سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في افتتاح السنة القضائية ..رئيس الهيئة الوقتية للقضاء يعد باستبعاد كل من ثقلت موازينه بتورطه في إعمال الفساد بشتى أنواعها و يرفض تنقية القضاء بطريقة احادية الجانب
لأول مرة في تاريخ القضاة التونسي، تم أمس افتتاح السنة القضائية 2014-2015 تحت إشراف الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، بقصر العدالة باب بنات بالعاصمة، بحضور الرؤساء الثلاث، ووزير العدل وممثلي الأسرة القضائية الموسعة وعدد من الشخصيات الوطنية والوزراء وسياسيين واعلاميين. استهل الإفتتاح الرئيس الأول لمحكمة التعقيب خالد العياري بكلمة ترحيب، واعتبر التئام جلسة افتتاح السنة القضائية تحت إشراف الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إنجازا في حد ذاته لأنها كانت في العهد السابق تلتئم تحت إشراف السلطة التنفيذية. واعلن انه يرفض تنقية القضاء بطريقة احادية الجانب ووعد باستبعاد كل من ثقلت موازينه بتورطه في اعمال الفساد بشتى أنواعها بدوره قال وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب رضا بن عمر في كلمته أن القضاء لم يكن بمنأى عن ما شهدته البلاد من حراك اقتصادي واجتماعي وسياسي.. وقال:" القضاة علقوا آمالا واسعة بعد الثورة على أن يكون القضاء مستقلا وبعيدا عن التجاذبات والضغوطات ونشأت الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي كلبنة أولى لإرساء قضاء مستقل". مضيفا أن "تجربة هيئة القضاء العدلي كانت خلاقة لتوجهات جديدة واعتماد معايير موضوعية في ترقية القضاة ونقلهم"، مشيرا الى أن عملها لم يكن هينا بسبب عوائق الدعم المادي وأكد على أن شأن القضاء يظل عاما، داعيا الى دعمه لاستعادة الثقة فيه. كما قدم القاضي والباحث بمركز الدراسات القضائية والقانونية بوزارة العدل وليد المالكي محاضرة عن المجلس الأعلى للقضاء قبل اختتام جلسة الإفتتاح. وفيما يلي نص كلمة رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي والرئيس الأول لمحكمة التعقيب القاضي خالد العياري : يشرفنا أن نرحب بكم احر ترحيب تندرج في مضمونه حفاوة بالغة عما نحسه من اغتباط عميق وما يتفاعل في حسنا ويتملك مشاعرنا من شعور بابتهاج وثيق بآلتئام هذه الجلسة التاريخية بمناسبة افتتاح هذه السنة القضائية . ان هذه الجلسة التاريخية الحاشدة المشهودة التي ستظل راسخة في اذهاننا فهي التي تلتئم بإشراق مشع يبهر شعاعه انعقادها تحت اشراف الهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي مجسمة بذلك مبدأ استقلال القضاء في أحلى مظاهره وأبهى صوره بعدما كانت طوال السنوات السابقة هذه الجلسة تنعقد تحت اشراف السلطة التنفيذية مؤذنة بهذا المنظور إرساء تقاليد جديدة ايمانا بكون الدولة الحديثة التي تتلمس خطاها على درب حداثة الديمقراطية يجب أن تقوم على التوازن بين السلطات المختلفة داخلها والمعادلة في هذا التوازن تقتضي التفرقة بين السلط وأن تستقل كل سلطة عن الاخرى وان تحد كل سلطة من جموح السلطات الاخرى بالتصدي لكل تجاوز لقاعدة الاختصاص . إن استقلال القضاء ليس مجرد شعارات ننادي بها ونتباهى برفعها بل هي عقيدة نؤمن بها وفي عملنا نجسمها وقد بدت في الوجود ملامحها نرجو من الله ان يوفقنا في ترسيخها. ولا يسعنا بهذه المناسبة الا التنويه والاشادة بتفضل وزارة العدل مشكورة باحتضان هذه الجلسة والتحمل باعباء وتكاليف تنظيمها مدركة تمام الادراك انه ولئن خصصت ميزانية للهيئة فان الحظ لم يسعفها بالتصرف فيها مبرهنة بذلك على تعاون بيننا يذكر فيشكر . ايها السيدات والسادة ان هذه الهيئة التي لم تكن لتبرز للوجود لولا تمسك وتشبث كافة القضاة في اطار محكم التنظيم من ممثليهم بالمطالبة باحداثها بعد جهود مضنية عبر نضالات متواصلة لقيت مؤازرة مطلقة من عدة جهات مؤمنة بوجوب استقلال القضاء وقد شرعت هذه الهيئة التي نال شرف اول رئاستها سلفنا الرئيس الاول لمحكمة التعقيب القاضي الفاضل السيد ابراهيم الماجري وهو فذ في محاسنه ، فرد في مناقبه الذي عرف القضاء بسيره على جميع دروبه بخطى متزنة اتزان طبعه وبتصرف رصين رصانة فكره . لقد شرعت هذه الهيئة منذ احداثها بموجب القانون الاساسي عدد 13 المؤرخ في 2 ماي 2013 بالاضطلاع بمهامها المتمثلة في الاشراف على شؤون القضاء العدلي بشأن ما يتعلق بالمسار المهني للقضاة من تسمية وترقية ونقلة وتأديب دون أن تحظى بالحدّ الادنى من الوسائل المادية والمعنوية المتعين توفرها لديها لتحقيق الافادة والنجاعة في عملها والتي لا يتسع الان المجال لاثقال كريم مسامعكم بتعدادها الا انه تيسر بفضل الله الذي سخر تكاتف وتضافر الجهود بين اعضائها تخطيها الصعوبات وتجاوزها العقبات التي كادت تحول دون تحقيقها ما هو موكول إليها انجازه من الاعمال . ليس من غرضنا في هذه الكلمة ان نركز على نشاط السنة المنتهية لكي لا نثقل عليكم بسرد أرقام واردات القضايا ومفصولها بل تتجه إرادتنا لان نعبر لكم عما يشعر به القضاء من شرف أثيل وما يحسه عموم القضاة بهذه المحكمة وكل المحاكم بمختلف درجاتها من نخوة واعتزاز حيث نودع سنة قضائية ونستقبل اخرى نودع سنة منقضية تاركة في وجداننا طمأنينة نفسانية بما يستشعره كل من عرف الواجب وقام بأدائه باذلا كل ما في وسعه من مجهودات لحسن القيام به . ونشيد في هذا السياق بما بذل من مجهودات خلال السنة المنقضية من قبل الاخوة القضاة والمحامين شركائنا في تحقيق العدالة الى جانب الموظفين وأعوان القضاء من الخبراء وعدول التنفيذ والاشهاد وأعوان الضابطة العدلية من شرطة وحرس وديوانة . كما تركت في عزمنا شعورا يتملك صميمه ويختلج كيانه تصميم موطد واصرار مستميت لما نحس به من جسامة ما نتحمل من اجل النهوض باعباء اثقل امانة من واجب دعم امن الناس في ذواتهم وممتلكاتهم ومعاملاتهم وحرياتهم واعراضهم وحرية معتقداتهم ونعني بذلك سعينا – الذي نرجو أن يكون سعيا مشكورا- في تحقيق العدل بين الناس الذي هو كما قيل اساس العمران والتحوّل بالعدل من حيز الشعارات الى التجسيم في واقع الحياة . ولا نخال أنّ مثل هذا الامر في كونه ليس هينا ولا يسيرا يخفي عنكم سيما في هذه الفترة الانتقالية بالغة الحساسية التي تمر بها بلادنا والتي يجب أن يكون فيها قضاؤنا قضاء متوازنا يماشي رغبات المجتمع وتطلعاته ويتفاعل مع تحولاته وتطوراته . ان ما نحن مدعوون لان نجاهر به بلسان صدق ولا نخافت به في هذا الملا الكريم دون أن يكون في صدرنا حرج منه هو أن القضاء مثله مثل باقي سائر أجهزة الدولة سواء كان الامر في السلطة التنفيذية او في السلطة التشريعية لم يسلم ولم ينجو من فساد تصرفات وويلات النظام السابق بمختلف مكوناته الذي أمكن له ان يستغل ضلال فئة قليلة منه ضالة ضلالا مبينا فسخرها لتحقيق اغراض ومنافع لا حق له فيها تحت غطاء شرعية مزيفة . بقي أن ما ينبغي الاشارة اليه والتأكيد عليه انه لا مجال لتوخي التوظيف المقترن بسوء النية للافراط والمبالغة بالدفع بانتشار ظاهرة الفساد هذه في مجمل السلك القضائي و انتشارا لم يعد بالوسع تداركه ولا بالامكان اصلاحه ويتجه التذكير ان ما اتخذ في هذا الخصوص من مبادرات وقرارات بطريقة احادية الجانب بعلة تنقية القضاء ممن طالته يد الفساد وحاد عن الطريق السوي لا يستقيم التعويل عليه والاعتداد به طالما أنه لم يقع مراعاة في هذا الغرض الصيغ والطرق القانونية الواجب توخيها والشروط المتعين احترامها. الا ان ذاك لا يعني دعوة منا لالتزام موقف سلبي حيال هذا الواقع الذي ندرك تمام الادراك انه آل الى انعدام ثقة العامة والكافة في القضاء فتضاءل الاطمئنان اليه حين يشعرون باسترخائه وتغاضيه عن وجوب احترام مبدأ سيادة القانون . بهذا الحس ادركنا كنه رسالة القضاء وفي سبيل أداء هذه الرسالة سنبذل كل ما نملك من طاقات وجهود للمساهمة مساهمة فعالة تراعى فيها كل الضوابط القانونية الواجب مراعاتها في اصلاح المنظومة القضائية اصلاحا جذريا وعميقا في جميع مستوياته ليشمل جميع مواطن ومواقع الخلل فيها ويستبعد كل من ثقلت موازينه بتورطه في اعمال الفساد بشتى أنواعها. وسيتكاثف سعينا في هذا السياق سعيا حثيثا يحدونا في عملنا ويسندنا في اصرارنا وتصميمنا هذا رجاء فيما نعول عليه من امل في النوايا الحسنة والعزائم الصادقة في ضمان حصانة القضاء من الانحراف والحيف واختلال موازينه تحت تأثير اي عامل كان فتتحقق اشاعة الطمأنينة في نفوس الكافة مما يؤدي الى استعادة ثقتها في قضاء يكون افضل دعم لتثبيت عقيدة قدسية الحق وتوطيد مبدأ سيادة القانون وتكريس ما للعدالة من شأن في الضمير القومي وتنمية الشعور بقدر مكانتها في الدولة وحجم نجاعة دورها في المجتمع حتى يبلغ القضاء في هذه الدولة عنفوان قوته ويدرك اوج عزته بادائه في أهم فترة في تاريخه لدوره احسن اداء يضمن ان شاء الله حسن العاقبة وسلامة المصير . والله نسأل ان يجعل قضاءنا نزيها عادلا ومستقلا ضامنا لحقوق العباد وحاميا لامن وآستقرار البلاد أبد الدهر."