العملية، لأنهم لن يتمكنوا من قصف تلك الأهداف خوفاً على المدنيين، لأن القذافي سحب الكثير من قواته إلى داخل طرابلس. كان أمراً مستغرباً، ولكن كان لا بد من عدم أخذ المخاطرة في هذا الأمر، فاتصلت بغرفة العمليات وأبلغتهم أن هناك طلباً لتأجيل العملية، واتفقنا أن تتم يوم 20 أوت الموافق 20 رمضان، فكان التأجيل على مضض، لأن الروح المعنوية كانت عالية داخل طرابلس، والثوار كانوا جاهزين للانطلاق.
في 20 أوت تكرر الموقف ذاته مرة أخرى من رئيس الأركان القطري، اتصل بي ظهراً وقال لي: يا محمود، مرة ثانية ال"ناتو" يطلب التأجيل. قلت له استحالة، لا أستطيع أن أطلب التأجيل أكثر من ذلك، لأن الناس جاهزة وكلمة السر انتشرت (عند أذان المغرب يبدأ التكبير وبعد الأذان مباشرة ينطلق الشباب من المساجد) والاسم المشفّر للعملية هو "عروس البحر"، وعلى رغم ذلك سأتصل وسأبلغ هذا الأمر. عندما اتصلت برئيس غرفة العمليات أغلق السماعة في وجهي، لأنهم لم يكونوا مستعدين لسماع أي حديث من هذا النوع. فعلاً انطلقت الانتفاضة، وبفضل الله سبحانه وتعالى كُلِّلَت بالنجاح. عند دخولنا طرابلس اكتشفنا أن من بين الأهداف ال28 المحددة حوالي 24 هدفاً كانت دمرت دماراً كاملاً، وليس كما أخبرونا أنهم غير قادرين على قصفها.
التحليل الوحيد أن قطر كانت تحاول شراء مزيد من الوقت ليتمكن الأخ عبد الحكيم بلحاج من أن يستجمع قوات كافية في الجبل ليدخل بها طرابلس، حتى يُعلن أنه هو مَنْ حرَّر طرابلس. على رغم ذلك، في اليوم الثالث ظهر الأخ عبد الحكيم بلحاج في سيارة "لاندكروزر" ودخل باب العزيزية وأجرت معه قناة "الجزيرة" لقاء على أنه هو قائد ثوار ليبيا. كان للأمر وقع المفاجأة على ثوار الجبهات الأخرى، خصوصاً أنه في لحظة الإعلان تلك كان لديَّ موعد مع ولي عهد قطر. كنت في اليوم السابق زرت الأمير الشيخ حمد وطلبت منه أن يرعى حواراً بين الأطراف السياسية المختلفة وتيار الإسلام السياسي، وأن يجتمع مع عبد الرحمن شلقم ومحمود شمام وعلي الصلابي في محاولة للمّ الشمل، لأننا لا نريد للعملية السياسية بعد سقوط النظام أن تتعطل. وأبدى موافقة على هذا الأمر وترحيباً، وقال لي إنه سيكلف ولي العهد الشيخ تميم بهذا الأمر، وفعلاً تحدث مع الشيخ تميم وأنا معه، وأبلغه بأن محمود سيمر عليك في الغد لتتفقا على كيفية إجراء هذا الأمر.
معركة طرابلس كانت لا تزال مستمرة في ذلك اليوم الثالث، يوم 23 أوت، وتوجهت للقاء ولي العهد. درجت العادة سابقاً أن ألتقيه على ترّاس خارجي للفيلا، لكن ذلك اللقاء تحديداً كان داخل قاعة فيها شاشة تلفزيون كبيرة. كنا جالسين وفجأة أثناء حديثي معه جاء الشيخ حمد بن ثامر، رئيس مجلس إدارة "الجزيرة"، وهمس في أذنه فوجدت أن ولي العهد التفت بالكامل إلى الشاشة وأهملني لحظة نقل "الجزيرة" دخولَ عبد الحكيم بلحاج إلى باب العزيزية، وانفصل عني بالكامل. انسحبتُ وخرجتُ من القاعة، واستقللت السيارة وغادرت، لأن حديثنا انقطع ولم يعرني ولي العهد اهتماماً، وأصبح كل تركيزه على الشاشة، فكأن الأمر كان مرتباً ومتوقعاً وأن ما هُمِس في أذنه كان أن "الجزيرة" الآن ستنقل في هذه اللحظة.
عبدالجليل والزيارة "السرية"
بعد التحرير مباشرة كنت أتحدث مع السيد مصطفى عبدالجليل صباحاً من الدوحة، في أمر يخص فرانكو فراتيني، وزير خارجية إيطاليا، وأعتقد أنه كان يوم 25 أوت إذا لم تخنّي الذاكرة. قلت له إنني سأكلمه بعد ساعة بعد أن أتحدث مع فراتيني مجدداً. اتصلت به بعد حوالي ساعة، ووجدت هاتفه مغلقاً. فسألت علي البرغثي، مدير مكتب مصطفى عبد الجليل، عن سبب إغلاق الهاتف فقال لي "ألا تعرف أن مصطفى في طريقه إليكم في الدوحة، وهو في الطائرة حالياً؟". قلت له إنني كنت أكلمه قبل ساعة ولم أعرف. واستغربتُ حقيقة أنني كنت أتحدث معه من حوالي ساعة فقط ولم يبلغني، ومن المفترض أنني رئيس وزرائه. أذكر أن الأخ محمود شمام والأخ عبد الرحمن شلقم كانا موجودين في الدوحة وأبلغتهما بالأمر. قلت لهما إنني محتار بين أمرين: فبروتوكولياً من المفترض أن أكون في استقباله ومن ناحية أخرى الرجل لم يبلغني بالزيارة ولا علم لي بها. عبد الرحمان ومحمود قالا لي إنهما لن يتوجها إلى المطار ولن يشاركا في الاستقبال. أنا بروتوكولياً كان من الواجب أن أظهر في الصورة حتى لا يُقال إن هناك انشقاقاً. لم يكن في علمي في ذلك الوقت أن سرّية الزيارة كانت مقصودة كي تحجب عني. توجهت إلى المطار فوجدت حمد العطية، رئيس الأركان، ووجدت الأخ عبد الرحمن العطية الذي كان مديراً للديوان (الأميري) في ذلك الوقت ووزيراً للطاقة سابقاً، في انتظار طائرة مصطفى عبد الجليل. عند هبوط الطائرة خرجت معهما للاستقبال فنزل السيد مصطفى عبد الجليل وكان معه عبد الحكيم بلحاج ووزير الدفاع جلال الدغيلي الذي كان منحازاً إلى المشروع القطري ومشروع تيار الإسلام السياسي، وفوزي أبو كتف، وهو من قيادات التيار. فوجئ مصطفى بوجودي فصافحته وحاول تبرير الأمر بأنه توقع أن يكون القطريون أبلغوني بالزيارة، فقلت له: لا علاقة لي بالقطريين فأنا علاقتي بك وكنت أتكلم معك صباحاً ولم تخبرني بهذا الأمر. قال لي "لا مشكلة، اليوم ليلاً، بعد الإفطار عند سمو الأمير، سنتحدث ونوضح الصورة". قلت له "أي إفطار؟ أنا لم يوجّه إليَّ أحد دعوة إلى إفطار". فتركته وتوجهت إلى الفندق الذي أقيم فيه. حوالي الساعة الخامسة اتصل بي أمير قطر الشيخ حمد وقال إنه أبلغه بأنني زعلان وقال لي إنه لم يكن يعرف أنني في قطر. قلت له أنا كنت مع الشيخ حمد بن جاسم في الجامعة العربية سوياً، وعدت إلى قطر منذ ثلاثة أيام. فقال لي "يجب أن تحضر الإفطار". فقلت له "اعذرني لأنني أقسمتُ ألا أحضره". فقال "أليس لي خاطر عندك؟". قلت له "خاطرك كبير عندي، وأنت فوق العين والرأس، لكنني أقسمتُ أنني لن أحضر الإفطار". وفعلاً اعتذرت ولم أحضر.
* ماذا قال عبد الجليل؟
- بعد عودة مصطفى عبد الجليل من الإفطار إلى الفندق، توجهتُ وعبد الرحمان شلقم للقائه، وحدثت مواجهة حادة بيننا على أساس أن هذا الانحراف في الممارسة في هذا الشكل غير مقبول. لا أستطيع أن أجزم، ولكن أعتقد أن القطريين كانوا يثقون بمصطفى عبد الجليل أكثر من ثقتهم بي، أحسوا أنه متعاطف مع التيار الإسلامي، وهو كان أعلن أنه متعاطف مع "الإخوان"، وقال إنه لو قرر يوماً الانضمام إلى أي حزب، سينضم إلى حزب "العدالة والبناء" الذي يمثل "الإخوان المسلمين"، وهذا حقه واختياره. ولكن هو كان يقود ثورة.
حدثت مواجهة حادة، واحتد عبد الرحمان شلقم في الكلام مع مصطفى وكذلك فعلت أنا. مصطفى كان دائماً يبرر بأنه قليل الخبرة السياسية. اكتشفنا في اليوم التالي أن هناك اجتماعاً دعت إليه قطر لرؤساء أركان دول ال"ناتو" في الدوحة وأن من المقصود ألا يحضر محمود جبريل هذا الاجتماع، باعتباري كنت أحضر اللقاءات السابقة في بروكسيل. افتتح المؤتمر رئيس الأركان القطري، ثم أُعطيت الكلمة إلى السيد عبد الحكيم بلحاج على أنه قائد ثوار ليبيا، وأنا لم أدعَ إلى ذلك الاجتماع، على رغم وجودي في قطر. بلحاج قُدِّمَ إلى رؤساء أركان ال"ناتو" على أنه قائد ثوار ليبيا ليخطب في الحاضرين كقائد ثوار ليبيا. هذا اللقب كان غريباً، إذ لم يكن هناك مركز "قائد ثوار ليبيا". هذه كانت حادثة مهمة جداً.
أيضاً، في أحد اللقاءات أتى مصطفى عبد الجليل مع وفد وحضرنا اجتماعات مع ولي العهد الشيخ تميم، وأثناء الاجتماع طلب اللقاء بمصطفى عبد الجليل على انفراد. لم يحدث هذا في السابق إطلاقاً، وكان هذا في جويلية. خرجتُ وخرج محمود شمام وعبد الكريم بازامة، وكان مرافقاً لمصطفى في تلك الزيارة مع بعض أعضاء المجلس الانتقالي. استمر اجتماعهم على انفراد حوالي 45 دقيقة، وخرج مصطفى فاستقللت معه السيارة وحاولت أن أعرف منه ما دار في ذلك الاجتماع المغلق فرفض، وقال "كان حديثاً عادياً، وأنهم يريدون فقط الاطمئنان إلى ما يحدث في الجبهات". حتى هذه اللحظة لا أعلم ما دار في ذلك الاجتماع.
موقف آخر أكثر وضوحاً بعد دخول طرابلس، في 1 سبتمبر 2011، عُقد في باريس مؤتمر أصدقاء ليبيا. في مؤتمر صحافي بعد الاختتام، وكنا ديفيد كامرون ونيكولا ساركوزي والأمير حمد ومصطفى عبد الجليل وأنا على المنصة في المؤتمر الصحافي، سألني أحد الصحافيين "الآن سقط النظام، ماذا ستفعلون بهذه الأسلحة المنتشرة؟ فقلت له إن لدينا خطة لاستقرار طرابلس ولجمع الأسلحة وشرائها". فقاطعني أمير قطر أمام الجميع وقال"الثوار لا يلقون السلاح أبداً، الثوار هم الذين لديهم الشرعية". وكان ذلك طبعاً موقفاً مُحرِجاً وغريباً.
ثم دخلنا إلى غرفة للاجتماعات لجلسة منفصلة للوفد الليبي والوفد القطري، وكان من الجانب القطري: أمير قطر والشيخ حمد بن جاسم والشيخ خالد العطية الذي أصبح الآن وزيراً للخارجية، وسفيرهم في باريس. ومن الجانب الليبي كان حاضراً مصطفى عبدالجليل وأنا ومحمود شمام ومنصور سيف النصر. كنتُ وعدت بتقديم استقالتي فقال أمير قطر "لا أنت يجب أن تستمر رئيساً لوزراء ليبيا، ولكن لا علاقة لك بالداخلية والجيش". فقلت له كيف؟ هل يوجد رئيس وزراء في الدنيا يكون غير مسؤول عن الأمن وسيادة البلاد، فهو رئيس الجهاز التنفيذي. قال "لا، أنت رجل تخطيط وتنمية واستمر في التخطيط والتنمية". وحصل خلاف بيننا في هذا الأمر. مصطفى عبد الجليل في ذلك الاجتماع لأول مرة يصرح بانحياز قطر إلى التيار الإسلامي، فقد قال لأمير قطر "إنكم منحازون إلى التيار الإسلامي، وربما هذا يُحدث نوعاً من الانشقاق في الصف الوطني". اقترح الشيخ حمد بن جاسم، لحل الإشكال، أن يُشكَّل "مجلس أعلى للأمن القومي" برئاسة مصطفى عبد الجليل وأكون أنا عضواً فيه ووزير الداخلية ووزير الدفاع. فقلت لهم إن هذا الأمر مرفوض تماماً بالنسبة إلى رئيس الوزراء الذي يجب أن يكون مسؤولاً تماماً عن الأمن. وحصل خلاف على قضية السلاح، فقالوا لنا "نحن أعطيناكم السلاح وأنتم تحولونه إلى تجارة سلاح داخل ليبيا - عبر شرائه من الثوار- وهذا الأمر لا يستقيم".
الخلافات كانت خلافات كاملة، وانتهى الاجتماع بعدم الاتفاق في وجهات النظر بيني وبين الجانب الآخر. عدت إلى ليبيا وفي 12 سبتمبر جمعتُ التشكيلات العسكرية في طرابلس، وكان لدينا 18 تشكيلاً، وحضر 17 من قادتها. واتفقنا على حل كل التشكيلات العسكرية، وحل ما يُعرف باللجنة الأمنية العليا، وأن تستلم مراكز الشرطة الأمن في طرابلس، واتفقنا على تشكيل قوة تدخل سريع من هذه التشكيلات، قوامها خمسة آلاف عنصر تكون تابعة للداخلية ولها زيٌّ خاص. كان قادة التشكيلات ال17 فرحين بهذا القرار، وكانت هناك بعثات دراسية وتكريم وتقدير مادي ورواتب مجزية لهؤلاء الخمسة آلاف عنصر الذين انضموا إلى الداخلية. اتصلتُ بالإمارات وبقطر لإحضار سيارات شرطة. وكانت المجموعة الأولى من هذه السيارات باللونين الأحمر والأبيض، وجاءت من الإمارات وكان الظهور الأول لسيارات الشرطة في شوارع طرابلس.
دخل علينا مصطفى عبد الجليل قاعة الاجتماع حوالي الساعة الواحدة ظهراً فوجدنا مجتمعين، وأخبرته قرارنا حل كل التشكيلات العسكرية، وأن الشرطة ستستلم زمام الأمور بدءاً من الأسبوع المقبل، فبارك هذا الجهد. بعد حوالي ساعة فوجئنا بباب القاعة يُفتح ويدخل علينا رئيس الأركان القطري، ووزير الدفاع الليبي وفوزي أبو كتف وعبد الحكيم بلحاج، المجموعة ذاتها التي كانت في قطر. دخولهم كان بطريقة فجّة، وقال "لم نكن نعرف أنكم مجتمعون". فقلت له تفضل يا أبو عبد الله (كنية رئيس الأركان القطري حمد العطية) وقلت له اليوم الحمد لله توصلنا إلى قرار تاريخي بحل كل التشكيلات العسكرية. فسألني: هذا القرار سيسري على طرابلس فقط، أم على كل المدن الليبية؟ قلت لا حاجة في بقية المدن لأن الاحتقان في طرابلس باعتبارها العاصمة، لا نستطيع تنفيذ القرار في مصراتة، إذ تسكنها قبائل مصراتة ولا في الزنتان التي تسكنها قبائل الزنتان، بينما في طرابلس كل التشكيلات العسكرية التي من خارج العاصمة ومن داخلها وكلهم يعتبرونها عاصمتهم. لذلك، علينا حل كل التشكيلات العسكرية. جلال الدغيلي، وزير الدفاع، أبدى اعتراضاً على هذا الأمر، عبد الحكيم بلحاج خرج من القاعة وجلس مع مصطفى عبد الجليل. قال لي رئيس الأركان القطري إنه يحمل رسالة شخصية من أمير قطر ويود أن يجلس معي ومع مصطفى عبد الجليل. قلت له أمهلني حتى أوقع القرار وأنا جاهز.
* ماذا كان مضمون الرسالة؟
- أنهيتُ الاجتماع ثم توجهنا إلى مطعم قريب من القاعة أنا ورئيس الأركان القطري ومصطفى عبد الجليل، لتناول الغداء ولنستمع إلى الرسالة. كانت رسالة غريبة، قال: "سمو الأمير يطلب منكم تأجيل أو إلغاء زيارة ساركوزي وكامرون، وكان من المخطط لهما أن يصلا في 15 سبتمبر وأردوغان كان مخططاً له أن يصل في 16 سبتمبر". سألته: ما سبب الإلغاء أو التأجيل، قال: "الظروف الأمنية". قلت له غريب يا أبو عبد الله، فرؤساء الدول قبل أن يخططوا لزيارة يرسلون فرقا أمنية لتحدد إن كانت توجد أخطار أم لا، فلو كانت هناك أخطار أمنية سيطلبون تأجيل الزيارة، ولكن إذا كان الأمر يتعلق بزيارة سمو الأمير، فأنت تعلم جيدا أنني دعوتُ سمو الأمير ثلاث مرات لزيارة ليبيا، وكنت دائما أقول له نريد أن تكون أول قدم تطأ التراب الليبي بعد التحرير قدماً عربية، حتى لا يُقال عملاء ال"ناتو"، وكان في كل مرة يقول لي "هذه بلدي أنا لا أحتاج إلى دعوة، أزورها حينما أريد، وكلاماً من هذا القبيل..."، على رغم ذلك ما زالت الفرصة أمامنا الآن تستطيع أن تدعوه الخميس المقبل (لأن يوم 15 كان يوم جمعة على ما أذكر) فيأتينا بطائرته ونستقبله في المطار، المكتب التنفيذي والمجلس الانتقالي مجتمعَيْن، ثم في جلسة مشتركة بين الجهازين التنفيذي والتشريعي يلقي خطاباً يهنئ فيه الليبيين بسقوط النظام، ونحن نشكر قطر لما قدمته ونعترف بهذا الجميل ثم نوصله إلى الطائرة بعد زيارة لساعات معدودات. قال لي "لا، الأمير لديه ارتباطات، ومن الممكن أن تعتذروا بالادعاء أن مصطفى عبد الجليل متوعك صحياً ويأتينا إلى قطر". قال مصطفى عبد الجليل "أنا لن أكذب في هذا الأمر". فقال رئيس الأركان القطري "هل من الممكن أن تتولوا أنتم تأجيل زيارة أردوغان ونحن نتكفل بتأجيل زيارة ساركوزي وكامرون عبر اتصالاتنا مع الفرنسيين والبريطانيين؟". قلنا لا، حتى زيارة أردوغان لن نطلب تأجيلها، فالزيارات التي قُرِّرَت تتم في موعدها. خرج رئيس الأركان القطري من اللقاء، لكنه لم يكن راضيا عن عدم موافقتنا على تأجيل هذه الزيارات.
في السابعة مساء، كان مفترضا أن أظهر في مؤتمر صحافي أعلن فيه حل التشكيلات العسكرية في طرابلس. بدأت الاتصالات تردني من جلال الدغيلي وفوزي أبو كتف يقولان فيها لا ضرورة للظهور في مؤتمر صحافي، ويطلبان مني إلغاءه لأن الثوار محتقنون على الأرض. قلت عن أي ثوار تتحدثان فقادتهم كانوا إلى طاولة الاجتماعات وكانوا مسرورين بهذا القرار. تحدث معي فوزي أبو كتف مرة أخرى، وقال لي إنه تحدث مع مصطفى عبد الجليل - الذي كان موجوداً في مدينة الزوارة مع محمود شمام في ذلك اليوم - ويطلب تأجيل المؤتمر الصحافي. قلت له لم يتصل بي مصطفى عبد الجليل. اتصل بعد ذلك مدير مكتب مصطفى، واسمه حامد العمروني، فقلت له يا حامد، هل أنتم طلبتم من فوزي أبو كتف أن يبلغني بتأجيل المؤتمر الصحافي؟ فردّ لا، أبداً هذا غير صحيح. اتصلوا بمصطفى عبد الجليل فقال لهم هذا الأمر يعود إلى محمود جبريل.
خرجتُ في الساعة السابعة مساء، وأعلنتُ حل التشكيلات العسكرية، وكان معي 17 من قادة تلك التشكيلات على المنصة. في اليوم التالي فوجئنا بقرار من المجلس الوطني الانتقالي بإلغاء قراري وبنقل تبعية اللجنة الأمنية العليا من المكتب التنفيذي إلى المجلس. ترتب على هذا الأمر أن يوم 14 سبتمبر شهد أولى دعوات الفتنة واتهام محمود جبريل بالعلمانية، واتهام التيار الوطني بأنهم علمانيون وينحرفون بالبلاد إلى الفسوق والفجور. الرد كان سريعاً حين خرج أحد رموز تيار الإسلام السياسي واتهم محمود جبريل بالعلمانية، وأن عليه أن يقدم استقالته، وهذا ينحرف بالثورة، فبدأ الهجوم الإعلامي منذ ذلك اليوم.
* ما قصة اللقاء العاصف مع الشيخ حمد في نيويورك؟
- في 20 سبتمبر كان هناك لقاء آخر في الأمم المتحدة، على هامش الجمعية العامة، وكنت موجوداً ضمن وفد ليبي ضم مصطفى عبد الجليل وعبدالرحمان شلقم. أبلغني الشيخ حمد بن جاسم أن أمير قطر يريد أن يجلس معي ومع عبد الرحمن شلقم على انفراد لتسوية الأمور وتهدئة الخواطر. فباركت هذه الخطوة وطلبت من مصطفى عبد الجليل أن يصحبنا، فقال: لا، أنا سألتقيه في اليوم التالي. ورفض أن يأتي معنا فذهبتُ أنا وعبد الرحمن الى مقر إقامة أمير قطر الخاص في مانهاتن. رحب بنا ترحيباً شديداً وفوجئتُ بالرجل يقبّلني على رأسي، وقال لي: لا أريدك أن تزعل، قلت له: العفو، فالعين عمرها لا تعلو على الحاجب، فأنت قدمت الكثير للثورة الليبية وفضلك علينا كليبيين لا يمكن أن ننساه، لكن الخلاف هو خلاف في المواقف، وهذا لا ينكر دور قطر التاريخي ووقوفها التاريخي معنا. ففتح مرة أخرى ملف رئاسة الوزارة وأنني يجب أن أستمر. قلت له إن هذا الطرح، رئيس وزارة لا يشرف على جيش ولا على داخلية، ولا يشرف على حمل سلاح، يؤكد صحة موقفي بتقديم استقالتي. وعدتُّ بأنني سأقدم استقالتي وسأقدمها، لكن ما تطرحه أنت الآن يؤكد صحة هذا الموقف أكثر.
عبد الرحمان قال له: أنت تعرف علاقتي بقطر حتى قبل 17 فيفري، وعلاقتي بكم شخصياً، وأنا أتحدث من حرصي على قطر وعلى سمعتها مستقبلاً، فأنا أخاف يا سمو الأمير أن العلم القطري الذي رُفِع في ميادين بنغازي خلال الأسبوع الأول للثورة سيأتي عليه يوم، لو استمرت قطر في هذا الاتجاه، يعامل بطريقة أخرى. قال له الأمير: لا تقل هذا الكلام يا عبد الرحمان. أجابه: هذا من حرصي على قطر وخوفي على قطر لأنها عزيزة علينا ومن المفترض أن أتصرف بهذا الشكل. قال له: لا نحن على مسافة واحدة من كل الأطراف، فقلت له: ان الوقائع لا تؤكد ذلك، وكنا نتمنى أن تكون أنتَ الأب الروحي لحوار وطني، وهذا لم يحدث رغم أننا طالبنا به مراراً. ثم استأذنا من سمو الأمير ولم نحضر العشاء وخرجنا في شكل محترم، لكن الخلاف في المواقف كان جذرياً وكبيراً.
بعد ذلك قدمتُ استقالتي في 23 اكتوبر يوم إعلان التحرير، وسلمت موضوع المكتب التنفيذي، وتفرّغتُ بالكامل لتأسيس تحالف القوى الوطنية، وللمعركة السياسية الرئيسية. وفوجئنا بالحملة الإعلامية الشرسة التي كانت مغذّاة في شكل واضح تمويلا وبالتغطية الإعلامية، بحيث أن هذا الشخص يجب أن يُجرَّد من وطنيته ويجب أن يُغتال سياسياً ويفقد أي مصداقية له، وسُلِّط الدين ووُظِّف في شكل سياسي. كنتُ أتمنى أن توظَّف كل الأدوات إلا الدين، لأن الفتنة الدينية هي أشد أنواع الفتن.
هذا تاريخ، وأذكره من باب توثيق الوقائع وليس من باب استمرار هذا الخلاف، لأن ما حدث قد حدث. الآن لا بد أن نمد يدنا لقطر لفتح صفحة جديدة. الخلافات السياسية أو الخلافات في المواقف لا تلغي المستقبل. الآن أثبت تحالف القوى الوطنية أنه كيان يعبّر عن الشارع الليبي، بدليل أن حوالي مليون ليبي انتخبوا هذا الكيان من مجمل مليون وستمائة ألف ناخب، فهذا رهان وحركة تعبّر عن مختلف أطياف المجتمع، انتخبها العجوز واليافع والشاب والمرأة فكلهم تآلف حول برنامج يدعو الى التنمية، والى نبذ الخلافات، وبناء المستقبل، وإلى تناسي الماضي وجروحه. هذا ما التف حوله الليبيون. استمرار هذا التناحر لا يخدمهم ولا يخدم مصالح قطر ولا مصالح أي تيار سياسي.(الحياة اللندنية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.