ذكر صندوق النقد الدولي في بيان صحفي حول القرض الائتماني الذي منحه البنك لتونس ان القرض جاء لدعم برنامج إصلاحات هيكلية ستقوم بها الحكومة. وقد لخص البيان الصحفي للصندوق مجمل العناصر التي تضمنها البرنامج الحكومي بدعم من الصندوق وهي أساسا «تقويم الحواجز الوقائية المالية والخارجية» وذلك عبر اعتماد سياسة نقدية رشيدة وزيادة مرونة الصرف. و»إرساء دعائم النمو» وذلك عبر تحسين عناصر الإنفاق والحد من شيوع تدخل الدولة. و»حماية شرائح السكان الأكثر ضعفا» وذلك عبر تقييم منتظم للأثر الاجتماعي المترتب على الإصلاحات المزمعة. وقد بدا في مجمل ما جاء في برنامج الحكومة الذي عرضه صندوق النقد الدولي ان هناك توجها نحو تحرير الاقتصاد التونسي والتخلي عن تدخل الدولة في الاقتصاد وتخفيض الدعم وكبح الزيادات في الأجور وإصلاح الدعم. لتعود بذلك تونس إلى حظيرة الصندوق ولتكون التلميذ المجتهد بامتياز. وغم كل التحذيرات من برنامج الإصلاح الهيكلي الذي يفرضه الصندوق سيكون كارثيا على الاقتصاد فان الحكومة المؤقتة أصرت على المضي قدما في نيل القرض والالتزام بشروط الصندوق لنيله. القرض مشروط وقد كانت الحكومة وخاصة وزارة المالية قد نفت في أكثر من مناسبة وجود شروط مجحفة وان القرض بلا شروط وان سياسة تونس أقنعت الصندوق الدولي بمنحها القرض. غير أن الخطاب الذي تضمنه البيان الصادر عن الصندوق بتاريخ 07 جوان 2013 حول القرض تضمن عدة إشارات صريحة على وجود شروط لنيل القرض وأبرزها الإصلاح الهيكلي. وبعد عرضها للأوضاع الاقتصادية في تونس وما اتخذ من تدابير، قالت نعمت شفيق نائب مدير عام الصندوق ورئيسة المجلس التنفيذي للصندوق بالنيابة «وسيتم تعجيل الإصلاحات الهيكلية لعدم تحقيق نمو شامل بمعدلات مرتفعة وإعطاء دفعة لتوظيف العمالة والحد من أوجه التباين الإقليمية (الفوارق بين الجهات). والسلطات ملتزمة بتبسيط الحوافز المالية وتخفيف العقبات التنظيمية بإصدار قانون جديد للاستثمار وإصلاح ضرائب الشركات بالإضافة إلى الحد من البيروقراطية (...) وسيساعد برنامج السلطات – الذي يدعمه اتفاق للاستعداد الائتماني يغطي عامين- على تعزيز ثقة المستثمرين...».ويبدو من خلال صيغة البيان وجود ارتباط وثيق بين القرض الائتماني والإصلاحات الهيكلية التي دعا إليها صندوق النقد الدولي ليتبين بوضوح أن القرض كان شريطة عدة إصلاحات شرعت الحكومة في بعضها بالفعل كالتخفيض في الدعم عبر الزيادات المتكررة في أسعار المحروقات وعدد من المواد الأساسية وبعضها الأخر مازال قيد الإعداد وأبرزها تحرير الصرف وإصلاح المنظومة المالية. وخاصة إعادة رسملة البنوك. وقد يكون البطء في اتخاذ القرار وراء إعطاء الفرصة للحكومة التونسية للشروع فعلا في الإصلاحات المفروضة. معارضة واسعة للقرض وكانت عدة أصوات من المجتمع المدني ومن الأحزاب السياسية ومن الخبراء قد ارتفعت منادية بضرورة تفادي اللجوء إلى قروض صندوق النقد الدولي المشروطة خاصة وان الشروط تصب في خانة تحرير الاقتصاد وضرب المكاسب الاجتماعية عبر انسحاب الدولة وتخفيض الدعم والنفقات العمومية والتقليل من الزيادة في الأجور. وكانت صفحة الفايس بوك الخاصة بجمعية «ماقالولناش» قد نشرت عريضة ممضاة من عدد من النواب بالمجلس التأسيسي الرافضين للقرض نظرا للشروط المجحفة ونظرا لوجود حلول بديلة وإمكانيات أخرى للتمويل حسب ما جاء في نص العريضة. ورغم هذا الرفض الواسع فان الحكومة أصرت على القرض. ويرى الخبراء ان القرض كان بمثابة فرصة للحكومة لتجد مصادر تمويل عاجلة تغطي بها عجزها الاقتصادي الواضح لتفادي مزيد تقلص شعبيتها. واعتبر المختصون أن البرنامج المطروح ليس إصلاحا للاقتصاد لان نتائجه لن تكون ايجابية وقد جرب هذا البرنامج في السابق ولم يكن مجديا بل زاد في تعكر الوضع الاقتصادي وهشاشته ودعا الخبراء إلى ضرورة اعتماد منوال تنموي تضامني خاصة وان الاقتصاديات الضعيف لا يمكن أن يتطور إلا في ضل رعاية الدولة. وتجدر الإشارة إلى صندوق النقد الدولي قد اصدر دراسة في شهر مارس 2013 حذر فيها من وجود معارضة سياسية لسياسة تحرير الأسعار ونصح بضرورة أن تكون الزيادات على مراحل داعيا الحكومات إلى ضرورة اعتماد سياسات دعائية مجدية لإقناع الرأي العام بهذه السياسات التحريرية.