السياحة السورية هي عمق التاريخ وامتزاجه بالحاضر، جمع بين استراتيجية المكان وجمال الطبيعة، آثار تجاوزت من العمر آلاف السنين ترسم صورا أخرى لشعب يفتح ذراعيه لاستقبال السياح. حول اعادة انشاء الظروف في سوريا وابراز دورها كدولة معاصرة مستقرة وآمنة عن السياحة الداخلية وعن العلاقات التونسية السورية حدّثنا الدكتور آغة القلعة وزير السياحة في سوريا. نحتفل معكم هذه الايام بمهرجان طريق الحرير فهل من تبادل ثقافي وسياحي بينكم وبين الدول الآسيوية والاوروبية التي كانت تعبر هذه الطريق ؟ طبعا مهرجان طريق الحرير يعيد انتاج ظروف كانت سائدة منذ آلاف السنين بين سوريا وأطراف العالم بين الصين التي كانت تنطلق منها وتعبر آسيا مرورا بالهند والباكستان وكل الدول وصولا الى سوريا لتلتقي مع القوافل القادمة من أوروبا باتجاه مانشستر في بريطانيا وليون بفرنسا والبندقية بايطاليا وصولا عبر البحر أو عبر البر الى سوريا أيضا رحلتا الشتاء والصيف في السيرة النبوية الشريفة والتي كانت في الجزيرة العربية وكانت أيضا تأتي من المغرب العربي مرورا بمصر وفلسطين وبالتالي الى سوريا، فسوريا كانت نقطة اللقاء واليوم نحن نعيد هذه الظروف. ندعو الاعلاميين من جميع أنحاء العالم وننطلق بالقافلة عبر مواقع الجذب السياحي الرئيسية بسوريا في نفس الاسبوع ونفس التفاعل الحضاري ليتفاعل الاعلاميون مع بعضهم بعضا ويتناقشون مع الاعلاميين السوريين الموجودين أيضا. اذن هذه حالة من المثاقفة التي كانت سائدة والتي تعيدها أيضا الشركات السياحية بنتيجة هذا الاسلوب في الترويج وعودة الاعلاميين والكتابة عما شاهدوه. ستأتي مجموعات سياحية وتمر بنفس المسارات وتتلاقى مع بعضها في المواقع التي كان يتلاقى فيها التجار والفنانون والفلاسفة والطباخون والموسيقيون الذين يأتون مع القوافل ونحن في نفس المواقع التاريخية في هذا اللقاء التي سُمّي «الخانات» والتي كانت تأوي إليها القوافل يأوي لها اليوم السياح مع بعضهم من دول مختلفة يتناقشون ويتحاورون لتتشكل اعادة انتاج في نفس الظروف ليعيد ابراز دور سوريا التاريخي في انها موطن الالتقاء والحوار والتفاعل. ربطت طريق الحرير بين الشرق والغرب منذ آلاف السنين إلا أننا نشهد اليوم دورة فتية، كيف كانت الفكرة وما هو تقييمكم للنتيجة خلال ست سنوات مضت ؟ نحن من خلال المهرجان لانقدم فقط المقومات التاريخية وانما نقدم سوريا اليوم كدولة معاصرة، كدولة تسعى الى إبراز دورها الحضاري في التاريخ . أما دورها اليوم فنحن نبرز حالة الامن والاستقرار الموجودة في البلد . 600 شخص ينتقلون عبر هذاالمهرجان وعبر محطاته المختلفة يحتكون بالشعب، يشاهدون ويحكمون على حالة الأمن والاستقرار في البلد، يحكمون على دقة التنظيم في حركة المجموعات كمئات من المشاركين، ينتقلون كل يوم من محطة الى أخرى، وهم الذين سيحكمون على دقة التنظيم، على الحفلات التي تقدم وتضم احيانا عروضا لاكثر من ستة الى سبعة فرق من دول مختلفة تقدم عروضا مشتركة في تزامن مدروس وفي تنظيم مدروس . إذن هنا فالاعلاميون المشاركون لا يأخذون فكرة فقط عن دور سوريا التاريخي عن المواقع الأثرية، عن جمال الطبيعة لكنهم سيحكمون على مدى تطور الدولة في قدرتها على تنظيم هذه الحركة، وفي القدرة على تنظيم هذه العروض دون أي خلل في التوقيت ، هذا كله يقدم صورة ليست فقط عن التاريخ بل عن الحاضر وبالتالي يغير الصورة النمطية التي تطغى دائما للتقليل من شأن قدراتها المعاصرة وليس في ابراز دورها أو صورة ليس فقط تاريخية عن اهمية سوريا وانما عن دورها المعاصر. تعاقبت على أرض سوريا عديد الحضارات وتعايشت فيها عديد الديانات والطوائف ومازالت، فكم عدد السياح القادمين إليها اليوم ومن أي الجنسيات ؟ في سنة 2006 زار سوريا 4 ملايين و400 ألف سائح وهذه الأعداد تأتي اساسا من الدول العربية بنسبة 74 ثم 13 من الدول الاسلامية الذين يأتون في سياحة دينية نظرا لأهمية سوريا في تاريخ الاسلام وما تبقى هو13 يأتون من أوروبا في سياحة ثقافية وسياحة دينية بسبب أهمية دمشق كمهد للمسيحية حيث انطلق منها ديسبورس للتبشير بالمسيحية. أما العرب فيأتون في زيارة تواصل ومحبة لسوريا، يأتون للمواقع الطبيعية الجميلة، المقامات والخانات وزيارة دمشق وحلب كأقدم المدن في التاريخ العربي وما تحتويه من كنوز. هذه هي الأعداد وهذا هو التصنيف للسياح وطبعا الايرادات السياحية وصلت في عام 2006 الى مليارين وحوالي 700 مليون دولار وتشكل صناعة السياحة اليوم حوالي 6 من الناتج الوطني الاجمالي أما اقتصاد السياحة أي السياحة مع كل ما يرتبط بها من الناتج السياحي بما يضم الشقق المفروشة والتسوق خارج اطار الفنادق والمطاعم التي تدخل في صناعة السياحة. إذن فاقتصاد السياحة يشكل 4,13 من الناتج الوطني الاجمالي، السياحة تحقق 22 القطاع الأجنبي لسوريا، إذن المشاركة الاقتصادية أصبحت عالية جدا. فالعاملون في القطاع السياحي في حدود 120 ألف شخص يعملون بشكل مباشر في المنتجات والفنادق السياحية ولكن عدد العاملين بشكل مباشر وغير مباشر يتجاوز 400 ألف شخص في عام .2006 احتلت سوريا المرتبة 34 عالميا حسب نمو كامل الطلب السياحي في عام 2007 كيف تفسرون معاليكم هذا النجاح ؟ هذا النجاح يأتي أولا نتيجة التوجيهات التي كانت واضحة من سيادة الرئيس بشار الأسد بأن تكون للسياحة الأهمية الكبرى في عمل الحكومة ، كما أن الحكومة في شتى مناحي عملها ركزت على اعطاء كل الدعم والمؤازرة لهذا القطاع من خلال مجلس التعاون السياحي الذي يرأسه السيد رئيس مجلس الوزراء وأيضا خلال العمل الدؤوب في السنوات الاخيرة لوزارة السياحة ركزت أولا على اعادة الهيكلة ثم تحديد التشريعات والقوانين ثم على الانطلاق بالعمل في تشجيع الاستثمارات وانجاز القوافل التدريجية السياحية واعادة تشكيل المواصفات السياحية بسوريا الى أهمية التدريب والتأهيل ، أعتقد أن تضافر هذه المناحي الأربعة مكننا من أن نصل الى توظيف المقومات السياحية الهائلة في سوريا كالابعاد الحضارية والطريقية والطبيعية وفي شتى المجالات الأخرى لكي تقدم الى الشركات السياحية والى المستثمرين لكي يؤمنوا بأن الجدوى الاقتصادية للسياحة السورية واعدة جدا، سيقبلون على إنشاء استثمارات جديدة وعلى دعوة السياح القادمين الى سوريا ولكن نحن نعتقد أننا لا نزال بعيدين عن توفير ما تستحقه سوريا سندا للمقومات السياحية ولكن على الأقل نحن نسير في الاتجاه الصحيح. وماذا عن السائح السوري والسياحة الداخلية ؟ السياحة الداخلية تتصاعد حاليا نتيجة ارتفاع دخل المواطن السوري ونتيجة الاصلاحات الاقتصادية التي تقدمها الحكومة بتوجيهات من سيادة الرئيس وأول احصائية انجزت حول القدرات السياحية الداخلية تجاوزت ايرادتنا منها مليار دولار في عام 2006 وبالتالي اعتقد أنها بدأت تساهم بشكل كبير في السياحة السورية. وعن العلاقات التونسية السورية في مجال السياحة هل هناك مشاريع واستثمارات ؟ طبعا العلاقات بين سوريا وتونس علاقات هامة جدا تنطلق من البعد التاريخي منذ أيام قرطاج وأوقريت والبعد التاريخي الذي يربطنا بشكل مميز. وأيضا العلاقات التي تربط القيادتين في سوريا وتونس وهي علاقات أخوية مميزة ، هناك تبادل دوري للزيارات بين البلدين في اطار اللجان العليا لسوريا التونسية ويشارك فيها بانتظام.مؤخرا ومنذ 3 أشهر استقبلنا الاسبوع السياحي التونسي في سوريا وكان مع وزير السياحة السابق السيد التيجاني حداد على رأس الوفد وكنا في استقباله وكان هناك تأكيد من قبل وزارة السياحة التونسية على نجاح الفعاليات في سوريا ، طبعا نحن نتبادل الخبرات ونتبادل الوفود ، نحن نقدر وننظر بإعجاب الى نجاح التجربة التونسية العريقة في مجال السياحة ونعتقد أن عدد السياح التونسين يعتبر عددا عاليا ويؤمن التواصل وأيضا هناك بدايات لحركة السياحة السورية تجاه تونس. من حيث الاجراءات المعمول بها لديكم هل يعامل المستثمر التونسي في سوريا كمستثمر أجنبي ؟ المستثمر التونسي في سوريا كالمستثمر العربي بشكل عام في القطاع السياحي يعامل نفس معاملة المستثمر السوري.