لدى مرافقتي للاستاذ الامريكي الدكتورعبد الهادي هنركمب الذي جاء الى بلادنا لاول مرة في زيارة علمية استطلاعية وروحية صوفية باعتباره شا ذليا ظل لاكثر من اربعين سنة بعد اعتناقه للدين الاسلامي يبحث وينقب في خزائن المخطوطات الخاصة ليخرج لقراء العربية ذخائرونفائس الكتب العلمية المتعلقة باعلام منطقة الغرب الاسلامي( الاقصى والاوسط والادنى)والشاذلية في مرحلتها التونسية التي لاتزال مغمورة مجهولة واكتشف الاستا ذ عبد الهادي بعض مايسلط الضوء عليها وقد طلب الدكتور عبد الهادي ان تنظم له زيارة معالم الاعلام الذين عرفهم وقرا عنهم وقرا لهم من شيوخ تونس وصلحائهاالذين تجاوز اشعاعهم حدود تونس ليصل الى اقصى المغرب والمشرق ممن كان ولايزال لهم الاثر البارزفي مختلف مجالات الثقافة العربية الاسلامية لقد طلب زيارة مقام سيدي ابي سعيد الباجي احد شيوخ سيدي ابي الحسن الشاذلي ومقام سيدى عبد العزيز المهدوي الذي كانت له علاقة وثيقة بالشيخ الاكبر محي الدين بن عربي صاحب الفتوحات المكية والمقام والمغارة الشاذلية ومقام سيدي ماضي بن سلطان خادم سيدي ابي الحسن ومقام سيدي علي الحطاب اول من التقى به ابوالحسن فيما يسمى اليوم المرناقية وهو بذلك من اوائل اصحابه وكان اللقاء في شاذلة والتي ينسب اليها الامام الشاذلي وبها سماه شيخه سيدي عبد السلام ابن مشيش حيث قال له(تسكن شاذلة وبها تسمى الشاذلي ) وهو يرسم له خريطة طريقه التي اتبعها ابوالحسن بكل انضباط وكان له رحمه الله كل مااخبره به شيخه وهويودعه وزار الدكتور عبد الهادي مقام الولية الصالحة السيدة المنوبية والخلوة الشاذلية بسوق البلاط ولقد شدت هذه المعالم الدينية التي لايعرفها الكثير من التونسيين حتى كمعالم اثرية حضاريةوثقافية وهي خير شاهد ودليل على ثراء الموروث التونسي الذي تفتقر الى اقل القليل منه اغلب البلدان العربية والاسلامية والتي تحاول ان تعوضه ببناء الابراج الاسمنتية الغريبة على البيئة العربية الاسلامية بينما تتوفر البلاد التونسية على الكثير من المعالم التي هي اية من ايات الفن المعماري التي لواستفيد منها لجعل من تونس قبلة للسياحة الثقافية المتميزة في عراقتها وثرائها وعمقها الروحي الذي له اليوم في زمن طغيان المادية رواد من كبار الباحثين والدارسين في اروبا وامريكا يجد الزائر لهذه المعالم سكينة وطمانينة وراحة نفسية لايجدها في مايشيد من ابراج ومتاحف وقاعات عروض ثقافية ويا للاسف الشديد معالم تونس الثقافية ذات الصبغة الدينية بعضها متداع للسقوط يوشك ان ينهار على مراى ومسمع من الجميع ولااحد يحرك ساكنا مثلما لم تحرك ساكنا بعض الاطراف والهياكل الدينية ذات الصلة عندما وقع قبل سنوات الاعتداءو الاحراق والهدم والاتلاف لبعض هذه المعالم التاريخية والدينية كماوقع بالنسبة لسيدي بوسعيد والسيدة المنوبية وغيرهما من المعالم العريقة في شمال البلاد ووسطها وجنوبها منطرف من عدوا انفسهم فاتحين ومصلحين وماهم كذلك وانما هو الادعاء ونشر الفتنة النائمة( بدعوى محاربة الشرك والوثنية والحفاظ على عقيدة التوحيد وكان اهل تونس بلاد الزيتونة بلاد العلماء الاعلام من علي بن زياد و سحنون واسد ابن الفرا ت مرورا بابن عرفة ووصولا الى ابن عاشور قد خرج اهلها من ملة الاسلام واصبحوا من عبدة الاوثان والحال ان السنتهم لاتزال والحمد لله تردد كلمة التوحيد ) ان معالم عديدة في تونس( ولاشك ان الامر كذلك في بيقية المدن والقرى التونسية) منها على سبيل الذكر لاالحصرجامع الصفصافة( والذي يعرف بمثوى الصالحين الذين كانو ا يجتمعون فيه) القريب من كلية الاداب 9افريل ومقام سيدي علي الحطاب في المرناقية القريبة جدا من العاصمة والذي تربطه بتونس العاصمة الطريق السريعة والذي يتكون من فضاءات متعددة في غاية الجمال والتميز المعماري ولكن مياه الامطار توشك ان تجعله ينهار في حين ان صيانته لاتحتاج الى اموال طائلة يمكن اذا وضعت خطة لصيانة هذه المعالم يشرك فيها الى جانب الدولة مكونات المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات وحتى الهيئات الدولية المختصة كاليونسكو والالكسو و الافراد من المهتمين بالموروث الثقافي والروحي ووقعت المسارعة الى ذلك لحفظنا هذه المعالم الثقافية العريقة من الاندثار ولامكننا توظيفها سياحيا ولجعلنا من بلادنا قبلةالزوار من مختلف البلدان كنت وانا اتجول في مكونات المعالم التي زرتها مع الضيف الامريكي احس بحسرة وحزن عميقين ( وقد لاحظت على ملامح الضيف الامريكي نفس الشعور) من جراء الاهمال لكنوز بلادنا والحال ان الانفاق في مجالات اخر ى كل صائفةهو بالمليارات بدون مبالغة و جزء بسيط من هذه الاموال لو انفق في صيانة هذه المعالم الدينية والحضاريةوالثقافية واعادة تاهيلها وادخالها في الدورة الثقافية لحققنا لبلادناالاضافة المتميزة في هذا الزمن الذي لايعترف الا بالتميز وتونس كانت متميزة تاريخيا ولانريد لها ان تفقد هذا الدور الريادي