قامت بعثة من صندوق النقد الدولي تحت إشراف أمين ماتي بزيارة إلى تونس في الفترة الممتدة بين 10 و24 جوان الماضي لإجراءالمناقشات بشأن المراجعة الرابعة لأداء تونس الاقتصادي في ظل اتفاق الاستعداد الائتماني البالغة مدته 42 شهرا والذي كان المجلس التنفيذي للصندوق قد وافق عليه في 7 جوان 2014 وعقدت البعثة مناقشات مثمرة مع كبار المسؤولين في الأجهزة الحكومية وبنك تونس المركزي، كما التقت بممثلي القطاع المصرفي والقطاع الخاص، والاتحادات المهنية، وأعضاء البرلمان، ومجتمع المانحين، والمجتمع المدني. وفي ختام الزيارة، أصدر ماتي البيان التالي والذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه : "ترحب البعثة بالتقدم المحرز في المضي بتنفيذ السياسات من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي وتحقيق نمو أعلى تصل منافعه إلى جميع شرائح المجتمع في بيئة وطنية ودولية محفوفة بالتحديات. و من هذا المنطلق، توصلت البعثة إلى تفاهم على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة في ظل اتفاق الاستعداد الائتماني و ترد تفاصيله في تحديثات "مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية. "وكان الإعلان عن جدول زمني واضح لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل نهاية عام 2014 بمثابة إنجاز حيوي في سياق تحول تونس إلى النظام الديمقراطي. و سوف تؤدي هذه الزيادة في الوضوح على المستوى السياسي إلى تعزيز الثقة في الاقتصاد التونسي، والحد من ميل المستثمرين إلى اتباع منهج "الانتظار والترقب". غير أن الوضع الاقتصادي لا يزال هشا نظرا لأن النمو ليس مرتفعا بالقدر الكافي لإحداث تغيير ملموس في مستوى البطالة، لا سيما بين الشباب. "ولا يزال النشاط الاقتصادي متواضعا، فقد تم تعديل تقديرات النمو لعام 2013 بتخفيضها إلى 2.3%. ومن المتوقع أن يسجل إجمالي الناتج المحلي توسعا بنسبة 2.8% في عام 2014، حيث تساهم جودة أداء القطاع الزراعي في تعويض تراجع النشاط في قطاع السياحة عن المستوى المتوقع. ورغم تراجع التضخم الكلي إلى 5% في نهاية شهر مارس، فإنه أخذ حاليا في الارتفاع، ليصل إلى 5.7% في نهاية شهر جوان 2014، مدفوعا في المقام الأول بارتفاع أسعار الغذاء. ولا تزال الاختلالات الخارجية التونسية مستمرة في الاتساع، مما يفرض الضغوط على إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي وسعر الصرف، الذي ظل يواصل انخفاضه. "ولا يزال برنامج الإصلاح الذي وضعته السلطات التونسية ماضيا على المسار الصحيح، حي تم الوفاء بجميع معايير الأداء الكمية لنهاية شهر مارس ومن المتوقع الوفاء بمعايير الأداء لنهاية شهر جوان. وقد تم الوفاء بالحدود القصوى الإشارية في الإنفاق الاجتماعي والنفقات الأولية الجارية، على الرغم من بعض حالات تجاوز الحد الأقصى للأجور. "وكان أداء المالية العامة أقوى من المتوقع خلال أول خمسة أشهر من السنة، بفضل الزيادة الكبيرة في تعبئة الإيرادات. وقد أدت زيادة مدفوعات الأجور وتحويلات معاشات التقاعد إلى فرض ضغوط على إمكانية تحقيق هدف المالية العامة لنهاية السنة، لكن التدابير الإضافية المتخذة على مستوى الإيرادات والوفورات في النفقات تضمن بقاء عملية ضبط أوضاع المالية العامة على المسار الصحيح. ويمثل التخفيض المتواصل في دعم الطاقة تطورا جديرا بالترحيب وهو تطور ضروري لخفض يجاد حيز من المالية العامة استهلاك الطاقة او لأوجه الإنفاق ذات الأولوية على الصحة والتعليم. وأعربت البعثة عن ترحيبها بما تم اتخاذه من خطوات لمكافحة التهرب الضريبي، وتبسيط نظام الضريبة الجزافية، وتحدي الإدارة الضريبية، وتقوية إطار المراقبة والحوكمة في المؤسسات العامة. "ورحبت البعثة بقرار البنك المركزي التونسي برفع سعر الفائدة الأساسي نظرا لإمكانية نشوء ضغوط تضخمية من الزيادات الأخيرة للحد الأدنى للأجور، وزيادات تعريفة الكهرباء، وتراجع أسعار الصرف. وأعربت البعثة عن تقديرها لاستعداد السلطات رفع سعر الفائدة الأساسي أكثر إذا ارتفع التضخم الأساسي بسرعة أو إذا استمرت الضغوط الخافضة لقيمة العملة. وحثت البعثة السلطات على الاستمرار في إعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبي، بوسائل منها زيادة مرونة سعر الصرف. "و قد اتُّخذت خطوات مهمة لتقوية جدول أعمال الإصلاحات، ولا سيما في القطاع المصرفي. فقد تم تصميم استراتيجية مصرفية، ويجري حاليا وضع الصيغة النهائية لخطط إعادة هيكلة البنوك العامة وفق أفضل الممارسات الدولية، ولا تزال الخطط جارية لإنشاء شركة لإدارة الأصول. ويتطلب تخفيض مواطن الضعف في الاقتصاد التونسي وتشجيع النمو الشامل لجميع المواطنين تنفيذ الإصلاحات الهيكلية بسرعة، بما في ذلك تحقيق تكافؤ الفرص للمستثمرين وسرعة اعتماد التشريعات الأساسية للإفلاس، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون للمنافسة. "ولا تزال حماية شرائح السكان الأكثر ضعفا من تأثير الإصلاحات والضبط المالي أولوية بالنسبة للسلطات التونسية وصندوق النقد الدولي. وفي هذا السياق، أنشأت السلطات برنامجا لدعم الأسر ذات الأوضاع الاقتصادية الهشة ليكون مصاحبا 3 إصلاحات دعم الطاقة، كما رفعت الحد الأدنى للأجور، وتعمل حاليا على وضع الصيغة النهائية لنظام الرقم الاجتماعي الموحد لتحسين الآلية القائمة لاستهداف المستحقين. "وتود البعثة توجيه الشكر إلى السلطات التونسية وكل الأطراف التي التقت بها أثناء الزيارة على ما حظي به أعضاؤها من استقبال حار، وعلى المناقشات الصريحة والمثمرة التي أجريت معهم. "ومن المنتظر مبدئيا أن يناقش المجلس التنفيذي المراجعة الرابعة لبرنامج تونس الاقتصادي بمقتضى اتفاق االستعداد الائتماني في أواخر شهر أغسطس. وباستكمال هذه المراجعة سوف يتاح لتونس الحصول على 022.2 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 441 مليون دولار أمريكي)".