مع ارتفاع تكاليف الحج لهذه السنة تعددت الآراء واختلفت حول دواعيه، وهذا ما حدا ب "نقابة الأئمة" إلى دعوة دار الإفتاء إلى إصدار فتوى بعدم جواز الحج لهذه السنة، وكان ذلك على إحدى صفحات الجرائد الأسبوعية مدعية أن السعودية هي السبب في ذلك، وهذا ما استاء له العديد من المتتبعين والمتشوقين لهذه الشعيرة الهامة والحساسّة بالنسبة للتونسيين الذين يعتبرون أن الحج خط أحمر نظرا لأهميته في المجال الديني و العقائدي، وقد كان من المتوقع ارتفاع هذه التكاليف نظرا للصعوبات الاقتصادية التي تعيشها بلادنا حيث اضطراب في الإنتاج لمصانع الفسفاط والتوريد العشوائي لعدة مواد غذائية غير ضرورية و أخرى كمالية وتوريد السيارات ألا يعتبر ذلك استنزافا للعملة الصعبة؟ أضف إلى ذلك انتعاشة السوق الموازية، الارتفاع المتواصل في الأسواق العالمية لأسعار البترول وانخفاض صادراتنا... وكنتيجة لكل ذلك رأينا التدحرج المستمر لقيمة الدينار، وهنا بيت القصيد إذن ارتفاع تكاليف الحج سببه الرئيسي هو انخفاض قيمة الدينار وكما قيل "نعيب زماننا والعيب فينا" فكان على الأئمة الموقرين وانطلاقا من واجبهم الديني دعوة مرتادي المساجد إلى تثمين قيمة العمل والمثابرة والتفكير الجدي في مصلحة الاقتصاد الوطني كمقاطعة المواد الموردة و القطع مع الاعتصامات والإضرابات وفسح المجال أمام المبادرات الخيرية لرفع نسب النمو فتعود للدينار عافيته وينتعش الاقتصاد. وباتصالنا بأحد الموظفين بالسفارة السعودية بتونس أفادنا أن تسعيرة تذكرة الطائرة للحاج على الخطوط السعودية تحددها الخطوط التونسية نفسها أما معلوم السكن هناك فلا دخل للحكومة السعودية فيه بل يحدد بين الجانب التونسي ومالكي النزل إذن لماذا حشر الدولة السعودية في هذا الشأن؟ لماذا توتير العلاقات بين الحكومتين والحال أننا في أمس الحاجة لتحسين علاقاتنا مع كل الدول؟ كفانا تسرعا في اتخاذ المواقف المضرة بمصالحنا القومية أليست سياستنا منذ القدم تتسم بالاعتدال و الاحترام المتبادل والعديد من التونسيين رفضوا ما ورد عن نقابة الأئمة و رأوا فيه تحديا لمشاعرهم الدينية، فالحج أمنية الجميع مهما غلا ثمنه فأجره وثوابه أهم لديهم مما سينفقونه من أجله. اللهم يسّر الحج و أهد به بني وطننا ليشمروا على ساعد الجد وينهمكوا في العمل ويقطعوا مع كل مجالات الفساد التي أضرت بالبلاد والعباد.