ظن الشارع الرياضي أن المخضرم أندريا بيرلو سيعلن اعتزال كرة القدم بعدما بلغ سن اليأس في عالم الساحرة المستديرة (33 عام) أو قبول عقد من قبل أحد الأندية الخليجية للاستفادة مادياً فيما تبقى من مشواره الكروي، لكنه فاجأ الجميع برفض طلاق محبوبته والبقاء معها دون تحديد مدة الصلاحية. إخلاص بيرلو للكرة وشبابه المتجدد كل عام دفع نادي "السيدة العجوز" لمنحه فرصة ذهبية من أجل مواصلة الحياة في الملاعب فضمه للفريق خلال ماي 2011، وظهر مع جوفنتس وكأنه شاب في مقتبل العمر، ناضج ميدانياً، متسلح بخبرة كبيرة ومهارة عالية. وسرعان ما أثبت بيرلو النظرة الفنية الثاقبة لليوفي وقاده للفوز بلقب الدوري الإيطالي 2012 بعد تسعة أعوام من الغياب، ويقترب النجم الكبير حالياً من إنهاء مسيرته الكروية في أبهى حلة على الصعيد الدولي إذ يحلم برفع كأس أمم أوروبا التي استعصت على بلاده منذ عام 1986. بيرلو المتوج مع "الآدزوري" بكأس العالم 2006، قدّم أروع عروضه في قمة إيطاليا وأنقلترا مساء أمس الأحد في الدور ربع النهائي التي انتهت لصالح بلاده بركلات الترجيح، وقد صفع الحارس جو هارت عندما سجل هدفاً من ركلة ماكرة نفذها بعقلية نادرة مستغلاً خبرة السنين إذ سددها ببطء شديد وخفة بارتفاع متوسط في وسط المرمى فيما ارتمى هارت بعنف نحو اليمين. ونستطيع القول أن بيرلو كان نجم المباراة بالمشاركة مع رفيق دربه الحارس القائد جانلويجي بوفون، فكلاهما دعم المنتخب الإيطالي بكل ما أوتي من قوة واستحقا الخروج من الملعب مرفوعي الرأس فالخبرة والثبات أوصلا الآدزوري إلى نصف النهائي. ويتساءل المتابعون إن كان بيرلو بالفعل قد تجاوز الثلاثين من عمره لاسيما أنه لعب 120 دقيقة أمام أنقلترا دون أن يكل أو يمل من توزيع الكرات وإيصالها بإتقان إلى الجناحين والمهاجمين فضلاً عن تواجده في كل متر مربع في الملعب. لطالما أفصح بيرلو لوسائل الإعلام الإيطالية بعشقه للنجم الأسطوري روبارتو بادجيو وحلمه بأن يصل إلى مستواه الفني في يوم من الأيام، ولكن هناك من يرى بأن "العقل المدبر" للمنتخب الإيطالي حالياً بات في قامة الأساطير الكروية الإيطالية خصوصاً أنه حقق كل البطولات الأوروبية مع فريقه السابق ميلان ولقب المونديال مع المنتخب وينتظر الفوز بكأس أوروبا الغائب عن ايطاليا منذ 26 عاماً. فهل يتمكن بيرلو من الإطاحة ببقية النجوم في دورة 2012 ويحقق الكأس الأوروبية الوحيدة التي لم يتذوق طعم الفوز بها على الصعيد القاري؟ أم أن كرة القدم ستخذل الطليان كما فعلت في عام 2000 عندما خسروا اللقب أمام فرنسا بقاعدة الهدف الذهبي؟