افتتح صباح اليوم الخميس حافظ بن صالح وزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أشغال الملتقى الإعلامي التي نظمته وزارة العدل وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية بالتعاون مع مجلس أوروبا حول "اللجنة الأوروبية للوقاية من التعذيب"، مؤكدا على أهمية الاستئناس بالتجارب المقارنة والاستفادة منها لتعزيز ضمانات احترام وحماية حقوق الإنسان في تونس وبيّن الوزير أن الدستور التونسي الجديد يمثل نموذجا لكلّ دول المنطقة في مجال التأسيس لدولة مدنية تضمن استقلال السلطات وعلوية القانون، كما شكّل مثالا لتكريس حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها ولضمان الحريات الفردية والعامة المنصوص عليها بمختلف الصكوك والمواثيق الدولية والإقليمية. وأشار إلى أنه في إطار حرص واضعي الدستور على حماية كرامة الفرد وصون حرمته الجسدية والقطع مع كلّ الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان، تمّ الارتقاء بالحماية القانونية من التعذيب إلى المرتبة الدستورية وذلك من خلال ما تضمّنه الدستور التونسي الجديد من أحكام توجب على الدولة حماية كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد وتمنع التعذيب المادي والمعنوي مع إقرار عدم سقوط جريمة التعذيب بالتقادم، وهو ما من شأنه أن يساهم في ردع مرتكبي هذه الجرائم والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب. كما أردف حافظ بن صالح أن بلادنا عملت بعد ثورة الحرية والكرامة على الانخراط الكامل في كل المبادرات الرامية لمكافحة التعذيب والوقاية منه، من ذلك قيام تونس بالمصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، قصد إنشاء نظام وقائي غير قضائي يقوم على زيارات لأماكن الاحتجاز تضطلع بها هيئات وطنية ودولية مستقلة، بما يعزّز الحماية الفعّالة للأشخاص المحرومين من حريتهم. و لاحظ الوزير أنه في سياق العمل على تنفيذ الالتزامات المحمولة على الدولة بموجب المصادقة على هذا البروتوكول- خاصة فيما يتعلق بإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب- ، تمّ خلال شهر أكتوبر الماضي إصدار القانون الأساسي المتعلق بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب أوكلت لها صلاحيات واسعة على غرار تمكينها بالخصوص من القيام بزيارات دورية منتظمة و فجئية لأماكن الاحتجاز والتأكّد من خلوّها من ممارسات التعذيب وسوء المعاملة ومراقبة مدى تلاؤم ظروف الاحتجاز مع القوانين الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.. و هو ما أهل تونس لأن تكون أول دولة عربية تقوم بإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب و يؤكّد العزم على المضي قدما لحماية وتعزيز حقوق الإنسان. ومن ثمة شدد الوزير على ضرورة أن يكون للاعلام دور بارز في حث وتشجيع قوى المجتمع المدني وخاصة في بعض الاختصاصات للإقبال على الترشح لعضوية الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب حتى تستكمل تركيبتها وتتشكل وتباشر مهامها .. وخلص الوزير إلى أن هذا الملتقى يمكن تنزيله في إطار القناعة بأن وضع القوانين وإرساء المؤسسات لا يكون ناجعا إلا إذا اقترن بدراسة التجارب المقارنة والاستفادة من أفضل الممارسات المعتمدة، على غرار تجربة اللجنة الأوروبية للوقاية من التعذيب والعقوبات أو المعاملات اللاإنسانية أو المهينة، و الاستئناس بما فيها من رصيد هام و ثري في مجال مكافحة التعذيب في تونس. و أضاف الوزير أنّ مختلف المحاور المبرمجة خلال هذا الملتقى والتي ستشمل استعراض ملامح كلّ من الآلية الوطنية والأوروبية للوقاية من التعذيب ودراسة أوضاع أماكن الحرمان من الحرية كالسجون ومراكز الاحتفاظ ومستشفيات الأمراض النفسية، ستمكّن المشاركين من التعرف على أهم عناصر الإطار القانوني والمؤسساتي للوقاية من التعذيب وستتيح لهم معرفة أبرز الصعوبات والتحديات في مجال مراقبة أماكن الاحتجاز وملاءمتها مع المعايير الدولية، إضافة إلى الوقوف على أفضل الممارسات المعتمدة لمكافحة التعذيب وغيره من الممارسات المهينة.