قال مساء أمس الإربعاء راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ان نتائج الانتخابات لم تكن صدمة للحركة، مضيفا : " صحيح انها جاءت أقل من توقعاتنا ولكنها في النهاية انتصار للديمقراطية ." كما أكّد في حوار مع برنامج بلا حدود بقناة الجزيرة رفض النهضة لكل قوانين الإقصاء، وقال : " لم نعاملهم بالمثل لأن الإقصاء ليس حلاّ بدليل ما حصل في العراق وأقطار أخرى". واعتبر انه في الانتخابات الأخيرة لم يتقدم أحد باسم النظام السابق وأنّ ، من وصفهم ب "أصنام الحزب الواحد" والزعيم الواحد سقطت نهائيا وأكّد ان الحركة لا تريد الهدم بل العفو وبناء المستقبل ، موضحا : "نحن نضرب المثل بتبنينا للعفو مثلما ورد في القرآن الكريم : لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ." ومن جهة أخرى، قال : "تونس فخورة بانتخاباتها وهي بلد صغير أصبح نموذجا يضرب به المثل وأدخل العالم العربي عصرَ الديمقراطية وأثبت أنها ممكنة في العالم العربي ، وقد هنأنا الحزب الفائز عقب صدور النتائج...و في الحقيقة لم تسرني النتائج وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وقد كان هدفُنا أن تنجح العملية الديمقراطية وفوز النهضة .. وترتيب النهضة في 33 دائرة كان إما الأولى أو الثانية وهذا يعني أن الشعب قد أرسل رسالة واضحة هي أنه لم يُعط أغلبية لحزب بعينه" وبخصوص طبيعة الحكومة القادمة، قال السبسي : «نريد حكومة وحدة وطنية وقد قلنا ذلك قبل الانتخابات ونجدد قولها الآن لأنها ستواجه تحديات كبيرة لن يقدر عليها حزب واحد بعينه ، ونحن لن نُفشل الحكومة الجديدة ولن نُعيقها كما فُعل من قبل مع حكومتنا لأن مصلحة تونس فوق كل اعتبار.. إذا عجز الحزب الأول عن تشكيل الحكومة يمكن أن يكلف رئيس الجمهورية الحزب الثاني أو غيره ، لأن الأحزاب تتشكل لكي تحكم وليس لأن تتخلى عن ذلك للتكنوقراط بل تستعين بهم» . وبالنسبة للقيادي بالنهضة عبد الفتاح مورو، أكّد الغنوشي انه أهل لتقلد أهم المناصب العليا في الدولة ولا مانع أن يكون رئيسا للمجلس الجديد و لكن لم يتم التفاوض بعد حول تقاسم السلطة ، وأضاف : «نحن سنكون في الحكم والشعب اختارنا لنكون رقما صعبا فيه «. كما أضاف : «نداء تونس جزءٌ من الشعب ونحن شعب يتعلم الحرية والديمقراطية ولا ينبغي تجريم طرف بالكلية». الاستبداد والإرهاب والأمن وعن عودة الاستبداد، أكّد ان هذا غير وارد و»الائتلاف بين الأحزاب قدر مقدور.. والاستبداد هو الذي فرّخ الإرهاب والفساد « . واعتبر ان الإرهابيين شباب مغرر بهم ويحتاجون التوعية، مضيفا :» وتحاورنا معهم قبل أن يرفعوا السلاح ، وعندما بدؤوا جمعه واستعماله تحول الملف إلى ملف أمني وقضائي ... والإرهاب ظاهرة معقدة ولا يمكن محاربتها بالحلول الأمنية بل بالتنمية والوعي والفكر والحوار «. وقال ان التحدي الأمني وتوعية الشباب مطلوب للتصدي للإرهاب . النهضة والرئاسية وحول عدم ترشيح النهضة لأي شخصية للرئاسية، ردّ الغنوشي:» لم نرد إيجاد استقطاب ثنائي يفسد الديمقراطية ويضر وحدة البلاد ... ويوجد 27 مرشح للرئاسة معظمهم أصدقاء أو حلفاء لنا ولا نريد ان ننحاز لأحد منهم ونعادي البقية وقد طالبنا من قبل برئيس توافقي ولكن أصدقاءنا لم يتفقوا فيما بينهم و لهذا تركنا لأنصارنا حرية اختيار من يشاؤون ..وبعض المرشحين للرئاسة رفضوا أن ندعمهم حتى لا يحصل (تصويت مفيد) ضدهم .» كما بيّن أنه سيمارس حقه في الانتخاب ، مشيرا إلى أنه بعد الدورة الأولى قد تنظر النهضة في دعم أحد المرشحين أو الحياد . وأضاف الغنوشي : «لا نريد أن نفرض على قواعدنا أحد المرشحين ولم نوصِ بانتخاب واحدا منهم بسبب وجود الكثير من الآراء في مجلس الشورى.. المرزوقي نكن له كل الاحترام وهو صديق لنا ولا توجد لنا توصية للتصويت له». وفي سياق آخر، أكّد راشد الغنوشي عدم وجود أحزاب» إرهابية» بل توجد أحزاب تعمل تحت مظلة الدستور والقانون . وأضاف : «ليس لدينا مشروع تصدير ثورة ولكن لدينا نموذج يوفق بين الإسلام والحداثة قد يهتدي به الآخرون ..والنهضة و تونس لهما مستقبل زاهر ونحن نستشرف الازدهار الاقتصادي ورفع مستوى الصحة والتعليم ولا نرى أي شيء يمنعنا من ان نكون مثل ماليزيا أو تركيا أو حتى سويسرا» . الربيع العربي ومن جهة أخرى، وحول إمكانية وجود ضغوط أجنبية، أجاب : «لا نقبل ضغط أي بلد علينا ولا يتجرّأ أي بلد على فعل ذلك «. وفي ما يهمّ الربيع العربي، فبين أنه تعثّر وأن صمود تونس يعطي الأمل للديمقراطية في البلدان الأخرى ، واعتبر ان الربيع العربي سينجح والتعثرات سيتم تجاوزها إن شاء الله . وعن الوضع المصري، فقال انه مختلف عن تونس فموقع مصر جزء من صراعات دولية وليس مثل تونس كما أن الجيش المصري يحكم البلاد منذ 60 سنة بينما جيش تونس لا شأن له بالسياسة ، كما أن الشعب التونسي من أكثر الشعوب العربية توحدا و اندماجا . وقال الغنوشي في حواره مع قناة الجزيرة : «الثورة الفرنسة احتاجت إلى مائة سنة حتى تصل إلى الديمقراطية أما اليوم فلا نحتاج إلى كل ذلك الوقت لأن النموذج الديمقراطي واضح اليوم وعلى العرب اليوم أن يفهموا ان عصر الحزب الواحد والزعيم الواحد قد انتهى وبدأ عصر الحريات وهذا شرف لتونس أن كانت السباقة إليه .» وختم الغنوشي حواره قائلا : «أوجه التحية للشعب التونسي الذي تمكن من تجاوز مطبات كثيرة فلم يغرق في العنف و أفشل مؤامرات الانقلاب ورفض المزايدات على النهضة بالثورية ... ونشكر قطروتركيا والجزائر وكل البلدان التي ساعدت تونس»