وأخيرا هدأ الشارع الأردني بفضل مبادرة ملك السعودية الذي دعا إلى قمة مصغرة بمكة المكرمة لمحاولة إخراج الأردن من أزمته الاجتماعية وتهدئة الأوضاع هناك، وإنقاذه من ضائقته المالية نتيجة لبعض المتغيرات الإقليمية فقد توقفت مبادلاته التجارية مع كل من سوريا والعراق بسبب أوضاعها الداخلية المتردية، وهو ما انعكس سلبا على موازناته المالية فأصبح من الصعب عليه الإيفاء بالتزاماته تجاه صندوق النقد الدولي الذي طالبه باتخاذ إجراءات تقشفية ومزيدا من الضرائب مست كل الطبقات الشعبية وتسببت في صدمات و احتجاجات سرعان ما تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة .... وهذا ما حدا بالسعودية وجيرانها إلى التحرك العاجل لتخفيض التصعيد وتقديم المساعدات المالية اللازمة للشقيق الأردني لضمان استقراره، خاصة وهو يعتبر العمق الاستراتيجي لكل دول الخليج حيث أنه دولة مواجهة تحتم عليه إرساء اقتصاد حرب ..... ومن أهم عوامل إنجاح هذه المبادرة السعودية هو شرف المكان والزمان وصدق النوايا و الإحساس النبيل بمشاكل الشقيق ومتاعبه و همومه والنظر في ضرورة التخفيف منها وهذه اللفتة الكريمة تحسب للعربية السعودية التي أثنى المواطنون الأردنيون عليها حيث اعتبروها منطلقا لتمتين علاقات الأخوة و حسن الجوار و تجسيما حقيقيا للتضامن العربي في أبهى صوره. حبذا لو اقتدى الأشقاء المغاربيون بهذه المبادرة حيث يعلم الكل الصعوبات التي تعترض الاقتصاد التونسي في حين أن الجارة الجزائر تنعم بثروة طاقية هائلة : فهل يفكر الإخوة الجزائريون في مؤازرة أشقائهم بتونس الذين ضاقوا ذرعا من ارتفاع الأسعار وتفشي البطالة و الترفيع المتواصل في أسعار المحروقات، فما فعلته المملكة السعودية مع الأردن ومع دول الجوار إنما هو مساهمة منها للتصدي للمشروع الإيراني الذي ينتهز فرص وجود هذه التقلبات والغضب الشعبي ليبث إيديولوجيته عن طريق مساعدات مسمومة. إن لم تتحد المواقف العربية والنوايا الصادقة سنجده يوما ما جاثما على مقدراتنا الدينية و الاجتماعية و السياسية، لا ننسى ان التأثير الإيراني وصل إلى الصحراء الغربية، ألا يحمّلنا ذلك مسؤولية جسيمة في ضرورة اليقظة و الاستجابة في المقام الأول للمسائل المالية. إلى متى سيتواصل التوتر بين الجارتين الشقيقتين الجزائر و المغرب ؟ أين المبادرات الإقليمية أو المحلية للتغلب على مثل هذه الإشكاليات ؟ المبادرات والتحالفات الخليجية في الآونة الأخيرة جديرة بالتشجيع و المساندة. ألم يحن الوقت بعد بأن نقول أن السعودية تقود تحالفا إقليميا فعالا وناجعا ؟ متى ستتحد الآراء العربية وتتوّحد مبادراتهم الخيرة؟