أثناء تقديمه لمحاضرة في مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات صبيحة يوم السبت 23 جوان الجاري حول تجربة حكمه وتحديدا حول ما أسماه بصراع السرديات الذي حكم الثورة التونسية قال الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي الكثير من الكلام الذي يستحق أن نتوقف عنده ومما جاء على لسانه قوله أنه يرفض فكرة المظلومية أو أن يكون ضحية للإعلام الذي قام دون هوادة معركة لتشويهه وترويج الاشاعات الكثيرة ونشر الاكاذيب حوله لسبب بسيط وهو أنه في صراع مستمر مع جزء من إعلام المنظومة القديمة الذي خدم النظام القديم ومع الآلة الاعلامية التي اشتغلت بعد الثورة بكل قوتها لإظهاره في صورة الرئيس الفاشل والتروكا في صورة الحكومة التي لم تحقق شيئا للشعب وأقر أن هذا الجزء من الإعلام المرتبط بمنظومة الحكم السابقة قد كسب شوطا في هذا الصراع ولكنه لم يربح المعركة وهي معركة من أجل الاقناع بسردية الثورة التي يمتلك المرزوقي رواية لها خاصة به يعتقد في صحتها في حين أن المعارضة والإعلام لهما سرديتهما الخاصة بهما والتي لا يمكن أن تلتقيان. في هذا اللقاء عاد المرزوقي إلى قضية تسليم البغدادي المحمودي وكيف أنه لم يكن موافقا على تسليمه من منطلق حقوقي وأخلاقي وإلى موضوع الانقلاب الذي دبرته المعارضة بتنسيق مع الجهة العربية التي كانت وراء الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي وقدم روايته حول ما تم ترتيبه من أجل إعادة السيناريو الدموي المصري بكل تفاصيله وكشف عن كل المعلومات التي توفرت لديه حول محاولة افتكاك السلطة بغير الطريق الديمقراطي. كما عاد إلى الموقف الذي اتخذه من النظام السوري وكيف أنه كان موقفا سليما ومنحازا الى الثورة السورية وإلي الشعب السوري وكيف أنه كان الموقف الذي يجب أن يتخذ في تماهي مع الموقف من الثورة التونسية وكل الثورات العربية وانتقد بشدة المعارضة وجزء من الاعلام الذي وقف مع النظام السوري وانتصر للمستبد وذكّر بموقفه من مؤتمر أصدقاء سوريا الذي كان مؤتمرا لنصرة الشعب السوري حيث كان رافضا لتسليح المعارضة واستدعاء الأجنبي وتحويل الثورة السورية من ثورة سلمية إلى ثورة دموية وهي سردية لم يقبل بها الإعلام الذي روج إلى سردية أخرى تنتصر لبشار الأسد بدعوى أنه من الممانعة العربية . عاد المرزوقي في هذه الندوة إلى الكثير من القضايا الخلافية والتي نسجت حولها سرديات مختلفة وظفت في الصراع السياسيى ومعركة الحكم ولكن أهم سردية قالها المرزوقي هي إقالته لمحافظ البنك المركزي حينما توفر على معلومات خطيرة تقول بأن المحافظ كان يعمل ضد مصالح الوطن وهو اعتراف خطير من المرزوقي بخصوص من كان يشغل هذا المنصب في بداية الثورة . وصف المعارضة التونسية وخاصة اليسارية منها بالغباء وبأنها وضعت لنفسها هدفا أحمقا وهو هزم النهضة والدخول معها في معركة لا تحتاجها البلاد في حين أن المعركة الحقيقية هي معركة التنمية ومعركة مع الفقر والبطالة والتدخل في السيادة الوطنية وحماية الاستقلال من عدوة الاستعمار في أشكال جديدة من بوابة الاستدانة والارتهان للمؤسسات المالية العالمية يقول المرزوقي أنا يساري ولكني لست كاليسار الايديولوجي وإنما أنا يساري اجتماعي منتصر لقضية العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر لقد كان برنامجي إخراج ملونين من الفقراء خلال فترة محددة لكنهم غلبوا الايدولوجيا. تحدث عن السياسة الخارجية للدولة وكيف أنه حاول أن ينفتح على العمق الافريقي وحاول إبرام اتفاقيات تجارية واقتصادية مع البلدان الافريقية لجلب الاستثمارات وأن يمتد مغاربيا من خلال إحياء الوحدة بإقرار الحريات الخمس المغاربية وهي حرية التنقل وبطاقة الهوية والعمل والإقامة وحرية التملك والمشاركة في الانتخابات البلدية وقدم روايته عن الدبلوماسية التونسية في عهده التي كانت معبرة عن السيادة الوطنية على عكس الأداء السيئ الذي ظهرت عليه الخارجية التونسية بعد مغادرته قصر قرطاج والملفات في هذا الخصوص كثيرة. تحدث عن المنظومة القديمة وعن عودتها و استعادة عافيتها من جديد مستعينة بالمنظومة الاعلامية التي وظفها بن علي المتحالفة موضوعيا مع غرفة العمليات التي خططت لإفشال الثورة المصرية وإسقاط الرئيس مرسي وهي نفس قاعدة العلميات التي خططت وتخطط اليوم لتوجيه الانتقال الديمقراطي الوجهة التي تريد وتخدم مصالحها بشراء الذمم بالمال الفاسد. عن كل هذا وغيره تحدث المرزوقي مركزا على فكرة محورية وهي أننا نعيش في راهن الثورة صراع الذاكرات وصراع السرديات وحرب متواصلة مع المنظومة القديمة التي يتزعمها جزء من الإعلام والغلبة لمن يستطيع ويقدر أن يقنع بسرديته وروايته لقصة الثورة التونسية.