تكونت "الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة" في أوائل وأواسط الثمانينات من القرن الماضي، قام بتشكيل النواة الأولى للتنظيم علي العشبي رفقة ثمانية أفراد آخرين سنة 1982، إلا أن أجهزة الأمن الليبية لم تمهلها الكثير من الوقت، وقضت على التنظيم بمقتل أفراد التنظيم التسعة. وفي عام 1989 قام عوض الزواوي بإعادة تشكيل التنظيم إلا أن الأمن الليبي تصدى له أيضًا. فقام محمد المهشهش بالسعي إلى تأسيس "حركة الشهداء الإسلامية" وكان له ذلك في العام ذاته. التحق عدد من الشباب الليبي المتأثر بالقادة المذكورين أعلاه للقتال في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي. وفي عام 1990 اتفق "الأفغان الليبيون" على تأسيس الجماعة الليبية المقاتلة بنية إسقاط نظام الحكم في ليبيا. وعملت الجماعة في جو من السرية، واضعة نصب عينها الإطاحة بنظام القذافي لإقامة دولة إسلامية، إلا أن السلطات الليبية تمكنت من كشفها عام 1995، وهو ما دفع الجماعة إلى الإعلان عن نفسها لتستمر المواجهات المسلحة مع النظام حتى عام 1999، حينما أعلن القذافي قضاءه على الجماعة. واعتمدت فكرة الإعداد المسلح لمواجهة النظام ومحاولة إسقاطه، إما من خلال اختراق الجيش أو من خلال حركة تمرد عسكري شامل يسعى الى الدعم الشعبي لإنجاح التغيير، ولم تؤمن الجماعة بالمواجهات الصغيرة المتفرقة والمحدودة. ولتحقيق هذه الاستراتيجية اعتمدت الجماعة خطة للإعداد – طويلة المدى – وعلى مراحل زمنية، الى جانب اعتمادها خطة للطوارئ يمكن العمل – اضطرارياً – من خلالها حال اكتشاف النظام خلايا الجماعة وشبكاتها. حاولت الجماعة الليبية المقاتلة اغتيال العقيد معمر القذافي في منتصف التسعينات، لكن هذه العملية باءت بالفشل، وشنت قوات الأمن الليبية حينها حملة شرسة على الإسلاميين الليبيين أدت إلى اكتشاف تنظيم الجماعة الإسلامية. وباكتشاف النظام تنظيم الجماعة وسعيه بكل قوة الى القضاء عليها، اضطرت الجماعة الى الاعلان عن نفسها ومواجهة النظام بحسب خطة الطوارئ وليس بحسب الخطة الأصلية، فقد فرض النظام على الجماعة زمان المواجهة ومكانها، وبإعلان الجماعة انتشرت المواجهات المسلحة في مدن ليبيا كلها، وواجه النظام خلالها عمليات نوعية لم يواجهها من قبل، كما واجهت الجماعة وبعد ثلاث سنوات من العمليات صعوبات كبرى في الاستمرارية مع نقص الدعم وعدم تحرك عموم الشعب للمساندة. في عام 2009 قامت الجماعة الليبية المقاتلة بمراجعة داخلية لفكرها الجهادي وصدر في شكل "الدراسات التصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس" على غرار ما فعلته الجماعة الإسلامية في مصر، وقام علي الصلابي عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين وأحد القيادات الدينية البارزة في الثورة الليبية والمقرب من جماعة الإخوان المسلمين بمحاورة عناصر الجماعة المقاتلة في السجون رفقة شخصيات أخرى لها ثقلها لدى الجماعة المقاتلة. وبعد هذه المراجعات أفرجت السلطات الليبية عن أفراد الجماعة المعتقلين بعد أن أمضى معظم المفرج عنهم ما بين ست وثماني سنوات في السجون بتهمة التخطيط لقلب النظام والقيام بنشاطات محظورة، بعد أن قدموا اعتذارهم، ولكن على دفعات، وتواصل الإفراج على عناصر الجماعة الإسلامية المقاتلة من السجون حتى بعد اندلاع الثورة الليبية في 17 فيفري2011. وقد مثلت الجماعة الليبية المقاتلة في المشاورات من طرف عدة سجناء من قادتها: أميرها عبد الله الصادق (عبد الحكيم بلحاج) الذي كان اعتقل في تايلند عام 2004 قبل أن يسلم إلى ليبيا، ونائبه أبو حازم الذي سلمه الأمريكيون بعد اعتقاله في سجن بغرام بأفغانستان عام 2006، والمسؤول الشرعي للجماعة أبو المنذر الساعدي الذي تسلمته ليبيا بعد اعتقاله في هونغ كونغ عام 2004، والأمير السابق للجماعة الشيخ مفتاح الدوادي المدعو عبد الغفار والقيادي إدريس المعروف بالشيخ عبد الوهاب فايد. الجماعة والقاعدة أعلنت الجماعة في نوفمبر 2007 انضمامها إلى تنظيم القاعدة، وعزز هذا الاعلان ظهور تسجيل نسب لأيمن الظواهري أعلن فيه انضمام جماعة إسلامية ليبية إلى شبكة تنظيم القاعدة. وفيه دعا الظواهري من أسماهم بالمجاهدين إلى إسقاط زعماء دول المغرب العربي وهي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب. وقال "تشهد الأمة المسلمة خطوة مباركة طيبة، ها هي كوكبة من أفاضل الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا يعلنون انضمامهم لجماعة قاعدة الجهاد استكمالا لمسيرة إخوانهم". كما عرض الظواهري في التسجيل متحدثا آخر قال إن اسمه الحركي هو أبو الليث، وأنه زعيم الجناح الليبي لتنظيم القاعدة، حيث أعلن الأخير التحاق التنظيم الليبي للقاعدة. كل ذلك كان قبل مقتله مطلع فيفري 2008 خلال غارة أمريكية استهدفت مقره في باكستان. وترفض الجماعة الليبية المقاتلة، التي كانت أكبر الجماعات الجهادية في العالم العربي، مفهوم الجهاد العالمي الذي تتبناه "القاعدة" وتركز بشكل أساسي على إقامة دولة إسلامية في ليبيا. وقد أضيفت الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا في عام 2001 إلى قائمة الأممالمتحدة للأفراد والمؤسسات المنتمية أو المرتبطة بتنظيم القاعدة. قامت الحركة الإسلامية الليبية للتغيير بديلا للجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا بعد سلسلة مراجعات وتطورات في الداخل وفي دول الجوار، وعلى مستوى الجماعة نفسها. وأعلن بشكل رسمي عن إقامة الحركة في بيان تأسيسي بال15 من فيفري 2011 قبل يومين فقط من اندلاع الثورة الليبية. وتم إعلان التأسيس من قبل بعض قادة ونشطاء الجماعة السابقة بالمنفى وخاصة القيادي بالحركة والجماعة السابقة وعضو مكتبها السياسي أنيس الشريف المتحدث باسمها والمقيم بالعاصمة البريطانية لندن. وأعلنت في بيانها التأسيسي سلمية نضالها، وبعدها عن أساليب العنف والإكراه عبر الدخول في مرحلة نضالية جديدة لا يتبنون فيها مشروعا مسلحا، وإنما يدعون إلى ثورة شعبية سلمية حقيقية لكشف زيف الثورة التي يكتوي بنارها الليبيون منذ أربعة عقود عجاف. وأكدت أنها لا تطالب بأكثر مما "يطالب به شعبنا من حرية وكرامة إنسانية وحياة كريمة تليق بالشعب الليبي وبمقدراته وثرواته التي حباها الله بها واحترام لعقيدته وشعائره وعرفه وتقاليده وثوابته الوطنية، وحق الناس في اختيار من يحكمهم ومحاسبته". و في "ثورة 17 فبراير" شارك أكثر من 800 مقاتل من الجماعة الليبية المقاتلة في الثورة الليبية وأغلبهم كانوا قادة ميدانيين في المعارك بسبب خبرتهم في الحروب في أفغانستان والبوسنة. الصباح نيوز (وكالات)