تحولت هذا الأسبوع الى الحمامات لأقضي فيها بعض الايام في محل كنت اشتريته قبل أكثر من عشرين عام في تقسيم يسمى بجنان الحمامات كان قلبها غابة مزروعة بأشجار السرول والكاليتوس بعد الاستقلال في زمن كانت حظائر مقاومة التخلف تغرس الاشجار في كل مكان، وكانت في الأصل للتخفيف من البطالة وتشغيل الرجال بمقابل يومي حدد بمائتي مليم نقدا ومن الدقيق ثلاثة أرطال. يقع ذلك الفضاء بين بوفيشة وبئر بورقبة في مكان يسمى براكة الساحل التي اشتهرت بالمؤامرة المفتعلة زمن نظام الحكم الذي كان وهي تقع بالتحديد في مدخل الحمامات تلك المدينة الجميلة التي حباها الله بكل الأوصاف الجميلة من طقس معتدل وحدائق من البرتقال قل مثيلها في البلدان. كان حظي ان اشتريت مسكنا في ذلك التقسيم الذي اعجبت بتخطيطه على الورق وقلت لعلها فرصة تمكنني مع عائلتي من التمتع بالبحر ومن التردد على عملي بالعاصمة الذي كثيرا ما يجبرني على التواجد، وانا المختص في الدفاع عن المظلومين واصحاب المصالح بصفتي محاميا. كان ذلك منذ أكثر منذ أكثر من عشرين سنة وكانت حركة المرور وقتها ميسورة ولا تأخذ عادة أكثر من ساعة في الصباح ومثلها في المساء خاصة بعدما تم بناء الطريق السيارة التي زادت في تقريب المسافات بين البلدان. تعودت على ذلك سابقا وجمعت ببن الواجب المتعة والراحة والنوم بدون مكيفات للهواء وعرفت من المصطافين امثالي رجالا كرماء باتوا لي اصدقاء ومازال البعض منهم الى الان والحمد لله. اما وبعد ان تعقدت حركة المرور وصعوبة الدخول الى العاصمة والخروج من الحمامات فقد أصبحت مجبرا على الإقامة المستمرة والاستقرار في تلك القرية التي تصبح آهلة في الصيف بأصحابها ويقيم فيها أكثر من مائتي عائلة وتكبر صيفا ويتكاثر فيها السكان من الابناء والبنات والأقارب والاحباب ليصل عدد سكانها في ايّام العطل والاتحاد لأكثر من 2000 مصطاف. وكان في تلك القرية السياحية نادٍ خاص بها أقيم على شاطئ البحر به مطعم ومقهى وبركة للسباحة وأدواش وتقام فيه الأمسيات الخاصة وحتى الملتقيات الثقافية في بعض الأحيان. ذلك الفضاء المشترك كان مفروضا على الباعث العقاري بكراس الشروط التي على اساسها تحصل على رخص البناء وقد التزم بذلك وتم تهيئته على أحسن حال في السنوات الاولى وكم استفاد منه السكّان مع ضيوفهم عند الاقتضاء. كان البناء والتجهيز محسوبا في الكلفة التي دفعها المشترون مضافة في عدد الامتار بالعدل والقسطاس وقبضته الشركة العقارية المتعهدة بالمشروع مسبقا بدون نقاش، وكان ذلك الفضاء مطلا على البحر ومخصص له فضاء خاص بين الفنادق المحاورة، حتى تم التفويت فيه لاحد الخواص الذي كان مسنودا من أصحاب الشأن في زمن جمهورية كأنَّ فأقام علية عمارة سدت الرؤيا على الجيران وحرم أكثر من ألفي شخص من حقهم الشرعي بتواطئي من السلط المختصة ونقابة السكان، في حين انه من الفضاءات العامة التي لايمكن التفويت فيها الا بشروط ومنها موافقة السكان ولكن ذلك لم ينفع امام قوة السلكة والمال وبات اليوم ذلك البناء مهجورا مثلما كان الحال لقصر الباي في المحمدية الذي بقيت عبرة لمن يعتبر من بني الانسان. والمهم الان وبسبب ذلك التجاوز الخطير أصبح كل من السكان في ذلك الفضاء الذي كان، ملازما لبيته يقضي ايامه تلك في اقامة جبرية اختيارية ولا يلتقي طيلة الصيف باي إنسان، وخاصة بعدما أغلق صاحب المحل التجاري متجره تعسفا وبات الواحد منا مجبرا على التحول الى براكة الساحل التي تبعد عن تلك الإقامة بنحو خمسة اميال ليشتري خبرة بمائتي مليم إلا عشر ويزيد عليها خمسة دنانير وقودا للسيارة. وكل صيف ونحن بخير وبركة نتحمّل الغباء والصبر على القضاء. وتلك هي نخبتنا التي كان من المفروض ان تكون قدوة لغيرها في الحياة الاجتماعية وقد عوضت ذلك الفضاء ببناء احواض سباحة خاصة بها تستعملها لمدة شهر واحد وتتحمل تكاليفها من ماء وكهرباء ومطهرات وصيانة طيلة عام وتعمق التوحد ببن السكان.