أجرى رئيس الحكومة مهدي جمعة منذ أيام زيارة إلى بروكسل، بعد زيارة عمل قام بها إلى ألمانيا، وأدلى في هذا السياق بتصريح إلى موقع euronews ونشر بتاريخ امس. وقد أجاب جمعة على أسئلة، euronews،والمتعلقة أساسا، بمدى أهمية دعم التجربة التونسية كما تحدث عن جولته الأوروبية الرامية إلى بعث رسالة مطمئنة إلى الأصدقاء الأوروبيين ودعوتهم للعودة إلى تونس للاستثمار والسياحة أيضا . السيد مهدي جمعة،رئيس الحكومة التونسي،أنت اليوم ببروكسل بينما الرئيس التونسي يقوم بجولة إفريقية، ورئيس المجلس الدستوري موجود بفرنسا،وكنت قد قمت بزيارة إلى ألمانيا،قبل وصولك هنا إلى بروكسل،كل المسؤولين التونسيين موجودون خارج البلاد،كيف تفسر هذه الحركة؟ ببساطة إننا نريد خلال هذه المرحلة أن نعرف بما يحدث في تونس،فقد مررنا بظروف صعبة،وبات من المهم أن نظهر صورة عن تونس تتحرك، وتنشط عبر مختلف الجهات،عن تونس جديدة،تطمح إلى الاستقرار،وتبين عن أنها مكان خصب للاستثمار،وللسياحة أيضا،ثم نعطي وجهة نظرنا ونشرحها بشان ما يجري في المنطقة. التقيت بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، هل صحيح أنك طلبت من ألمانيا أن تساعد بلدكم في حماية حدودكم من الهجمات الإرهابية أو صد الإرهاب القادم من ليبيا؟ لألمانيا خبرة واسعة في مراقبة الحدود وإداراتها، وباتت تونس بحاجة ماسة إلى تعزيز السيطرة على حدودها، ثم إن ألمانيا تظل شريكا محوريا نتناقش معها في هذا الإطار وفي غيره أيضا. أي نوع من المساعدة اللوجستية تريدونها من ألمانيا ؟ نبحث بالأحرى،عن تعزيز تقني،فنحن نتناقش بشأن المعدات والوسائل التقنية،وعن الخبرة ، فنحن لدينا الموارد، التي تنسجم مع مختلف التقنيات، وفي هذا المضمار نحن نعمل مع ألمانيا كما نقيم شراكة مع دول صديقة أخرى أيضا. هل تخشون من المد الأصولي القادم من ليبيا؟ أنا بصدد إعطاء صورة عن تونس، نقوم بترتيب بيتها من الداخل،ونحن نتقدم في هذا الاتجاه،برغم الصعوبات أحيانا، لكننا نحن نسير على الجادة وبتقدم ملحوظ ومؤمن على كل حال. فنحن في ظرف نتصور عبره أن منزل الجيران غزته ألسنة اللهب، وبالتالي، ينبغي علينا أن نحمي بيتنا من انتشار الحريق، كما أننا نبين عن رغبتنا واستعدادنا لما يطلبه إخواننا الليبيون لمساعدتهم على إخماد النار.الأمر لا يتعلق إذن بالخشية،هناك منطق عقلي يقضي بوجود مشاكل وبؤر نزاع بالقرب منا، و من ثم بات ضروريا أن نحمي أنفسنا بشكل فعال، واتخاذ الخطوات اللازمة لصد الخطر الداهم. تحدثت عن النار،و هي لا تشتعل في ليبيا فقط، بل بعيدا عنكم، في العراق و سوريا. و قد شاهدنا تزايد تدفق الأصوليين التونسيين نحو سوريا، هل تمكنتم من وقف هذه الحركة الجهادية؟ في الواقع، أعتقد أننا عملنا بمثابرة منذ أشهر من أجل وقف تدفق الجهاديين، و قد نجحنا في تقليل العدد،على الرغم من وجود مقاتلين تونسيين أو حتى غير تونسيين في سوريا. وأدركنا حجم الأضرار بسبب تكتل كثير من الجنسيات هناك،ونحن نعمل مع جيراننا من الدول الصديقة التي تأثرت بسبب المشكلة،أو تعاني منها في محاولة لمجابهة صد المد وحماية النفس من عواقبه. في هذا الصدد،أشير إلى ما ذكرته آنفا، عن بؤر التوتر،وهنا تبرز أهمية دعم التجربة التونسية،لتحقيق النجاح،وإعطاء فرص لهؤلاء الشباب، لذلك ينبغي أن نعمل من أجل إنجاح التجربة التونسية. قررت تونس فتح مكتب إداري للتونسيين الموجودين بسوريا،حاليا، و ماذا عن فتح السفارة هناك؟ تتم الأمور حسب مقتضيات الضرورة،وأعتقد أن الحاجة ماسة اليوم لنمد يدنا لمواطنينا الموجودين في سوريا، ومساعدة الدولة باتت أمرا حتميا و أولوية أيضا. لكن المواطنين التونسيين لا يقطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية؟ مواطنونا منتشرون عبر التراب السوري، و من واجبنا أن نقدم يد المساعدة لمواطنينا ممن طلبوا مساعدة الدولة،وواجب الدولة يكمن في توفير ما يطلبه مواطنوها. ما هو تحليلك للوضع الحالي الذي تشهده العراق كبلد عربي؟ أعتقد أنه لا يوجد فرق، فنحن متفقون في القول، إن الوضع حرج جدا بل خطير،كنا نأمل أن نرى العراق وهو بلد عربي له تاريخه المجيد،نأمل أن نراه ينعم بالاستقرار، لكن الحال اليوم تجري باتجاه ، مخالف لما نطمح إليه أرى أن الوضع معقد،اليوم يجب أن نساهم بكل ما أوتينا وحسب طاقة كل واحد منا، فقط من أجل استتباب الوضع. فنحن نريد فعلا أن يعم السلام والاستقرار في العراق، هذا البلد الشقيق. لنتحدث سياحة الآن؟ أريد أن أشير إلى أمر على جانب من الأهمية كبير، وهو أنه برغم الثورة التي عرفتها تونس،وبرغم بعض التوتر الذي عم البلاد،وحتى في عز تفاقم الأزمة، لم يتعرض أحد من السياح للأذى . وأؤكد لكم شيئا وهو أن تونس تدب فيها الحياة بشكل اعتيادي ، فالجو جميل والحياة لم تعد بتلك القساوة،ونحن لم نأل جهدا في سبيل تشجيع السياح للقدوم إلينا، فنحن نتفهم فعلا شوقهم وانتظارهم،لكن أقول: إن الأوان قد حان،لأن يولوا وجوههم شطر تونس. فتونس مشتقاة للقياهم،وسيجدون عندنا نعيم السعادة الذي تعودوا عليه في تونس التي لم تبخل به عليهم. الأمر يرتبط إذن بالصورة،و جولتنا الأوروبية، إنما تحمل في بعض طياتها رسالة مطمئنة نبغي إيصالها وهي دعوة حارة لأصدقائنا الأوروبيين للعودة إلينا، إلى تونس. في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية و التشريعية المقبلة،بتونس،هناك مطالب لانتخاب رئيس بالإجماع بتونس، هل أنت تدعم هذا المطلب؟ الدور المحوري الذي من الواجب أن أقوم به، هو توفير الظروف المناسبة لسير الانتخابات على أحسن ما يرام. على الأحزاب أن تجد صيغة تسير بموجبها، من خلال سياسة التكتلات و التحالفات لاختيار الرئيس الذي يحظى بالإجماع ويكون المناسب للتونسيين وفي هذا السياق، إنني أفضل البقاء على مسافة واحدة وأمتثل بصرامة لخطى مهمتي حتى أنجز ما أصبو إليه ضمن الدور المنوط، دون التدخل في الأمور التي لا تعنيني مباشرة بسبب من الأسباب. هل ستترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟ لا، لن أترشح، لقد قررت إنجاح المرحلة الأخيرة من المسار الديمقراطي فأنا أصوب كل اهتمامي نحو هذا الأمر،وآمل وبفضل مساعدة الجميع، أن أنجح في مهمتي، وهذا ما يمثل بالنسبة لي الأهمية القصوى في الوقت الحالي (.( euronews