رغم محدودية الجمهور الذي لم يتعد الألفشخص بين المدارج و الكراسي و لكن يبدو وأنّ قاعدة العبرة في الكيف و ليس في الكم تجسدت في هذه السهرة الأسبانيةالموسيقى و الغجرية الرقص التي منذ انطلاقها في حدود العاشرة ليلا شدّت الحضور عبر الموسيقى النّوعية و الاستثنائية التّي تعلقّ بها الجمهور و انخرط في أجوائها منذ الوهلة الأولى و ترك لجسده العنان ليتمايل على ايقاعها و كأنّه في رحلة حنين إلى حقبة تاريخية تشدّه إلى اسبانيا التّاريخ، لتبدأ رحلة الغناء حيث تغنّت الفرقة بقديم الموسيقى الاسبانية و أيضا العربية على غرار أغنية " سلام عليكم و عليكم السلام" التي اندمج الجمهور بكل شرائحه العمرية في أجوائها و غنّى و تمايل على أنغامها و ايقاعاتها السريعة و كان الكلّ منغمسا في أجواء الحفل و الرقص و الموسيقى و الاستمتاع بهذه الأجواء التي تذكرهم بحقبة تاريخية في اسبانية على شاكلة ما احلى الليالي في اشبيليا و أجواء الفلامنكو الجميل و الرقص الغجري الساحر. و ما زاد السهرة سحرا على سحر هو وجود راقصة تابعة للمجموعة الموسيقية زادت السهرة انتعاشا و حرارة برقصها الغجري المتميز و بحركاته و تمايل جسدها المطيع حيث نزلت من فوق الركح و اندمجت مع الجمهور و أخذت ترقص بينهم إلى درجة أضحى الجميع يشاركها الرقص بما فيها سفيرة كندا بتونس التي رصدنا وجودنا بين الحضور مع بعض من رفيقاتها الكنديات أيضا و لا بدّ هنا من التنويه و أنّ السفيرة أنت بصفة شخصية لا رسمية و اقتنت تذاكر دخولها و لمن صاحبها مثل المواطنين العاديين هذا و قد رقص الجميع كما لم يرقصوا أبدا لتمتزج الأجساد بالموسيقى و بصيحات الإعجاب و الانتعاش. و لكن ما لم نفهمه هو غياب الجمهور على مثل هذه العروض الراقية التي يجد فيها الشخص الاسترخاء التام و عذب الموسيقى و جمال الرقص بعيدا عن الصخب و الهرج و المرجو خاصّة الاطّلاع على نوعية جديدة من الموسيقى الاسبانية الضاربة في القدم و أيضا على نوعية الرقص الغجري الأصيل و على نغمات آلة القيثارة بالخصوص فهل ذاك مردّه ضعف في التواصل من إدارة المهرجان و التسويق لهذا العرض أم الجماهير غير معنية بالبحث عن النوعيات الجديدة و تنساق بالتالي وراء كلّ ما هو معروف على الساحة و كفى المسلمين " بحثا" و تنقيبا.