اخوكم ابوذاكر مغرم بالاستماع الى مختلف الاذاعات التونسية في كل الأوقات وهذه عادة لاغلب التونسيين في مثل سني تعودوا عليها منذ سنوات وسنوات ولست ادري هل لفت انتباه التونسيين ان اذاعاتنا اصبحت مغرمة ببث اغاني فئة المزاودية الذين تناسلوا وتكاثروا في هذا العصر وفي الوقت وفي هذا الحين في هذه البلاد التونسية اذ كلما فتحت المذياع الا وسمعت اغنية (مزودية) ان صح التعبير وكان جميع الأنماط الفنية الأخرى قد ماتت وبادت وانقرضت ولم يبق الا فن المزود الذي اصبح النوع الأول المسموع في كل حين وفي كل وقت في كل شارع وفي كل بيت ولقد جعلني هذا الوضع الفني المنتشر والغالب على كل انواع الفنون الأخرى في هذا الوطن اتذكر وضع فن المزود منذ زمان او منذ زمن اذ ان المزود لم يكن شيئا مذكورا ولا منتشرا ولا مسموحا به في زمن بورقيبة لا في الاذاعة ولا في التلفزة وانما كان يسمعه عشاقه بوسائلهم الخاصة كما كانت بعض العائلات وخاصة الريفية تجلب فرقة مزاودية في بعض احتفالاتها الخاصة العائلية واني لاذكر الى اليوم ان خالي رحمه الله وهو بلدي من البلدية قد احضر في ختان ابنه زمن الستينات فرقة من فرق المزاودية فلما رايناها وسمعناها عجبنا لما فعله خالي واعتبرنا ذلك منه زلة لا تليق بتقاليد عائلتنا واعتبرناه في ذلك الوقت قد جاء شيئا فريا او كما يقول البلدية (عمل فترية) ولكن بما ان الزمان لا يعرف الثبات ولا الاستقرار على حال فقد تغير الأمر في عهد بن علي الى يوم الناس هذابل استفحل وزاد اذ فتحت أبواب الاذاعات والتلفزات والمهرجانات للمزود وللمزوادية في كل مجال فاصبحوا يرتعون ويصولون في مختلف التظاهرات الفنية واصبحوا يقبضون ما شاء الله من مائت والاف الدينارات ولعل الأغرب والأعجب من كل هذا ان جميع الفنانين والمطربين اليوم قد اقبلوا على اداء واستنباط وتاليف وتلحين الأغاني على نمط هذا المزود ارضاء للذوق العام الذي اصبح كما يقولون يميل الى هذا النوع من الفن باعتبار ان اغلب التونسيين اليوم اصبحوا يحضرون الاحتفالات والمهرجانات شيبا وشبابا نساء ورجالا للرقص والشطيح وتدوير الحزام والغريب ايضا ان هؤلاء الفنانين والمطربين والمعنين يقولون ويدعون في كل مقام انهم يريدون ان يرتفعوا بالأغنية التونسية الى مستواها المرموق زمن خميس ترنان وصليحة و علي الرياحي والجموسي ونعمة وعلية ولكنهم ينسون او يجهلون ان جميع هؤلاء المذكورين والمبدعين لم نسمعهم يوما قد غنوا اغنية واحدة من اغاني المزاودية او لحنوا لحنا واحدا من هذا اللون وهذا النمط في كل مسيرتهم الفنية بل كان لهم نمطهم الرائع الرفيع الخالد الى اليوم من بين جميع الانماط التونسية وبمفيد ومختصر الكلام ان اغلب المغنين والمطربين عندنا اليوم يصدق عليهم ذلك المثل(سود وجهك ولي فحام) اذ لما عجزوا عن تاليف وتلحين أغان في مستوى اغاني الزمن السالف الجميل مالوا الى لون ونوع واحد وهو لون ونوع اغاني المزاودية المعتمدة على الموسيقى الصاخبة المصحوبة بالرقص والشطيح ووتدوير الحزام بصفة جنونية هستيرية فهل نقول ونحن صادقون ان هذا الزمان هو عصر المزود والمزاودية؟ وعصر الاغاني والألحان والكلمات الردئية الهابطة السوقية؟ وهل يسمح الذين قرؤوا مقالي فتعجبوا وربما سخطوا عليه وعلي وغضبوا ان اذكرهم بقول ذلك الشاعر الذي رحل وذهب في ذلك الزمن الجميل مع الذين رحلوا مثله و ذهبرا(...وللناس في ما يعشقون مذاهب)وانا حر في ان اقول في هذا المزود وهذا العصر ما اريد وما احب رضي من رضي وسخط من سخط وغضب من غضب واحب من احب